الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - (3) المهمات المسندة إلى الولاة
تتضح تلك التكاليف من خلال الكتب والوصايا، التي يتقدم به الخليفة عمر ابن الخطاب رضى الله عنه إلى ولاته وعماله، ومن ذلك قوله لابي موسى الاشعري »: أما بعد، فإن أسعد الرعاة عند الله من سعدت به رعيته، وإن أشقى الرعاة عند الله من شقيت به رعيته.
تتضح تلك التكاليف من خلال الكتب والوصايا، التي يتقدم به الخليفة عمر ابن الخطاب رضى الله عنه إلى ولاته وعماله، ومن ذلك قوله لابي موسى الاشعري »: أما بعد، فإن أسعد الرعاة عند الله من سعدت به رعيته، وإن أشقى الرعاة عند الله من شقيت به رعيته.
وإياك أن تزيغ، فتزيغ عمالك، فيكون مثلك عند الله مثل البھيمة، نظرت إلى خضرة من الارض، فرتعت فيھا تبتغي السمن، وإنما حتفھا في سمنھا.
وھكذا اتضح أن المھمة الاولى للولاة العمل الدءوب على راحة الناس وسعادتھم وھناءتھم، ولا شك أن ذلك لا يكون حقيقيا إلا في طاعة الله عز وجل، ثم ھو يحذر كل وال تحذيرا شديدا أن يحيد عن الحق والشرع، فيزيغ ويضل معاونوه، فيكون في ذلك ھلاكه وھلاكھم جميعا.
كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يأمر عماله أن يوافوه بالموسم. وعند الاجتماع يخاطب الرعية مبينا واجبات الولاة نحوھم، فيقول: إني لم أبعث عمالي عليكم؛ ليصيبوا من أبشاركم، ولا من أموالكم. إنما بعثتھم ليحجزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم.
وفي رواية أخرى: اللھم، إني أشھدك على أمراء الامصار، فإني إنما بعثتھم؛ ليعلموا الناس دينھم، وسنة نبيھم، فمن أشكل عليه شيء رفعه إلي.
تذكر المصادر أن عمر رضى الله عنه إذا استعمل رجلا أشھد عليه قوما من الانصار وغيرھم، واشترط عليه أربعا: لا يركب برذونا، ولا يلبس ثوبا رقيقا، ولا يأكل نقيا، ولا يغلق بابا دون حوائج الناس.
ومن تعھدات عمر بن الخطاب رضى الله عنه أمام الناس فيما يختص بشئون المال، التي ھي في الوقت ذاته توجيھات وتكليفات منه لاصحاب الخراج قوله: إني لا أجد المال يُصلحه إلا خلال ثلاث: أن يُؤخذ بالحق، ويُعطى في الحق، ويُمنع من الباطل، وإنما أنا ومالكم كولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، ولست أدع أحدا، يظلم أحدا، ولا يعتدي عليه، حتى أضع خده على الارض، وأضع قدمي على الخد الاخر، حتى يُذعن للحق.
ووعدھم أن يزيد أعطياتھم وأرزاقھم، ويأمر ولاته –كذلك- بسد ثغورھم، وعدم إلقائھا في المھالك، وعدم تجميرھم (حبسھم في ثغورھم) أماكن مرابطة الجيوش، ثم شدد على الولاة أنه لم يبعثھم أمراء ولا جبارين، ولكن أئمة للھدى يھتدي بھم الناس، وأمرھم أن يمنحوهم حقوقھم، ولا يضربوھم فيُذلوھم، ولا يحمدوھم فيفتنوھم، وألا يغلقوا الابواب دونھم، فيأكل قويھم ضعيفھم، ولا يستأثروا عليھم فيظلموھم، ولا يجھلوا عليھم.
وإذا قاتلوا بھم الكفار، قاتلوھم حسب طاقتھم، فإذا رأوا بھم كلالة، كفوا عن ذلك، فإن ذلك أبلغ في جھاد عدوھم.
وأخيرا، فإن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يتخير أصلح رجالاتالبلدان والاقاليم لولاية الخراج، وكان يرسل إلى أھل الاقليم أن يبعثوا إليه واحدا من خيارھم وصالحيھم، وھو بذلك يحقق أكثر من ھدف؛
الاول: أنه يجعل اختيار صاحب ھذا المنصب الحساس خاضعا لمشيئة أھل البلد، فھم أعرف بصالحيھم.
والثاني: حتى لا يحتجوا عليه بتعسف صاحب الخراج، فھم الذيناختاروا بأنفسھم فيتحملوا نتيجة اختيارھم.
والثالث: أن يضمن عمر تنفيذ توجيھاته لھم بدقة وأمانة، فيعم العدل، ويشيع الاستقرار، ويدلك على استخدام ھذا المنھج العمري لضمان تنفيذ المھام المسندة لصاحب الخراج ما يرويه الشعبي بقوله: كتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أھل الكوفة أن يبعثوا رجلا من أخيرھم، وأصلحھم، وكذا أرسل إلى أھل البصرة، وأھل الشام، فبعث الكوفيون إليه عثمان بن فرقد ،وأھل البصرة الحجاج بن علاط، وأھل الشام معن بن يزيد كلھم سُلميون، فاستعمل كل واحد منھم على خراج أرضه.
المؤلف: عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح
المصدر: كتاب الخلفاء الراشدون
- التصنيف:
- المصدر: