وقفات مع محاكمة فرعون والسفاح

منذ 2011-08-09

من كان يصدق يوم 23 يناير 2011 وقف مبارك والعادلي في ذات قاعة المحاكمة محتفلين بكل كبر وغرور بعيد الشرطة، وأخذ العادلي يشيد بإنجازات الظلم والقبض على شاب أصم ادعى زوراً وظلماً أنه من كان وراء الحادث ....


بلا شك كان يوم 3 أغسطس يوماً مشهوداً في مصر، يوم لن يُنسى من ذاكرة المصريين جميعاً،

من كان يصدق يوم 23 يناير 2011 وقف مبارك والعادلي في ذات قاعة المحاكمة محتفلين بكل كبر وغرور بعيد الشرطة، وأخذ العادلي يشيد بإنجازات الظلم والقبض على شاب أصم ادعى زوراً وظلماً أنه من كان وراء الحادث و يومها تحدث فرعون بخيلاء بعد هامان، وكنت أتمنى من التلفزيون المصري أن يعيد تلك المشاهد مع مشهد المحاكمة في ذات القاعة مع قول الحق تبارك وتعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26] لقد أراد الله أن يُذله ويُذيقه من بعض ما أذاق به خيرة شباب مصر من ذل قفص الاتهام وذل السجن وهوانه.



فسجن الله أعز ما لديه ولديه أمام عينه ليتجرع من الذل جرعات..
فكم من أب وأم تجرعوا مهانة ذل أبناهم في السجون ولم يرحمهم الفرعون الطاغية بل كان قاسياً أقسى من الحجارة، فقد اعتقل ابن لأحد قريباته فلما ذهبت إليه تطلب الإفراج عن ابنها قال لها: كم لديك من الأولاد؟ قالت: أربعة، قال لها: اعتبريهم ثلاثة!! أعوذ بالله من القسوة وصدق الرسول الكريم: «من لا يَرحم لا يُرحم ».

والفرعون مبارك لم يرحم أحد من المسلمين بل كان يعتبر كل مسلم هو عدو له ينبغي قتله أو سجنه أو إذلاله ودارت الأيام واستجاب الله لدعاء المظلومين.



ويوم 3 أغسطس أراد الطاغية أن لا يدخل قاعة المحاكمة ماشياً كي لا يقف لأحد ليؤكد للعالم كله أنه مازال فرعون ثم لإظهار تمارضه لينال عطف المغفلين.

ولكنه لم يحقق ما يريد وتحقق ما أراده الله من ذل لا مثيل، فقد جمعه الله في قفص واحد هو وولديه وهامان السفاح العادلي الذي جثم على وزارة الداخلية أطول فترة لوزير غيها 14 عام كلها ظلم وجبروت وطغيان، ولم يترك العادلي طريق للظلم إلا ومشى فيه حتى كثير من ضباط الشرطة الذين يعملون معه.

لم يطرف للسفاح العادلي طرفة عين من رحمة للقتل والتعذيب للشباب المسلم داخل السجن بل كان يأمر بترقية القتلى والمجرمين، وقد جمعه الله والمخلصين في الظلم من عصابته في قفص واحد فجمعه الله بذئبه المفترس حسن عبد الرحمن رئيس مباحث أمن الدولة الذي كان لا يرحم ولا يترك أحد يرحم، وإسماعيل الشاعر الذي كان يتشوق لكرسي الوزارة وينافس العادلي في نفاق الفرعون ومجاملته فجمعه الله بفرعون وهامان، ومهما حاول المحامين أن يفتحوا لهم ثغرات للهروب من حكم شديد فقد حكم الله عليهم من فوق سبع سموات بالذل والعار وسبحان الله الملك الحكم العدل.


إن ما حدث من أحداث الثورة مع مبارك والعادلي ووزارة الداخلية في ثورة 25 يناير وحبسهم ومحاكمتهم يجعلني أقف أمام قول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّ فِرْ‌عَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} فقد جمع الله فرعون مع وزيره والجنود في أية وحكم واحد لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن عبودية الأوامر هي لله فقط أما لغير الله تحت طاعة الأوامر للظلم والتعذيب والقتل والتزوير وتشريد الناس فكله ظلم وخطأ وكلهم يستحقون العقاب.

لكن يبقى وقفات مهمة مع قصة فرعون أنه إذا كن لفرعون موسى وكان لمبارك الحركة الإسلامية وثورة الشعب فيبقى هل تتحقق بقية الآيات في قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ }؟؟


إن الإسلاميين أكثر الناس تعرضاً للظلم والاستضعاف، لكن هل تتوافر فيهم الآن شروط التمكين والإمامة أي الحكم؟ السؤال صعب وإجابته صعبة، فقد كان الفرعون مبارك والعادلي يحاربون من أجل عدم وصول مسلم يخشى الله للحكم، وكان الغرب الصليبي يدعمهم لذلك وكانوا يحذرون ويخافون من ذلك.


فهل آن أوان تحقيق تلك الآيات ويتمكن مسلم يخاف الله من حكم مصر وتحكم مصر بشرع الله؟ أم مازال الوقت طويلاً أمام الحركة الإسلامية للتمكين والإمامة؟ أم هل يتحقق التمكين الجزئي على قدر الجهد كما حدث في بعض البلاد؟ وهو أشد أنواع التمكين بلاء... أعتقد أن التمكين الجزئي هو الوارد وهو المشاركة في الحكم أو الحكم بقيود في ظل عدم وجود مقومات كثيرة منها الأرضية الشعبية الإيمانية القوية التي تبسط للتمكين كل مكان.

ولكنها مرحلة بإذن الله للتمكين التام لشرع الرحمن وتحتاج إلى جهد وتضحيات لا نظير لها فلا تمكين بالشعارات والهتافات بل التمكين في قوله تعالى: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ} لمن يسطرون بالإيمان ملاحم من التضحيات.


وأخيراً لقد أصبح دخول الفرعون مبارك وولديه المتفرعنين قفص الاتهام ومعهم السفاح العادلي وعصابته من كبار المجرمين في الداخلية أية سجد لها كل مؤمن بجسده وقلبه ولسانه قائلاً سبحان الله الملك الواحد الأحد إن في ذلك لعبرة لأولى الألباب.

ممدوح إسماعيل محام وكاتب
[email protected]

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 10
  • 0
  • 10,152

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً