يوم عرفة
وقال الأوزاعي: أدركت أقواماً كانوا يخبئون الحاجات ليوم عرفة ليسألوا الله بها !
بقلم/ ماهر جعوان
قال عبدالله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟
قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له !
وقال الأوزاعي: أدركت أقواماً كانوا يخبئون الحاجات ليوم عرفة ليسألوا الله بها !
فيوم عرفة ذروة موسم الخيرات، وأغلى أوقات الطاعات، تزداد فيه الحسنات، وتكفر فيه السيئات، إذا ذكر يوم عرفة، فقد ذكر أفضل الأيام وأبركها، فليس ثمة يوم طلعت فيه الشمس، أو غربت، هو خير منه مطلقاً.
وقد ورد مرفوعا إلى النبي ﷺ أنه ما رئي إبليس في يوم هو أصغر ولا أحقر، ولا أغيظ من عشية يوم عرفة. وأن من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه، غفر له.
فهو أحد أيام الأشهر الحرم وأحد أيام أشهر الحج وفيه ركن الحج الأعظم
قال ﷺ: ( «الحج عرفة» ) متفق عليه.
وهو أحد الأيام المعلومات (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)
وهى عشر ذي الحجة المفضلة في أعمالها:
قال ﷺ: ( «ما من عمل أزكى عند الله - عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله - عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء» ) حسنه الألباني.
وهو يوم أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، ورضي فيه الإسلام ديناً
قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: ( {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا} ).
قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي ﷺ وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
فكان النبي ﷺ ( «يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر وخميسين» ) صححه الألباني
وسُئل ﷺ عن صوم يوم عرفة فقال: ( «يكفر السنة الماضية والسنة القابلة» ) مسلم.
وهو يوم العيد لأهل الموقف قال ﷺ: ( «يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام» ) صححه الألباني .
وقال ﷺ: ( «خير الدعاء دعاء يوم عرفة» ) صححه الألباني.
وعن ابن المسيب عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال:
( «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو يتجلى، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟» ) مسلم
وفي رواية: «اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم»
وعن أبي هريرة عن رسول الله قال: ( «إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً» ) صححه الألباني .
وفيه يبدأ التكبير المقيد: وأصح ما ورد عن الصحابة قول علي وابن مسعود _رضي الله عنهم_ أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى.
وأما التكبير المطلق فهو الذي يكون في عموم الأوقات ويبدأ من أول ذي الحجة حيث كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجون إلى السوق يكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما.
يقول الشيخ المعصراوي:
(يوم عرفة ليس يوم لترتيب البيوت ولا يوم للتسوّق، ولا يوم للنوم ولا يوم للراحة إنّه يوم شرّفه الله يوم عظّمه الله يوم يباهي الله بأهل عرفة أهل السماء
إنّه يوم العتق من النيران إنّه يوم الطاعة والاجتهاد في العبادة
اجتهد ألا يخلوا نَفَسٌ من أنفاسِكَ إلا في عمل طاعة أو قربة تتقرب بها، فإنها لو كانت معك جوهرة من جواهر الدنيا لساءك ذهابها، فكيف تضيِّع أفضل أيام الدُّنيا)
فالواجب أن نتحين الفرص ونغتنم الأوقات ولنقطف من زهور الطاعات والعبادات ولنستنشق من عبير الصوم والصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن والصلاة والسلام على رسول الله ونقاء القلب وحسن السريرة وطهر الخلق ما يجعله يوما للعفو والغفران.
- التصنيف: