مهـــاتير محمد .. يهدي نصائح للثورة العربية

منذ 2011-07-16

مع بدء الثورات العربية وسقوط أنظمة دكتاتورية ساهمت بشكل كبير درجة الفساد التي صنعتها خلال حكمها في تدمير اقتصاديات هذه البلدان، وأثّرت على الحياة الاجتماعية فيها.


مع بدء الثورات العربية وسقوط أنظمة دكتاتورية ساهمت بشكل كبير درجة الفساد التي صنعتها خلال حكمها في تدمير اقتصاديات هذه البلدان، وأثّرت على الحياة الاجتماعية فيها.

لذلك أصبحت الأنظار تتجه إلى تجارب مشابهه مثل تركيا وماليزيا دول إسلامية قادها رجال مخلصون أدّو ما عليهم واستطاعوا أن ينتشلوا بلدانهم من حالة البأس إلى درجة متقدمة من التنمية الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية.

وبعد انتهاء نظام حكم "حسنى مبارك" في مصر، ينظر الكثيرين إلى حال مصر بعد الثورة، فهي اقتصادياً تعتمد على اقتصاد متنوع في الصناعة البتروكيماوية والإعلام والسياحة و تصدير البترول والزراعة، لكنها تعاني تراجعاً حاداً اجتماعياً، وبحسب منظمة الشفافية الدولية فقد قُيّمت مصر على مؤشر الفساد لسنة (2010 بـ 3,1 ) استناداً إلى تصورات درجة الفساد من رجال أعمال ومحللي الدولة، حيث أن(10)تعني نظيفة جداً و(0) تعني شديدة الفساد. تحتل مصر المرتبة (98) من أصل (178) بلد مدرج في التقرير.

وبحلول أواخر 2010 حوالي 40 % من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر أي يعتمدون على دخل قومي يعادل حوالى 2 دولار في اليوم لكل فرد ويعتمد جزء كبير من السكان على السلع المدعومة.


"مهاتير محمد" والتجربة الماليزية

وفي حالة مثل مصر الذي تطمح في بداية جديدة خصوصاً مع قرب موعد الانتخابات فإنه يجب الإقتداء باقتصاديات مرّت بنفس التجربة، وهنا تتجه الأنظار إلى النجاح الذي حققته ماليزيا في عهد رئيس وزراءها السابق مهاتير محمد.

و "مهاتير محمد" أو "محاضر محمد" (ولد في 20 يونيو 1925) هو رابع رئيس وزراء لماليزيا في الفترة من (1981 - 2003) مما يجعلها أطول فترة لرئيس وزراء في ماليزيا، وهي من أطول فترات الحكم في آسيا.

امتد نشاط "مهاتير" السياسي لما يقرب من 40 عاماً، منذ انتخابه عضواً في البرلمان الاتحادي الماليزي عام 1964، حتى استقالته من منصب رئيس الوزراء في عام 2003. كان "لمهاتير محمد" دور رئيسي في تقدم ماليزيا بشكل كبير، إذ تحولت من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعي الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من إجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية.

كانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور أن انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% من إجمالي السكان في عام 1970، أي أكثر من نصفهم، إلى 5% فقط في عام 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 إلى 8862 دولارا في عام 2002، اي ان دخل المواطن زاد لأكثر من سبعة أمثال ما كان عليه منذ ثلاثين عاما، وانخفضت نسبة البطالة إلى 3%، وكان خلال فترة حكمه من أكثر القادة تأثيراً في آسيا. كما يعتبر من أكثر المعارضين للعولمة.


نصائح للثورة المصرية

استضافت القاهرة هذه الأيام الدكتور "مهاتير محمد" حيث ألقى كلمه أمام مؤتمر اتحاد الصناعات المصري الذي عقد في القاهرة تحت عنوان (الاقتصاد المصري بعد الثورة ).وحضر المؤتمر عدد كبير من رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد والصناعة والإعلاميين.

وتحدث الرجل عن سر نجاح اقتصاد بلاده قائلاً : ( اعتمادها علي التمويل الذاتي والاهتمام بالتصنيع وعدم اللجوء للاقتراض من الهيئات الدولية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين هو سر نجاح ماليزيا ) .

وأضاف أن قروض تلك الهيئات وسيلة لفقدان الاستقلال والهيمنة الدولية علي القرار الوطني وأنها تقيد المقترض بشروط مجحفة تجعل الدول عاجزة أمام الجهة المانحة.

ووصف رئيس وزراء ماليزيا السابق الثورة المصرية بأنه ( أعظم ثورة )، لأنها أراحت مصر من التسلط وجعلتها تنتقل إلى مرحلة جديدة وهامة، تستوجب معها التخطيط لإعادة نفسها، طبقاً لنموذج جديد بعيد عن الحكومة السلطوية السابقة .

وأوضح "محمد" أن الديمقراطية لا تعني وجود الاستقرار ملازماً لها، مؤكداً أن الديمقراطية أيديولوجية في حد ذاتها تستوجب تفعيل إرادة الشعب وتحتاج إلى أغلبية قادرة على تحقيق الاستقرار.


وأشار إلى أن ظهور التيارات المعارضة تعتبر ظاهرة صحية لأي حكومة، لأنها تصحح أخطائها، مؤكداً على ضرورة الاهتمام بـ (السياسة السليمة)، لأن بدونها لن يكون هناك اقتصاد سليم.

ونصح "محمد" المصريين إلى عدم الاكتراث بما تقوله الصحافة الأجنبية لأنها غير صادقة، وتتصف بسوء السمعة ، وهي غالباً ما تكون موجهة لخدمة أهدافها ومصالحها.

وأشار إلى أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وماليزيا ليست مرضية خاصة في مجال الاستثمار، على الرغم من زيادة حجم التبادل التجاري بعد الثورة بنسبة 4% أي ما يمثل 10 ملايين دولار زيادة مقارنه بالفترة التي سبقت الثورة.

وحول رأيه في انتشار الإضرابات والاعتصامات أوضح : ( أنها تضر الاستثمار وتؤخر عجلة التنمية، ومن المفترض أن تكون الملاذ الأخير، وليس الخيار الأول أمام أصحاب المطالب ، وأن يسبقها العديد من الخطوات قبل الدخول في الإضراب ) .

وتحدث "محمد" عن ساعات الدوام في ماليزيا ، فقال إنها من (5-8) ساعات لكنه خلال فترة رئاسته كان يبدأ ساعات عمله في الثامنة صباحاً، وغالباً ما كان يتأخر حتى المساء، مضيفاً بأنه كان حريصاً على إيجاد صناعات تساعد في التقليل من نسبة البطالة وتحتاج إلى أيدي عاملة كثيرة. وقال ( إن بلاده الآن تصنع أجزاء من طائرات وسيارات وإلكترونيات والكثير من المنتجات العصرية) .


مواقفه السياسية

حذر الدكتور "مهاتير محمد" من خطورة الدعم الأمريكي المتواصل (لإسرائيل)، وقال ( إن ما تقوم به (إسرائيل) من انتهاكات خطيرة ضد الشعب الفلسطيني يمثل خروجاً سافراً على مقتضيات القانون الدولي، ومواثيق الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان وكسراً لقاعدة ضرورة سيادة القانون علي المستوي الدولي ) .

كما عبر عن استياءه من الغزو الأمريكي للعراق مؤكداً أن أمريكا يجب ألا تستخدم قوتها في قتل الآخرين منتقداً سياسة "بلير" و"شيراك" بسبب مساندتهم وتأييدهم للغزو الأمريكي.

 
المصدر: مجلة البيان
  • 1
  • 0
  • 4,288

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً