الإعلام الفضائي الشيعي بين الاختراق والمواجهة السنية:المقال الأول
دراسة منشورة بالتقرير الاستراتيجي السنوي الثالث عشر الصادر عن مجلة البيان
مقدمة:
يعد الإعلام الفضائي أحد أهم أدوات المشروع الشيعي التوسعي بشقيه الفارسي والعربي؛ وقد شهد العقد الأخير تزاحماً مكثفاً للفضائيات الشيعية داخل بيوت أهل السنة والجماعة، سواء على مستوى قنوات الأطفال أو القنوات الاجتماعية أو القنوات الدينية، وكذلك على مستوى القنوات العامة وبرامجها المتنوعة الإخبارية منها والسياسية والوثائقية.
ويبرز دور وخطورة هذه القنوات في نقل المناخ الشيعي بأفكاره وعقائده وطموحاته السياسية داخل المجتمع السني؛ فينكسر الحاجز النفسي بين المجتمعات السنية والأطروحات الشيعية الفاسدة، لتتولد بعد ذلك الألفة السنية مع هذه الأطروحات الباطلة، والتي بدورها قد تنعكس على سلوكيات ومعتقدات بل والتوجهات التربوية والسياسية للشخصية السنية لا شعورياً.
ويأتي هذا الرافد الفاسد الجديد في ظل مناخ علماني تغريبي يعيشه المجتمع الإسلامي في هذه الحقبة من الزمن، وهو المسئول المباشر عن ضعف وتغييب التكوين الشرعي الصحيح المحصن للشخصية المسلمة من الأطروحات العقدية الفاسدة المتربصة به؛ والتي من بينها أطروحات الفضائيات الشيعية.
الأمر الذي بات يهدد البنيان العقدي لكثير من الأسر السنية، بدءاً من الطفل مروراً بالمرأة ليشمل التهديد كل عناصر الأسرة السنية؛ ومن ثم المجتمع السني برمته.
من هنا برزت أهمية موضوع الدراسة الراهنة في الوقوف على هذا الخطر الإعلامي الشيعي المحدق بالأمة الإسلامية، ومعالمه وآلياته المستخدمة، وما يقابله من جهود قائمة لمدافعته والمتمثلة في هذه الدراسة في الفضائيات المحسوبة على أهل السنة وبرامجها وأعمالها الإعلامية؛ لنصل في النهاية لمحاولة ملامسة استراتيجية إعلامية لمواجهة ذلك الاختراق الشيعي للمجتمعات السنية.
أولاً... منظومة الفضائيات الشيعية ودورها في اختراق المجتمعات السنية
تحديد مفهوم الفضائيات الشيعية:
على مستوى الدراسة الراهنة فإننا نعني بالفضائيات الشيعية:
"كل فضائية تعود تبعيتها لجهة شيعية، سواء كانت تلك الجهة دولاً أم مؤسسات أم أفراداً؛ وتسعى بأطروحاتها الإعلامية الموجهة إلى نشر التشيع والفوضى العقدية في ربوع المناطق السنية؛ وتسخير كافة إمكانياتها وأدواتها الإعلامية لخدمة المشروع الشيعي التوسعي – الفارسي والعربي- بما يمثل خطورة على البنيان العقدي وسلامة المجتمعات والأوطان الحاضنة لأهل السنة والجماعة".
إطلالة على منظومة الفضائيات الشيعية:
تمتلئ الساحة الفضائية العربية بعشرات القنوات الشيعية، سواء كانت تبعيتها لإيران أو لإحدى الدول العربية؛ والتي منها ما هو موجود على الأقمار الصناعية المحسوبة على أهل السنة والجماعة مثل (النايل سات) و(العرب سات)، ومنها المتواجد على أقمار صناعية تقع على نفس مدارات القمرين السابقين فيسهل التقاطها داخل البيوت السنية في العالم العربي والإسلامي.
وهذه القنوات منها الإخباري وأبرزها قناة العالم الإيرانية والمنار اللبنانية التابعة لحزب الله اللبناني، ومنها الموجه للأطفال وأبرزها قناة طه للأطفال، ومنها كذلك المنوع وأبرزها قناة الكوثر الإيرانية الناطقة باللغة العربية.
وقد حاولنا الوقوف على بعض القنوات الشيعية التي يتم التقاطها داخل البيوت السنية في العالم العربي وباللغة العربية وعبر العديد من الأقمار الصناعية، وذلك كي نستطيع رسم خريطة ذهنية لمعالم هذه القنوات وتبعيتها ومجالاتها وطبقاً لجدول محدد أثبتت النتائج ما يلي ([1])
نجد أن هناك 73 قناة شيعية أمكن رصدها على أجهزة الاستقبال في العالم العربي؛ منهم 46 قناة عراقية؛ وجميعهم يبثون أطروحاتهم وفق أبعاد عقدية فاسدة تخدم بصورة مباشرة وغير مباشرة أهداف المشروع الشيعي التوسعي.
أهداف القنوات الشيعية بحسب تحليل محتواها
تتمثل أهمية الفضائيات الشيعية في كونها أحد أهم الأذرع الإعلامية المعاونة للمشروع الشيعي-الفارسي منه والعربي-؛ وعليه فإن الهدف العام للفضائيات الشيعية هو:
"الاستثمار الأمثل للفضاء الإعلامي من أجل تنفيذ مخططات قيادات المشروع الشيعي في العالم بصفة عامة، وفي المناطق السنية بصفة خاصة".
ومن خلال هذا الهدف العام تخرج جملة من الأهداف الفرعية والتي منها:
1- السعي إلى نشر التراث الشيعي في أوسع رقعة ممكنة من الكرة الأرضية؛ ليزاحم بأباطيله الصورة الصحيحة للإسلام.
2- الإمطار المكثف للفضائيات الشيعية بما يضمن للفرقة الشيعية ديمومة الحضور اللفظي في الحدث السني والعالمي؛ سواء بأطروحات الفضائيات الباطلة، أو بتداعيات تلك الأطروحات على الساحة، بما يجعل الصورة الذهنية للمكون الشيعي حاضرة دائماً في الذاكرة البشرية، وهو حضور داعم للاستحقاقات المزعومة المصاحبة دوماً للمشروع الشيعي التوسعي، سواء كانت تلك الاستحقاقات دينية أم سياسية استعمارية.
3- تغطية الأحداث والفعاليات الشيعية، ونقلها من موطنها الضيق إلى سعة الفضاء الخارجي، وهو زخم كرنفالي قد يحدث التباساً لدى العديد من ضعاف العقيدة في العالم، ويمتد الالتباس ليشمل غير المسلمين الراغبين في التعرف على الإسلام.
4- الحفاظ على عقيدة الشيعة العرب وهويتهم من الذوبان؛ من خلال طرح جملة من الأطروحات العقدية الشيعية المثبتة لعقيدة الشيعة العرب، والرابطة بينهم وبين مراجعهم الدينية سواء داخل بلدانهم أو خارجها.
5- تثبيت الهوية الشيعية على مستوى العالم؛ ويمتد هذا الهدف ليشمل أسماء القنوات الشيعية نفسها فالمدقق في غالبية أسماء القنوات الشيعية يجد أنها أسماء ذات دلالة عقدية عندهم، مثل الغدير والكوثر وأهل البيت وغيرها؛ وهو أمر غير متوافر في حالة القنوات المحسوبة على أهل السنة والجماعة.
6- خلخلة عقيدة أهل السنة والجماعة، وبثّ الفوضى العقدية والفرقة في صفوفهم حسداً من عند أنفسهم.
7- تحقيق معادلة التغطية الإخبارية والسياسية المضادة في أوقات الأزمات- مثال سوريا واليمن والعراق والبحرين- بما يحدث التوازن الشيعي الإعلامي قبالة الروايات الحقيقية للأحداث.
8- تحسين صورة إيران، ورفع قامة الثورة الخمينية في العالم العربي والإسلامي؛ بما يحقق الربط الوجداني بين المسلمين وإيران والخميني.
-------------------
وفقكم الله وسدد خطاكم
إخوانكم في
مركز الاستقامة للدراسات الاستراتيجية
الهيثم زعفان
كاتب وباحث متخصص في القضايا الاجتماعية والاستراتيجية؛ رئيس مركز الاستقامة للدراسات الاستراتيجية، جمهورية مصر العربية.
- التصنيف: