(ووتر جيت) ميردوخ.. هل تطيح بالنفوذ الصهيوني في الإعلام؟

منذ 2011-07-12

تعتبر مجموعة ميردوخ الإعلامية واحدة من 3 مؤسسات تحرص جمعية الصداقة الأمريكية "الإسرائيلية" على شكرها؛ لدعمها "الدولة العبرية" إعلاميا واستثماريا..



العدد الأخير من نيوز أوف ذا وورلد زلزال عنيف هز أكبر إمبراطورية إعلامية في العالم يملكها الصهيوني المتطرف روبرت ميردوخ عندما أعلنت صحيفته "نيوز أوف ذا وورلد" موتها بفضيحة وهي الصحيفة التي ظلت في قلب الحياة الصحفية البريطانية مدة 168 عاما، لكنها الآن اختارت الإغلاق بعد الكشف عن تورط جهازها التحريري في فضيحة مدوية تتمثل في التنصت على هواتف عامة الناس، وليس فقط المشاهير والعائلة المالكة، من أجل الحصول على سبق صحفي.

 
 
وجاءت وفاة الصحيفة المعروفة بأنها من كبرى صحف الإثارة البريطانية بقرار من مالكها الأسترالي -الأمريكي روبرت ميردوخ الذي تمتد إمبراطوريته الإعلامية في كل أنحاء العالم من الصين إلى بريطانيا والساحل الشرقي في الولايات المتحدة، وأماكن أخرى من العالم ومنها العالم العربي.
 
 
كما يملك روبرت ميردوخ رئيس مؤسسة "نيوزكورب" -التي تنضوي تحتها المئات من العناوين المشهورة في عالم الإعلام المقروء والمسموع والمرئي - عدة صحف في بريطانيا تسيطر على الساحة الإعلامية مثل صحيفة "التايمز" اليومية بالإضافة إلى الشعبية اليومية أيضاً "الصن" وهي توزع أكثر من خمسة ملايين نسخة في اليوم الواحد، وتهيمن على مزاج الرأي العام بالإضافة إلى محطة "سكاي" التليفزيونية للأخبار التي أنشأها عام 1989 ثم اندمج مع 'بي اس بي'، التي تحولت إلى "بي سكاي بي"، وهي المؤسسة التي كان ميردوخ يحاول شراءها قبل أن تتفجر الفضيحة.
 
أما فيما يتعلق بصحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" التي تم إغلاقها قبل يومين فهي منذ امتلاك ميردوخ لها عام 1969 وهي تعتمد على الإثارة بكل صورها، سواء بشأن الأخبار الاجتماعية للمشاهير أو الحياة السياسية، أو فيما يتعلق بالتحقيقات الكبرى التي تتضمن معلومات تخترق الحياة الخاصة وتعتمد التصنت على المكالمات الهاتفية ودفع مبالغ باهظة للحصول على مذكرات أو نشر وثائق خطيرة تجذب اهتمام الرأي العام.
وكانت صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" في النصف الأول من أربعينيات القرن التاسع عشر، بمثابة خادمة الطبقة العاملة، ونصيرة المرأة ضد الاستغلال والمدافعة عن المظلومين في المستعمرات، وفي ذلك الوقت ظلت الصحيفة هي الأشهر والأكثر توزيعاً والأزهد ثمناً.
 
 
وقد تجاوزت الصحيفة في عهد اليهودي ميردوخ جميع الخطوط وحققت سطوة على الحياة السياسية، حتى أن الكثير من أخبارها كانت السبب في إخراج وزراء من الحكومة أو طرد مسؤولين أو فضح المشاهير وإتلاف حياتهم وذلك من خلال الكشف عن أسرارهم الخاصة، فضلا عما كانت تقوم به من إزعاج للسلطات الأمنية، نتيجة تورط الصحيفة في ملفات مرتبطة بجرائم قتل وخطف واغتصاب.
 
لكن الكشف عن عملية تلصص على ضحية اختطفت ثم قتلت وهي ميلي داولار، وعلى عائلات ضحايا تفجيرات لندن عام 2005، والتنصت على عائلات الجنود القتلى في العراق وأفغانستان، أدى إلى فتح ملفات قديمة تعود إلى سنوات، وفتح الباب أمام فضيحة يراها المعلقون البريطانيون أشبه بـ'ووتر جيت' التي أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون فى 1974.
 

هذا الأمر الذي هدد إمبراطورية ميردوخ دفع نجله جيمس الذي يتولى إدارة مؤسسة نيوز انترناشونال التى تصدر الصحيفة بإعلان وقف صدورها بعد تاريخ طويل وحافل، حيث ظلت "نيوز أوف ذا وورلد" علامة على صحافة شعبية جريئة، لكنها تحت ملكية ميردوخ تجاوزت كل الحدود ولم تحترم القانون والقيم الأخلاقية التي تضع الضوابط لعملية النشر.
 
وكان الدافع وراء اختفاء الصحيفة -وهي أوسع الصحف الناطقة باللغة الانجليزية انتشارا -هو إنقاذ مجموعة الناشر الأسترالي والعلاقات المتشابكة المرتبطة به، سواء على ساحة الأحزاب خصوصاً الحزب الحاكم أو مع مؤسسات المال والنفوذ في بريطانيا.
لكن خصوم صحف ميردوخ في الصحف المنافسة يشنون حملة هجومية عليه لإعادة مناخ الصحافة البريطانية إلى عصره الذهبي القديم وأخلاقياته الكلاسيكية، حيث الاعتماد على الخبر الصحيح وعدم تجاوز القانون أو الاقتراب من الحياة الخاصة والتصنت، فالسمة الأساسية لمؤسسة ميردوخ، خصوصاً صحافة "التابلويد" كانت الإثارة من أجل الانتشار والتربح.
 
 
وباختفاء الصحيفة البريطانية سيجري فتح ملفات التجاوز القانوني لها وتتجه أجهزة التحقيق نحو معرفة العناصر التي وقفت وراء موجة التصنت على هواتف منذ العام 2002، وطالت قضايا مثيرة للغاية مرتبطة بالجيش والعائلة المالكة.
وتخضع ''نيوز إنترناشونال''، شركة ميردوخ في لندن حاليا إلى تحقيق جنائي بشأن تنصت هاتفي ودفع أموال بطريقة غير قانونية إلى ضباط شرطة. ويوجد في ''سكوتلانديارد'' نحو 50 ضابطاً متورطين في القضية. وتم توجيه اتهامات إلى تنفيذيين، تحت حماية الحصانة البرلمانية، بإعاقة مسار العدالة.
 
 
وانحازت مؤسسة ميردوخ منذ بداية نشاطها إلى حزب المحافظين وأيدت بلا تحفظ نظام مارجريت تاتشر، الذي جاء إلى الحكم في بداية الثمانينيات. وتمتعت صحف مردوخ ومحطته الإخبارية بهيمنة ونفوذ على الحياة السياسية، حيث تبلور صحفه الأكثر انتشاراً، توجهات الرأي العام وتحدد بوصلته نحو الأحزاب.
 
 
وفي الانتخابات الأخيرة، عندما كان زعيم العمال ورئيس الحكومة جوردون براون يخاطب جماهيره من العمال، أعلنت "صن" دعمها للمحافظين بزعامة ديفيد كاميرون. وعندما دخل كاميرون دوانينج ستريت(رئاسة الوزراء ) جلب معه أعضاء سابقين في إمبراطورية ميردوخ، من بينهم مايكل غوف وزير التعليم، الذي عمل محررا لـ'التايمز'.
 
 
صديق "إسرائيل"
وقبل الحرب الأمريكية البريطانية على العراق، كان رئيس الوزراء الأسبق توني بلير على اتصال كبير بميردوخ المعروف بمعاداته للعرب والمسلمين وكان دائم الحديث معه على الهاتف، ومع بداية الغزو عام 2003 خرجت صحف ميردوخ "صن" و"التايمز" بعناوين وافتتاحيات تعلن فيها دعمها الكامل للحرب، كما أنه استعمل نفوذه الإعلامي الأمريكي لتأليب الرأي العام ضد العراق وإنشاء أرضية شعبية لخطط الرئيس الدموي السابق جورج بوش ووزارة دفاعه.
 
 
ويمتلك ميردوخ صحفا ومحطات تلفزيون وإذاعات في أستراليا والولايات المتحدة أشهرها قناة فوكس المعادية للعرب والمسلمين، والداعمة بشكل سافر للكيان الصهيوني. كما أنه يفاخر بصهيونيته وبميوله المتطرفة التي تضعه، -كما تصنف جميع مؤسساته الإعلامية-، على يمين رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته إفيجدور ليبرمان.
 
ويعتبر إمبراطور الإعلام نفسه صاحب "رسالة" تهدف إلى نشر ثقافة سياسية يمينية متشددة والحفاظ على زخم المساندة اليمينية البريطانية المتطرفة، لليمين "الإسرائيلي" العنصري وتخدم ما يصفه المحللون ب"الحلف المقدس بين اليمين الأمريكي والبريطاني والغربي عموما وبين اليمين "الإسرائيلي" الحاكم، في وجه العرب والمسلمين.
وقد ركز إمبراطور الإعلام العالمى روبرت ميردوخ في الآونة الأخيرة على منطقة الشرق الأوسط، حيث تسائل في وقت سابق كاتب بريطاني عن هذا الاهتمام وإن كان لهذا الاهتمام علاقة بـ"إسرائيل".
 
 
ورصد الكاتب البريطانى مشروعات ميردوخ الأخيرة فى الشرق الأوسط حيث قام بشراء جزء من أسهم شركة روتانا المملوكة للأمير السعودى الوليد بن طلال التي تعتبر القوة الإعلامية المهيمنة في الشرق الأوسط, وتمتلك ست قنوات تلفزيونية وذراعا لإنتاج الأفلام.
 
كما قام مؤخرا بشراء محطة "تي. جي. آر. تي" التلفزيونية التركية الخاصة بعد مساومات استمرت أكثر من عام، ويسعى ميردوخ إلى شراء صحيفة "تركيا" ووكالة "إخلاص" للأنباء اللتين يملكهما رجل الأعمال التركي أنور اوران في مسعى يهدف التصدي للشعور المعادي ل "إسرائيل" وأمريكا وكسب تركيا من جديد التي تدهورت العلاقات معها في الفترة الأخيرة خاصة بعد الهجوم على أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة عام 2010 والذي قتل فيه نشطاء أتراك.
وتعتبر مجموعة ميردوخ الإعلامية واحدة من 3 مؤسسات تحرص جمعية الصداقة الأمريكية "الإسرائيلية" على شكرها؛ لدعمها "الدولة العبرية" إعلاميا واستثماريا.
 
 
وبحسب مراقبين فإن الفضيحة الأخيرة قد تكون السبب في تقويض الثقة بمصداقية ونزاهة شبكة ميردوخ البريطانية والعالمية التي دائما ما كانت تستخدم وسائل إعلامها في خدمة "إسرائيل" والمخططات اليمينية المتطرفة ضد المسلمين.
كما أن المراقبين يتساءلون عما إذا كانت فضيحة "ووتر جيت" البريطانية ستؤدي إلى زلزلة النفوذ اليهودي العالمي في وسائل الإعلام أو على الأقل إحداث تصدع به؟ وهو الأمر الذي سيتضح في المستقبل القريب.


10/8/1432 هـ
 
المصدر: إيمان الشرقاوي - موقع المسلم
  • 0
  • 0
  • 2,894

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً