مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ - (12) سليمان القانوني
أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملّي وقرمان الروم وولاية ذي القدرية وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخرى كثيرة إفتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر وللَّه الحمد. . .
{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملّي وقرمان الروم وولاية ذي القدرية وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخرى كثيرة إفتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر وللَّه الحمد. . . . واللَّه أكبر أنا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد. (إلى "فرنسيس" ملك ولاية فرنسا، وبعد. . .)
يسميه الغرب في أدبياتهم بـ "سليمان العظيم" " Suleiman the Magnificent" ويعتبره كثير من المؤرخين أعظم ملك عرفته البشرية في تاريخ الأرض ضم إلى ملكه أعظم عواصم القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، فضم إلى الخلافة الإسلامية "أثينا" و"بلغراد" و"بودابست" و"بوخارست" و"القاهرة" و"تونس" و"الجزائر" و"مكة" و"المدينة" و"القدس" و"دمشق" و"بيروت" و"اسطانبول" و"تبريز" و"بغداد" و"صوفيا" و"رودس" وغيرها من عواصم الأرض، وقال عنه المؤرخ الألماني الشهير (هالمر): كان هذا السلطان أشد خطرا علينا من صلاح الدين نفسه!
السلطان سليمان القانوني هو ابن السلطان سليم الأول الذي سبق وأن ذكرنا بعضًا من مظاهر عظمته، ووافق هذا الشبل ذلك الأسد، فهو مجاهد قل نظيره في تاريخ الإسلام، فتح البلاد وعمرها، ونشر العدل، وسن القوانين العثمانية العليا (سبب تسميته بـ "القانوني")، وقام بترميم القدس على أحسن حال، وأصاح من حال مكة والمدينة، وعمَّر الطرق، وأنشأ المدارس، تقلد منصب الخلافة وهو في السادسة والعشرين من عمره فقط، فظن الأعداء أنه لقمة سائغة، وطمعوا في أرض الخلافة الإسلامية، إلا أنه خيَّب أملهم، فباغتهم بهجوم مضاد، ففتح مدينة "بلغراد" المنيعة التي استعصت على (محمد الفاتح) من قبل،
مما دفع محمد الفاتح لتركها وهو يدعو ربه على أسوارها قائلاً: "اللهم افتح هذه المدينة على يدي رجلٍ من نسلي"، فكان سليمان هو ذلك الرجل الذي فتحت بلغراد على يديه، قبل أن يتجه القانوني بحرًا مع جنده إلى جزيرة "رودس" حيث "فرسان القديس يوحنا" أو "فرسان المعبد" الذي عاثوا فسادًا في البحر المتوسط تخريبًا وقتلاً للمسلمين، بعد أن طردهم صلاح الدين الأيوبي من برّ القدس من قبل، ليدمر سليمان دولة رودس إلى الأبد، فيجعل من رودس خرابًا على أهلها (هرب فرسان القديس يوحنا بعد ذلك إلى جزيرة "مالطا" وما زالوا يحكمون هذه الجزيرة حتى يومنا هذا!).
حينها أدرك ملوك أوروبا أنهم أمام صقرٍ تركيٍ جديد من نفس طينة الفاتح، فتسابق ملوك أوروبا إلى دفع الجزية إلى عاصمة الخلافة في إسطانبول، إلّا أن ملكًا واحدًا منهم ويُدعى (لويس الثاني) وهو ملك المجر قام بقتل رسول الخليفة العثماني الذي ذهب لجلب الجزية، مما دفع القانوني للتوجه بنفسه بصحبة مائة ألف من المجاهدين الأبطال من القوات الخاصة العثمانية "فرسان الانكشارية" نحو المجر لتأديب ملكها، عندها أعلنت الكنيسة في روما حالة الطوارئ القصوى في أرجاء أوروبا، فقدم البابا صكوك الغفران لكل من يشارك في قتال المسلمين، فتجمعت جيوش "المجر" و"كرواتيا" و"التشيك" و"إسبانيا" و"ألمانيا" و"صربيا" في جيش واحد عرمرم في وادي "موهاكس" لقتال المسلمين.
وفي فجر يوم المعركة صلى الخليفة العثماني سليمان القانوني الفجر بجيشه، ثم نظر إليهم بكل فخر وقال لهم:
"وكأني برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينظر إليكم الآن! "
فانفجر الجند بالبكاء، وتعانقوا مع بعضهم البعض وتعاهدوا على الموت في سبيل اللَّه واللقاء في الجنة، ليلتقي الجيشان في موهاكس فى 20 ذى القعدة عام 932 هـ الموافق 28 أغسطس عام 1526 م، هناك التقى الجمعان، لينتصر المسلمون بقيادة الخليفة سليمان القانوني، وينهزم الجيش الصليبي المتحالف شر هزيمة، ويفر لويس الثاني فزعًا ليغرق في مياه "الدانوب"!
العجيب في قصة موهاكس أن المسلمون اكتشفوا صدفة في قلب سهول أوروبا في المجر خيانة شيعية جديدة! وكأن القوم لا يملون من خيانة المسلمين!! فلقد اكتشف جنود الإنكشارية أن الصفويين الشيعة كانوا يعاونون سرًا (كعادتهم) الصليبيين من وراء خطوط القتال، عندها أمر القانوني جنوده إلى التوجه شرقًا لتأديب الشيعة، ليكتشف المسلمون من جديد أن الشيعة قد نبشوا قبر الإمام "أبو حنيفة النعمان" في بغداد ونادوا في الأسواق أنه على كل من يريد أن يقضي حاجته فليقضها عند قبر إمام أهل السنة والجماعة أبي حنيفة! عندها انقض المسلمون بقيادة البطل التركي سليمان القانوني انقضاض الأسود على كلاب الصفويين، فدكوا حصونهم دكًا عنيفًا حتى طهروا بَغداد من رجس الشيعة الصفويين لمدة تزيد عن خمس قرونٍ. . . . قبل أن يعودوا إليها من جديد في عام 2003 م!
بعد هذه الانتصارات العظيمة استمر القانوني في خلافة رسول اللَّه في الأرض طيلة 46 عامًا قضاها في جهاد حتى آخر رمق في حياته، قبل أن يستشهد وهو يجاهد في سبيل اللَّه رغم كبر سنه، فجزاك اللَّه كل خير أيها القانوني لما قدمته للإسلام والمسلمين.
الجدير بالذكر أن الخليفة سليمان القانوني كان يستفتح رسائله بالآية الكريمة {إنه من سليمان وإنه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} تيمنًا بنبي اللَّه سليمان الذي بُعِث في بلاد الشام.
هذه الأرض المباركة. . . . أخرجت للأمة بطلًا جديدًا حمل نفس اسم هذا السلطان العثماني العظيم، ليلقن مرتزقة نابليون بونابرت درسًا في معنى العزة والفداء! فمن يكون ذلك السليمان؟ وما الذي يدفع "متحف الإنسان" في باريس إلى الاحتفاظ بجمجمته إلى يوم الناس هذا؟!!
يتبع. . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤلف: جهاد الترباني
- التصنيف:
- المصدر: