السيرة النبوية - (1) أهم الأحداث التي شهدها الرسول قبل نبوته
وهذه المواقف تعكس مكانة النبي في قومه، وحسن تصرفه، وهو ايضاً حجة على من كذبه بعد ذلك وأعرض عن دعوته.
لم يكن النبي في صباه وشبابه المبكر بمعزل عن حياة قومه، وأحداث موطنه ورهطه، بل كان عضواً فعًّالاً مشاركاً، وأتيح له بحكم موقعه ونسبه أن يشهد احداثاً هامه مع قبيلته وأعمامه، ومنها الحروب التي وقعت بأرض العرب في مكه وما حولها، وانتهكت حرمتها فسميت "حروب الفجار"، وقد وقعت ثلاثه منها في العام العاشر من مولد النبي وسميت "الفجار الأول"، ووقعت خمس منها في أربعة أعوام، وكان النبي بين الرابعة عشرة والعشرين من عمره وسميت "الفجار الثاني" .
وبعض المصادر تذكر أن النبي حضر مع أعمامه حرب الفجار وهو ابن اربع عشرة سنه، وبعضها تذكر أنه حضره وهو ابن عشرين، ولا نرى خلافاً، لأن هذه الحرب امتدت عدة سنوات كما يروي عنه قوله: «قد حضرته مع عمومتي ورميت فيه بأسهم، وما أحب أني لم أكن فعلت».
ومن المواقف التي حضرها النبي "حلف الفضول"، وكان بعد انتهاء حرب الفجار بحوالي شهر، والنبي في العشرين من عمره، وهو حلف تعاقدت فيه قريش وحلفاؤها على إعادة النظام والأمن، وتوفير الحماية للقادمين إلى مكة وأسواقها، وحفظ الحرمات وصيانة الحقوق، وكان السبب المباشر لعقد هذا الحلف أن رجلاً يمنيّاً من زبيد باع تجارة للعاص بن وائل السهمي القرشي، فماطله في الثمن، فأعتلى الرجل جبل أبي قبيس حتى يسمعه الناس، وأخذ يشكو مظلمته، وسمعه زعماء قريش في مجلسهم حول الكعبة المشرفة فسارعو لنصرته.
واجتمعت بطون قريش في "دار الندوة" وعلى رأسهم الزبير بن عبد المطلب، وأتفقوا على التدخل في المشكلات لإنصاف المظلوم ونصرة الضعيف، ثم سارعو الى دار عبد الله بن جدعان فتحالفوا وتعاقدوا على ذلك.
وقد حضر النبي هذا الحلف وقال «شهدت حلفاً في دار عبدالله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت لمثله في الإسلام لأجبت»
كما شارك النبي قومه في "إعادة بناء الكعبة المشرفة" وحضر المنازعة في وضع الحجر الأسود، ولذلك أن السيول القوية أصابت مكة المكرمة وصدعت بناء الكعبة، وهدمت أجزاء منها وكان ذلك بعد زواج النبي من خديجة رضي الله عنها بعشر سنوات، أي أنه كان في الخامسة والثلاثين من العمر، فارادت قريش أن تشيد بنيانها وترفع بابها حتى لا يدخلوا إلا من شاءوا، وأعدوا لذلك نفقة وعمالاً، ولكنهم تخوفوا وترددوا مهابة للبيت الحرام، حتى تقدمهم الوليد بن المغيرة، فهدم شيئا منها ونصحهم ألا يتشاجرواولا يتحاسدوا في بنائها، وألا يدخلوا في بنائها مالاً حرماً.
وظلت قريش على خلافها أربع ليال أو خمساً، ثم اجتمعوا في المسجد الحرام للتشاور، فأشار عليهم بعض شيوخهم أن يحتكموا إلى أول من يدخل المسجد، فكان رسول الله فاستبشروا خيراً وقالوا (هذا الأمين محمد رضينا) فلما عرضوا عليه خلافهم قال «هلمّوا إلي ثوباً» وأخذ الحجر الأسود فوضعه فيه بيده الشريفة، ثم قال: «لتأخذ كل قبيله بناحية من الثوب، ثم ارفعوا جميعا » ففعلوا حتى إذا بلغو به موضعه، وضعه بيده وبنى عليه،
وهذا الموقف يعكس مكانة النبي في قومه، وحسن تصرفه، وهو ايضاً حجة على من كذبه بعد ذلك وأعرض عن دعوته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. هاشم عبد الراضي محمد
تلخيص من كتاب السيرة النبوية والخلفاء الراشدين
- التصنيف:
- المصدر: