وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأمة أفراداً وجماعات
«مثل القائم في حدود الله عز وجل والتارك لذلك، كمثل قوم استهموا على سفينة، فكان بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا أرادوا أن يستقوا مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا»
إن الحمد لله تعالى؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أخرج البخاري في صحيحه من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل القائم في حدود الله عز وجل والتارك لذلك، كمثل قوم استهموا على سفينة، فكان بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا أرادوا أن يستقوا مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا»، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فلو أنهم تركوهم لهلكوا جميعاً، وإذا أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً».
هذا الحديث أصل في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإننا لنعتقد اعتقاداً جازماً أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب تجمع الأمة بعد تفرقها، وعزها بعد ذلها، وكرامتها بعد إهانتها، بل لا يحصل للأمة الأمن من جميع المخاوف إلا إذا قام كل فرد من أفرادها بهذا الواجب العظيم، واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن يأمر بما عرفه الشرع وأقره وشرعه، وأن ينهى عما نهى عنه الشرع وحرمه أو كرهه.
ولما كانت الأمة لا تبلغ مأمنها إلا بهذا الواجب العظيم قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} } [الأنعام: 82].
قال غير واحد: ومن الظلم: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولم تلبس إيمانها بهذا الظلم، أي: بالتفريط في هذا الواجب العظيم.
- التصنيف:
- المصدر: