نحن المسلمين (2)

منذ 2019-07-03

لنا كل أرض يتلى فيها القرآن وتصدح مناراتها بالأذان، لنا المستقبل ... المستقبل لنا إن عدنا إلى ديننا.

نحن المسلمين!
تُنظَم في مفاخرنا مئة إلياذة وألف شاهنّامه. ثم لا تنقضي أمجادنا ولا تفنى، لأنها لا تعد ولا تحمى.
من يعد معاركنا المظفرة التي خضناها؟
من يحصي مآثرنا في العلم والفن؟
من يستقري نابغينا وأبطالنا؟

لا الذي يعد نجوم السماء.
ويحصي حصى البطحاء.
اكتبوا «على هامش السيرة» ألف كتاب.
و «على هامش التاريخ» مثلها،
وأنشئوا مئةً في سيرة كل عظيم.
ثم تبقى السيرة ويبقى التاريخ كالأرض العذراء والمنجم المبكر.


نحن المسلمين!
لسنا أمة كالأمم تربط بينها اللغة، ففي كل أمة خيّر وشرير.
ولسنا شعباً كالشعوب يؤلف بينها الدم، ففي كل شعب صالح وطالح، ولكننا جمعية خيرية كبرى.
أعضاؤها كل فاضل من كل أمة، تقي نقي.
تجمع بيننا التقوى إن فصل الدم، وتوحد بيننا العقيدة إن اختلفت اللغات.
وتدنينا الكعبة إن تناءت بنا الديار.
أليس في توجهنا كل يوم خمس مرات إلى هذه الكعبة، واجتماعنا كل عام مرة في عرفات، رمزاً إلى أن الإسلام قومية جامعة، مركزها الحجاز العربية وإمامها النبي العربي وكتابها القرآن العربي؟
 

نحن المسلمين!
ديننا الفضيلة الظاهرة، والحق الأبلج.
لا حجب ولا أستار ولا خفايا ولا أسرار.
هو واضح وضوح المئذنة. أفليس فيها ذلك المعنى؟
هل في الدنيا جماعة أو نِحلة تكرَّر مبادئها وتُذاع عشر مرات كل يوم كما تذاع مبادىء ديننا، نحن المسلمين، على ألسنة المؤذنين:
«أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله».

نحن المسلمين!
لا نَهِنُ ولا نحزن ومعنا الله.
ونحن نسمع كل يوم ثلاثين مرة هذا النداء العلوي المقدس، هذا النشيد القوي: الله أكبر.
البطولة سجية فينا، وحب التضحية يجري في عروقنا.
لا تنال من ذلك صروف الدهر، ولا تمحوه من نفوسنا أحداث الزمان.
لنا الجزيرة التي يُشوى على رمالها كل طاغٍ يطأ ثراها، ويعيش أهلها من جحيمها في جنات.
لنا الشام وغوطتها التي سقيت بالدم، لنا فيها الجبل الأشم.

لنا العراق، لنا الرميثة وسهول الفرات.
لنا فلسطين التي فيها جبل النار.
لنا مصر دار العلم والفن ومثابة الإسلام.
لنا المغرب كله، لنا «الريف» دار البطولات والتضحيات.
لنا القسطنطينية ذات المآذن والقباب، لنا فارس والأفغان والهند وجاوة.
لنا كل أرض يتلى فيها القرآن وتصدح مناراتها بالأذان.
لنا المستقبل ... المستقبل لنا إن عدنا إلى ديننا.
نحن المسلمين!
* * *

علي الطنطاوي

الأديب المشهور المعروف رحمه الله تعالى

  • 6
  • 0
  • 3,135

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً