علماء اهتدوا إلى عقيدة السلف الصالح
ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺒﻨﻴﻪ ﻟَﻤَّﺎ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ: "ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﺣﺪًﺍ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﻣﻨﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺘﺘﻬﻤﻮﻧﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: فإني ﺃُﻭﺻﻴﻜﻢ، ﺃﺗﻘﺒﻠﻮﻥ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻧﻌﻢ، ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻓﺈﻧﻲ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺤﻖ معهم"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ (٥٤٨/١٠)، ﻭﻓﻲ ﺷﺮﻑ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ (ﺹ ٥٦).
كتب: يزن الغانم
المقدمة:
بسم الله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه. أما بعدُ:
فهذه نماذج من العلماء الذين اشتغلوا بعلم الكلام، وضلُّوا عن سبيل الأئمة الأعلام والسلف الصالح الكرام، فهداهم الله لسبيل المؤمنين، وهؤلاء العلماء منهم مَن كان جهميًّا، ومنهم من كان معتزليًّا، ومنهم من كان صُوفيًّا، ومنهم من كان أشعريًّا إلى غير ذلك، ﺑﻌﺪ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﻠﺆﻫﺎ الحيرة ﻭﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﺘﺨﺒُّﻂ، ﺑﻌﺪ ﺗﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻓﺮﺟﻌﻮﺍ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻭﺟﺪﻭﻩ ﺳﺮﺍﺑًﺎ ﻛﺎﺫﺑًﺎ، ﻭﺑﻬﺮﺟًﺎ ﺧﺎﺩﻋًﺎ.
وهذه نمادج فيها عبرة للمعتبرين وموعظة للحاضرين، منهم أقدمون ومنهم معاصرون، وإن لم يستطع البعض منهم أن يرجع إلى طريق السلف، ويتخلَّص من كل ما علِق في ذهنه وقلبه من الضلال، ففي الجملة رجعوا وندِموا على سلوكهم طريقَ الكلام والمتكلِّمين.
وهذه عِظةٌ لمن يسلك طريق المتكلمين في زماننا، ألا يدخلوا في هذا الباب، وأن يعلموا أنهم لن يبلغوا ما بلغوا، ولو بلغوا لكان الندم والرجوع، فمن الآن يا أُولي الألباب.
وقد جاءت هذه السلسلة في عددها وروعتها كالبدر ليلة الست بعد ثمانٍ، فالحمد لله.
• الإمام ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ (ﺕ ٢١٤ ﻫـ):
ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﺷﻌﺚ: "ﻛﺎﻥ ﺃﻋﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺑﻌﺪ ﺣﻔﺺ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﺍﻟﻜﺮﺍﺑﻴﺴﻲ"؛ ﺷﺮﻑ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻠﺒﻐﺪﺍﺩﻱ (ﺹ ٥٩).
ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﺒﻨﻴﻪ ﻟَﻤَّﺎ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ: "ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﺣﺪًﺍ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﻣﻨﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺘﺘﻬﻤﻮﻧﻲ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻻ، ﻗﺎﻝ: فإني ﺃُﻭﺻﻴﻜﻢ، ﺃﺗﻘﺒﻠﻮﻥ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻧﻌﻢ، ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ؛ ﻓﺈﻧﻲ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺤﻖ معهم"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ (٥٤٨/١٠)، ﻭﻓﻲ ﺷﺮﻑ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ (ﺹ ٥٦).
• ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ (ت ٢٢٩ ﻫـ):
ﻗﺎﻝ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎﺩ: "ﺃﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﺟﻬﻤﻴًّﺎ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻋﺮَﻓﺖ ﻛﻼﻣﻬﻢ، ﻓﻠﻤﺎ ﻃﻠﺒﺖ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻋﺮَﻓﺖ ﺃﻥ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻄﻴﻞ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ (٥٩٧/١٠)، ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ (ﺹ ٤٢٦).
• الإمام أبو الحسن الأشعري (ﺕ ٣٢٤ ﻫـ ):
قال في كتابه "الإبانة" الذي هو آخر مؤلفاته: "ﻗﻮﻟﻨﺎ اﻟﺬﻱ ﻧﻘﻮﻝ ﺑﻪ، ﻭﺩﻳﺎﻧﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﺪﻳﻦ ﺑﻬﺎ، اﻟﺘﻤﺴُّﻚ ﺑﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻭﺑﺴُﻨَّﺔ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻣﺎ ﺭﻭي ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺩﺓ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺃﺋﻤﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻧﺤﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻌﺘﺼﻤﻮﻥ، ﻭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﺃﺑﻮ ﻋﺒﺪاﻟﻠﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ - ﻧﻀَّﺮ اﻟﻠﻪ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺭﻓﻊ ﺩﺭﺟﺘﻪ ﻭﺃﺟﺰﻝ ﻣﺜﻮﺑﺘﻪ - ﻗﺎﺋﻠﻮﻥ، ﻭﻟﻤﺎ ﺧﺎﻟَﻒَ ﻗﻮﻟَﻪ ﻣﺨﺎﻟﻔﻮﻥ؛ ﻷﻧﻪ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﻔﺎﺿﻞ، ﻭاﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺬﻱ ﺃﺑﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ اﻟﺤﻖَّ، ﻭﺩﻓﻊ ﺑﻪ اﻟﻀﻼﻝ، ﻭﺃﻭﺿﺢ ﺑﻪ اﻟﻤﻨﻬﺎﺝ، ﻭﻗﻤﻊ ﺑﻪ ﺑﺪﻉ اﻟﻤﺒﺘﺪﻋﻴﻦ، ﻭﺯيغَ اﻟﺰاﺋﻐﻴﻦ، ﻭﺷﻚَّ اﻟﺸﺎﻛِّﻴﻦ، ﻓﺮﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻘﺪﻡ، ﻭﺟﻠﻴﻞ ﻣُﻌﻈَّﻢ، ﻭﻛﺒﻴﺮ ﻣﻔﻬﻢ"؛ الإبانة عن أصول الديانة (ص، ٢١،٢٠).
• ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﻣﻴﻦ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ (ﺕ ٤٧٨ ﻫـ):
• ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى: "ﻗﺮﺃﺕ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻔًﺎ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺃﻟﻔًﺎ، ﺛﻢ ﺧﻠﻴﺖ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺈﺳﻼﻣﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻋﻠﻮﻣﻬﻢ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺭﻛﺒﺖ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﺨِﻀَﻢَّ، ﻭﻏُﺼﺖُ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻬﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻫﺮﺏ ﻓﻲ ﺳﺎﻟﻒ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ، ﻭﺍﻵﻥ ﻓﻘﺪ ﺭﺟﻌﺖ ﺇﻟﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﻖ، ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺰ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳُﺪﺭﻛﻨﻲ ﺍﻟﺤﻖُّ ﺑﻠﻄﻴﻒ ﺑﺮِّﻩ، ﻓﺄﻣﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺩﻳﻦ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺰ [ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ]، ﻭﻳﺨﺘﻢ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺃﻣﺮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻹﺧﻼﺹ: ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺎﻟﻮﻳﻞ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ (٤٧١/١٨)، ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ ﻓﻲ ﺗﻠﺒﻴﺲ ﺇﺑﻠﻴﺲ (١٥٥).
وﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى: "ﻟﻮ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺖُ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻱ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﺪﺑﺮﺕُ، ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ (٤٧٣/١٨)، ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ، ﺻﻮﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﻓﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ، (ﺹ ١٨٠).
ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: "ﻳﺎ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ، ﻻ ﺗَﺸﺘﻐﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ، ﻓﻠﻮ ﻋﺮَﻓﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﻲ ﻣﺎ ﺑﻠﻎ، ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﻪ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ (٤٧٤/١٨)، ﻭﺍﺑﻦ أﺑﻲ ﺍﻟﻌﺰ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻄﺤﺎﻭﻳﺔ (ﺹ ٢٠٩).
وﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى ﻓﻲ ﻣﺮﺽ ﻣﻮﺗﻪ: "ﺍﺷﻬﺪﻭﺍ ﻋﻠﻲَّ ﺃﻧﻲ ﻗﺪ ﺭﺟﻌﺖ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺗُﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺃﻧﻲ أﻣﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻮﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺠﺎﺋﺰ ﻧﻴﺴﺎﺑﻮﺭ"؛ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ (٤٧٤/١٨)، ﻭﺍﻧﻈﺮ: ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ (١٩١/٥) ﻟﻠﺴﺒﻜﻲ.
• الإمام ﺃﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ (ﺕ ٥٠٥ ﻫـ):
ﺭﺟﻊ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻭﺃﻛﺐَّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺫﻡ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺃﻫﻠﻪ، ﻭﺃﻭﺻﻰ ﺍﻷﻣَّﺔ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺔ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﻣَﻦ ﺗﺒِﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥٍ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ؛ ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ: "... ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺻﻨَّﻒ ﺇﻟﺠﺎﻡ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ِّﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ"؛ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ (٧/٤).
ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى: "ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺤﺘﺎﺟﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺎﺟَّﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻓﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻧﺒﻮﺓ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻤﺎ ﺯﺍﺩﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟَّﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻭﻣﺎ ﺭﻛﺒﻮﺍ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻠﺠﺎﺝ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﻳﻴﺲ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻤﻘﺪِّﻣﺎﺕ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻌﻠﻤﻬﻢ ﺑﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﺎﺭ ﺍﻟﻔﺘﻦ، ﻭﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﺶ، ﻭﻣَﻦْ ﻻ ﻳﻘﻨﻌﻪ ﺃﺩﻟَّﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻻ ﻳﻘﻤﻌﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﺴﻨﺎﻥ، ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻴﺎﻥ"؛ ﺇﻟﺠﺎﻡ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ِّﻋﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ (ﺹ ٩٠،٨٩).
• ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ (ﺕ ٦٠٦ ﻫـ):
ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻋﻤﺮﻩ: "ﻟﻘﺪ ﺗﺄﻣَّﻠﺖ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻜﻼﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ، ﻓﻤﺎ ﺭﺃﻳﺘُﻬﺎ ﺗُﺸﻔﻲ عليلًا، ﻭﻻ ﺗﺮﻭﻱ غليلًا، ﻭﺭﺃﻳﺖُ أﻗﺮﺏ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻃﺮﻳﻖ القرآن، أقرأ ﻓﻲ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ: ﴿ { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ﴾ [طه: 5]، ﴿ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ} ﴾ [فاطر: 10]، ﻭأﻗﺮﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻲ: ﴿ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ﴾ [الشورى: 11]، ﻭﻣﻦ ﺟﺮﺏ ﻣﺜﻞ ﺗﺠﺮﺑﺘﻲ ﻋﺮَﻑ ﻣﺜﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ"؛ ﺳﻴﺮ ﺃﻋﻼﻡ اﻟﻨﺒﻼء للذهبي (٥٠٠،٥٠١/٢١).
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ (٦٨/٧)، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﺰﺍﺭﺓ ﻋﻠﻤﻪ ﻓﻲ ﻓﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﻦ ﻟﺰﻡ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﺭﺟﻊ ﻋﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺴﻠﻒ، ﻭﺗﺴﻠﻴﻢ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﺑﺠﻼﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ: ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺍﻟﻘﻄﺐ ﺍﻟﻄﻮﻋﺎﻧﻲ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﺳﻤِﻊَ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮَّﺍﺯﻱ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺷﺘﻐﻞ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﺑﻜﻰ؛ ﺍﻧﺘﻬﻰ؛ ﺷﺬﺭﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺐ (٤١/٧).
وقال في نهاية كتابه أقسام الذات: (ص، ٢٦٢)
نهايةُ إقدام العُقول عِقال
ﻭﺃﻛﺜﺮُ ﺳﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺿﻼﻝُ
ﻭﺃﺭﻭﺍﺣﻨﺎ ﻓﻲ ﻭَﺣﺸﺔٍ ﻣﻦ ﺟﺴﻮﻣﻨﺎ
ﻭﺣﺎﺻﻞُ ﺩﻧﻴﺎﻧﺎ أذًى ﻭﻭﺑﺎﻝُ
ﻭﻟﻢ ﻧﺴﺘﻔِﺪ ﻣﻦ ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻃﻮﻝَ ﻋُﻤﺮﻧﺎ
ﺳﻮﻯ ﺃﻥ ﺟﻤَﻌﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻗﻴﻞَ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ.
• الإمام ابن القيم (ت ٧٥١ ﻫـ):
أﺑﻴﺎﺕ في ﺗﻮﺑﺔ ﺍﺑﻦ القيم ﺑﻌﺪ ﺍﺗﺼﺎﻟﻪ ﺑﺎﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ، من نونيته الشافية الكافية للانتصار للفرقة الناجية.
• ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻭﺍﻟﻨُّﻔﺎة والجهمية والمعطِّلة ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻮﻧﻴﺔ، ﻭﺑﻴَّﻦ ﺿﺮﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻓﺒﻴَّﻦ ﺃﻧﻪ تأثَّر ﻓﻴﻤﺎ ﻭﻗﻌﻮﺍ ﻓﻴﻪ، ﺣﺘﻰ ﺃﺗﺎﺡ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺯﺍﻝ ﻋﻨﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ، ﻭﺃﺧﺬ ﺑﻴﺪﻩ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ، ﻭﻫﻮ شيخ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ رحمه الله تعالى.
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ تعالى:
ﻳﺎ ﻗﻮﻡ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻧﺼﻴﺤﺔ
ﻣِﻦ ﻣُﺸﻔﻖ ﻭﺃﺥ ﻟﻜﻢ ﻣِﻌﻮﺍﻥ
ﺟﺮَّﺑﺖ ﻫﺬﺍ ﻛﻠﻪ ﻭﻭﻗَﻌﺖ ﻓﻲ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸِّﺒﺎﻙ ﻭﻛﻨﺖُ ﺫﺍ ﻃﻴﺮﺍﻥ
ﺣﺘﻰ ﺃﺗﺎﺡ ﻟﻲ ﺍﻹﻟﻪ ﺑﻔﻀﻠﻪ
ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﺗَﺠﺰﻳﻪ ﻳﺪﻱ ﻭﻟﺴﺎﻧﻲ
ﺣﺒﺮٌ ﺃﺗﻰ ﻣﻦ ﺃﺭﺽ ﺣﺮَّﺍﻥ ﻓﻴﺎ
ﺃهلًا ﺑﻤﻦ ﺟﺎﺀ ﻣِﻦ ﺣﺮَّﺍﻥ
ﻓﺎﻟﻠﻪ ﻳَﺠﺰﻳﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻫﻠُﻪ
ﻣِﻦ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﻤﺄﻭﻯ ﻣﻊ ﺍﻟﺮِّﺿﻮﺍﻥِ
ﺃﺧﺬﺕْ ﻳﺪﺍﻩ ﻳﺪﻱ ﻭﺳﺎﺭ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﻡ
ﺣﺘﻰ ﺃﺭﺍﻧﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ.
• العلامة محمد رشيد رضا (ت ١٣٥٤ ﻫـ):
قال رحمه الله تعالى: كنا ﻋﻨﺪ اﻻﺑﺘﺪاء ﺑﺎﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻜﻼﻡ، ﻧﺮﻯ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ ﺧﻼﻑ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ، ﻓﻨﺤﺴﺐ ﺃﻧﻬﻢ ﻗﻮﻡ ﺟﻤﺪﻭا ﻋﻠﻰ ﻇﻮاﻫﺮ اﻟﻨﻘﻮﻝ، ﻣﺎ ﻓﻬﻤﻮﻫﺎ ﺣﻖَّ ﻓَﻬﻤﻬﺎ، ﻭﻻ ﻋﺮﻓﻮا ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻭﻃﺎﺑﻘﻮا ﺑﻴﻦ اﻟﻨﻘﻞ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ، ﻭﺃﻥ ﻛﺘﺐ اﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻣﻨﺒﻊ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﻃﺮﻳﻖ اﻟﻴﻘﻴﻦ، ﺛﻢ اﻃﻠﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺐ اﻟﻘﻮﻡ؛ ﻓﺈﺫا ﻫﻲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗُﺠﻠِّﻲ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﻤﺜﻠﻰ، ﻭﺗﻮﺭﺩ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻮﺭﺩﻫﻢ اﻷﺣﻠﻰ، ﻭﺇﺫا ﺑﻘﺎﺭﺋﻬﺎ ﻳﺸﻌُﺮ ﺑﺒﺸﺎﺷﺔ اﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻳﺤﺲُّ ﺑﺴﺮﻳﺎﻥ ﺑﺮﺩ اﻹﻳﻘﺎﻥ؛ ﻭﺇﺫا اﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻛﺘﺐ اﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻛﺎﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻣَﻦْ ﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺮاﻁ اﻟﺴﻮﻱ، ﻭﻣﻦ ﻳﺴﺒﺢ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﻟُﺠﻲ، ﺗﺘﺪاﻓﻌﻪ ﺃﻣﻮاﺝ اﻟﺸﻜﻮﻙ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ، ﻭﺗﺘﺠﺎﺫﺑﻪ ﺗﻴﺎﺭاﺕ اﻟﻤﺒﺎﺣﺚ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ، ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻟﻲ - ﺇﺫ ﺗﺒﻴَّﻨﺖ ﺃﻥ ﻣﺬﻫﺐ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﺃﺳﻠﻢ ﻭﺃﻋﻠﻢ ﻭﺃﺣﻜﻢ - ﺃﻥ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺩﻻﺋﻞ ﺻﺪﻕ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ؛ ﻷﻥ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻭا ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺤﻜﻤﺎء اﻹﻟﻬﻴﻴﻦ، ﻭﺧﺎﺿﻮا ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻋﻠﻮﻡ اﻷﻭﻟﻴﻦ، ﻟﻢ ﻳﺄﺗﻮا ﺑﺸﻲء ﻓﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﻋﻘﺪ اﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﺒﺮﻫﺎﻥ، ﺇﻻ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬا اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ اﻟﺒﺸﺮ، ﻻﺭﺗﻘﻮا ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﺧﺮﻭﺟﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﻴَّﺔ ﻭﺗﻮﻏُّﻠﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮﻡ اﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺭﻳﺎﺿﻴﺔ ﻭﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﻓﻠﺴﻔﻴﺔ، ﻭﻣﻤﺎ ﺗﻔﻀﻞ ﺑﻪ ﻛﺘﺐ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻜﺘﺐ ﺃﻧﻬﺎ ﻳُﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﻣﺎﻥ، ﻭﻛﺘﺐ اﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻗﺪ اﺳﺘﻐﻨﻰ اﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﻣﻌﻈﻢ ﻧﻈﺮﻳﺎﺗﻬﺎ اﻵﻥ؛ ﻷﻥ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻧُﺴِﺨﺖ، ﻭﻓﻲ ﻣﻨﺎﻇﺮﺓ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻭﻗﺪ اﻧﻘﺮﺿﺖ.
ﻧﻌﻢ، ﻻ ﺃﻗﻮﻝ: ﺇﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻭاﻟﻤﺒﺎﺣﺚ ﺻﻮاﺏ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ؛ ﻓﺈﻟﻴﻬﺎ اﻟﻤﺮﺟﻊ ﻭاﻟﻤﺂﺏ، ﻓﺈﻥ اﻟﻌﺼﻤﺔ ﻟﻜﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، مجلة المنار(٦٢٠/٦).
• العلامة ﻋﺒﺪﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ (ت ١٣٤٦ ﻫـ):
ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘِّﻖ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪِّﺙ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻲ، ﻭﻟﺪ ﻋﺎﻡ (١٢٨٠ﻫـ) ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺓ "دُﻭْﻣﺎ"، ﻋﺎﺵ ﺍﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻣﻨﺘﺸﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﻓﻴﻬﺎ متفشيًا، ﻭﻗﺪ ﻗﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﺍﻟﺬﻳﻦﻛﺎﻥ ﻣﺴﻠﻜﻬﻢ ﺻﻮﻓﻴًّﺎ، ﻭﺻﺮﺡ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﺍﺗَّﺒَﻊ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻒ، ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ: "ﺇﻧﻨﻲ ﻟﻤﺎ ﻣَﻦَّ ﻋﻠﻲَّ ﺑﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻫﺠﺮﺕُ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﻮﺳَﻦ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻃﻮﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺪ ﻟﺘﺤﺼﻴﻠﻪ، ﻭﺃﺫﻫﺐ ﻛﻞ ﻣﺬﻫﺐ ... ﻓﺘﺎﺭﺓ ﺃﻃﻮﺡ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻜﻪ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ... ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺃﺗﻠﻘَّﻒ ﻣﺎ ﺳﻜﺒﻪ ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺑﻲ ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ... ﺛﻢ ﺃﺟﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﺪﺓ، ﻓﺎﺭﺗﺪَّ ﺇﻟﻲَّ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺧﺎﺳﺌًﺎ ﻭﻫﻮ ﺣﺴﻴﺮ ... ﻓﻠﻤﺎ ﻫِﻤْﺖُ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﻴﺪﺍﺀ، ﻧﺎﺩﺍﻧﻲ ﻣُﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﻬﺪى ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ: ﻫﻠﻢَّ إلى ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻭﺩﻉ ﻧﺠﺎﺓ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻮﻫﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ﻭﻣﺎ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﺄﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ..... ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﻫَﺪأ ﺭﻭﻋﻲ، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﻋﻘﻴﺪﺗﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃَﻛِﻞُ ﻋﻠﻢ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻼ ﺗﺠﺴﻴﻢ ﻭﻻ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻭﻻ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻭﻻ ﺗﻌﻄﻴﻞ، ﻭﺍﻧﺠﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻦ ﺭﻳْﻦ ﺃﻭﺭﺛَﺘﻪ ﻗﻮﺍﻋﺪُ ﺃﺭﺳﻄﻮﻃﺎﻟﻴﺲ، ﻭﻗﻠﺖ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺳﺎﻭﺱ ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﺪﺳﺎﺋﺲ ... ﺇﻥ ﻣَﻦ ﺍﺗَّﺒَﻊ ﻫﻮﺍﻩ ﻫﺎﻡ َﻓﻲ ﻛﻞ ﻭﺍﺩ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﺎﻝ ﺑﺄﻱ ﺷِﻌﺐ ﺳﻠﻚ ﻭﻻ ﺑﺄﻱ ﻃﺮﻳﻖ ﻫﻠﻚ ... "؛ ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ؛ ﻻﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ (ﺹ،٤٣،٤٢).
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺍﻟﻌﺠﻤﻲ ﻣﺘﺤﺪﺛًﺎ ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ: ﻭﺣﺪﺛﻨﻲ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻄﻨﻄﺎﻭﻱ، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻼَّﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﻫﺎﺑﻴﺔ ﺗُﻌَﺪُّ ﺗُﻬﻤﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻣﺨﻴﻔﺔ، ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺤﺬِّﺭﻭﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﻬﻢ، ﻓﻮﻗﻔﺖ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﺍﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ، ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻃﻼﺏ ﻳﻤﺮُّﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ، ﻓﺮﺃﻭﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﺍﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ ﻭﻗﺪَّﻣﻮﺍ ﻓﻲَّ تقريرًا ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻳﺦ، ﻓﻀُﺮﺑﺖ (ﻓﻠﻘﺔ) في رجلي؛ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻋﺒﺪﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ (ﺹ٢٢).
ﻭﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﻠﻒ، ﻭﺩﻣﺸﻖ ﺁﻧﺬﺍﻙ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻮﺩ ﺍﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ، ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﺮﻭﻧﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺑﺪﺭﺍﻥ ﻳُﻈﻬِﺮ ﺗﻌﻠُّﻘﻪ ﺑﺄﺋﻤﺔ ﺍﻟﺴﻠﻒ: ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ قيم ﺍﻟﺠﻮﺯﻳﺔ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻮﻥ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ، ﻭﻳﻨﺎﻫﺾ ﺣﺼﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻉ، ﻓﻴﺪُﻛُّﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﺨﺸﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢٍ ... ﻓﻬﺐَّ ﻗﻮﻡ ﻗﺼﺮﻭﺍ ﻋﻦ ﻣﺪﺍﻩ، ﻓﻌﺎﻧﺪﻭﻩ ﺣﺴﺪًا ﻭﺑﻐﻴًﺎ ... ﻭﻻ ﺷﻚَّ ﺃﻧﻪ ﺑﻠﻎ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ (ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ﺍﻟﻘﺎﺯﺍﻧﻴﺔ، ﺹ٢٠٧).
• العلامة محمد حامد الفقي (ت ١٣٨٧ﻫـ) مؤسس جماعة أنصار السنة المحمدية:
ﻳﻘﻮﻝ العلامة ﺣﻤﺎﺩ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ وهو من تلاميذه: وسألت الشيخ حامدًا: ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﺃﻧﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﺳﺆﺍﻝ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﺆﺍﻟﻚ ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ؟
ﻓﻘﻠﺖُ ﻟﻪُ: ﻛﻴﻒَ ﺻﺮﺕَ ﻣﻮﺣِّﺪًا ﻭﺃﻧﺖ ﺩﺭﺳﺖَ ﻓﻲ ﺍﻷﺯﻫﺮ؟ (ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪُ ﺃﻥ أﺳﺘﻔﻴﺪ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ)، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺳﺆﺍﻟﻚ ﻭﺟﻴﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺃﻧﺎ ﺩﺭﺳﺖُ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻷﺯﻫﺮ، ﻭﺩﺭﺳﺖُ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﺭِّﺳُﻮﻧَﻬﺎ، ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻴﺴﺎﻧﺲ، ﻭﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﻱ ﻟﻜﻲ ﻳﻔﺮﺣﻮﺍ ﺑﻨﺠﺎﺣﻲ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺮﺭﺕُ ﻋﻠﻰ ﻓﻼﺡ ﻳﻔﻠﺢ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﻋﻨﺪَﻩ، ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ، ﺍﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻛَّﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪَﻩُ ﺩﻛَّﺔ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻳﺠﻠﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺟﻠﺴﺖُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻛَّﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﺸﺘﻐﻞ، ﻭﻭﺟﺪﺕ ﺑﺠﺎﻧﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻑِ ﺍﻟﺪﻛﺔ ﻛﺘﺎبًا، ﻓﺄﺧﺬﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﻧﻈﺮﺕُ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺰﻭ ﺍﻟﻤﻌﻄﻠﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬﻤﻴﺔ"؛ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ، ﻓﺄﺧﺬﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺗﺴﻠَّﻰ ﺑﻪ، ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺁﻧﻲ ﺃﺧﺬﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺑﺪﺃﺕُ ﺃﻗﺮﺃ ﻓﻴﻪ، ﺗﺄﺧَّﺮَ ﻋﻨِّﻲ ﺣﺘﻰ ﻗﺪﺭٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺁﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﻓﻜﺮﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻠﻪِ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﺮﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ، ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻔﻼﺡ، ﻭﻗﺎﻝ: ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ، ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻟﻚ؟ ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺟﺌﺖ؟ ﻓﺄﺟﺒﺘُﻪُ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻟﻪِ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﺖ ﺷﺎﻃﺮ؛ ﻷﻧﻚ ﺗﺪﺭَّﺟْﺖَ ﻓﻲ ﻃﻠﺐِ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺻَّﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ؛ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻭﻟﺪﻱ ﺃﻧﺎ ﻋﻨﺪﻱ ﻭﺻﻴﺔ، ﻓﻘﻠﺖُ: ﻣﺎ ﻫﻲ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﻼﺡ: ﺃﻧﺖ ﻋﻨﺪﻙ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺗﻌﻴﺸﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ، ﻓﻲ ﺃﻱ ﻣﻜﺎﻥ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻋﻠَّﻤَﺘْﻚَ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﻠَّﻤﻪ ﺃﻭﻻً، ﻗﻠﺖُ: ﻣﺎ ﻫﻮ؟!
ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﻋﻠَّﻤَﺘْﻚَ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ!
ﻗُﻠﺖُ ﻟﻪُ: ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ!!
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﻼﺡ: ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺴﻠﻒ.
ﻗﻠﺖُ ﻟﻪُ: ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺴﻠﻒ؟!!
ﻗﺎﻝ: ﺍﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﻋﺮَﻑ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺎﻣَﻚ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺴﻠﻒ، ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ: ﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﺴﻨﺔ" ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﺴﻨﺔ" ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ، ﻭﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ" ﻻﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ، ﻭﻛﺘﺎﺏ "ﺧﻠﻖ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ" ﻟﻠﺒﺨﺎﺭﻱ، ﻭﻛﺘﺎﺏ "ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ" ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﻼﻟﻜﺎﺋﻲ، ﻭﻋﺪَّ ﻟﻪُ ﻛﺜﻴﺮًا ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﻤﺘﺄﺧِّﺮﻳﻦ، ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻛُﺘُﺐ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪُ: ﺃﻧﺎ ﺃﺩﻟُّﻚَ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺇﺫﺍ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻚ ﻭﺭﺃﻭﻙ ﻭﻓﺮﺣﻮﺍ ﺑﻨﺠﺎﺣﻚ، ﻻ ﺗﺘﺄﺧَّﺮ، ﺍﺭﺟﻊ ﺭﺃﺳًﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺻﻠﺖ إلى ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ اﺩﺧﻞ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺳﺘﺠﺪ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﺗُﻬﺎ ﻛﻠَّﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣُﻜﺪَّﺱٌ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪﻙ ﺗﻨﻔﺾ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻭﺗﻨﺸُﺮﻫﺎ.
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻗﺪ ﺃﺧﺬﺕ ﻃﺮﻳﻘَﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺐِ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻔﻘﻲ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﻦ ﻣُﺨْﻠِﺺ، ﺍﺳﺘﻮﻗﻔﺖ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺳﺄﻟﺘُﻪُ: ﻛﻴﻒ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ؟!
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺣﺎﻣﺪ: ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓَﻪُ ﻣﻦ أستاذه (ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ)، ﻫﻞ ﺗﺴﻤﻌﻮﻥ ﺑـ (ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ)؟
ﻗﻠﺖُ ﻟﻪُ: ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ (ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ) ﻫﺬﺍ، ﻣﺎ ﻫﻲ ﻗﺼَّﺘُﻪُ؟
ﻗﺎﻝ: (ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ) ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺘﺶ ﻋﻦ ﻛﺘﺐ ﺳﻠﻔﻪ، ﻭﻟﻤﺎ ﻭﺟﺪ ﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﻣﻨﻬﺎ، ﺑﺪﺃ ﺑﺠﻤﻊ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻜﻨﺎﺳﻴﻦ، ﻭﻗﺎﻡ يدرس ﻟﻬﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﻻ ﻳُﺴﻤَﺢ ﻟﻪُ ﺃﻥ ﻳُﺪﺭِّﺱَ ﻋﻼﻧﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺟُﻤﻠَﺘِﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻼﺡ... ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻣﺎﻣًﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ؛ ﻟﻜﻨﻪُ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻼﺣﺔ، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻢ؟! ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮُ ﻣﻮﺟﻮﺩًا ﻓﻲ ﻛُﻞِّ ﺑﻠﺪٍ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋـﺔ.
ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺟﻌﺖُ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻭﺫﻫﺒﺖُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﻭﻭﻗﻔﺖُ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻟﻲ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﻛﺘﺎبًا ﻭﺍﺣﺪًا ﻣﺎ ﻭﻗﻔﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ؛ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺣﻤﺎﺩ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ (٢٩٧،٢٩٤/١).
• العلامة عبدالرحمن الوكيل رحمه الله تعالى: (ت ١٣٩٠ ﻫـ):
قال الشيخ عبدالرحمن الوكيل: "ﻭﺩﺍﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻃﺎﻟﺒًﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﺩﺭﺳﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺼﻮﻑ، ﻭﻗﺮﺃﺕ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺻﻨَّﻔﻪ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺗﺬﺗﻲ؛ ﺭﺃﻱ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﺑﻦ ﻋﺮﺑﻲ، ﻓﺴﻜﻨﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻗﻠﻴﻼً ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ، ﻭﻛﻨﺖ ﻗﺒﻞُ ﺃﺭﺍﻩ ﺿﺎلًّا مضلًّا، ﻓﺒﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﻬﺘﺎﻥ ﺍﻷﺛﻴﻢ ﻧﻌﺘﻪ ﺍﻟﺪﺭﺩﻳﺮ! ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻱ ﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻛﺘﺐ، ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﺭﻫﺐ ﻣﻄﺎﻟﻌﺘﻬﺎ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﺃﺭﺗﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻣﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺑﻌﺾ ﺷﻴﻮﺧﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞُ!... ﻟﻜﻨﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺗﺸﺠَّﻌﺖ ﻭﻗﺮﺃﺗﻬﺎ، ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﻗﺖُ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ؛ ﻓﺄﻧﻌﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻲَّ ﺑﺼﺒﺢ ﻣﺸﺮﻕ ﻫﺘَﻚَ ﻋﻨِّﻲ ﺣُﺠُﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖُ ﻓﻴﻪ، ﻓﺎﺳﺘﻘﺮَّ ﺑﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ، ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻟﻘﻴﺖُ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻮﺍﺣﺔ ﺍﻟﻨﺪﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﺩﻭﻱٍّ ﻣﻠﺘﻬﺐ ﺍﻟﻬﺠﻴﺮ، ﻓﻘﺪ دﻋﻴﺖ ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻣُﻨﺸﺌﻬﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺪﻧﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻔﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺪﺑُّﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻓَﻬْﻢ ﺳﻠﻔﻨﺎ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ"؛ كتاب مصرع التصوف (٦/١).
• ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﺯﻫﺮﻱ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺮﺍﺱ، ﺃﺣﺪ ﺃﺑﺮﺯ علماء ﺍﻷﺯﻫﺮ (ت ١٣٩٠ ﻫـ):
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻣﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺠﺎﻣﻲ تلميذ الهراس ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺗﻤﻬﻴﺪﻩ ﻟﺸﺮﺡ ﻛﺘﺎﺏ: "ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻮﺍﺳﻄﻴﺔ" ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺮﺍﺱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ 6: ﻭ 40 ﺛﺎﻧﻴﺔ -: "ﺛﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺻﺪﺩﻫﺎ، ﺷﺮﺣﻬﺎ ﻋﺎﻟﻢ ﺃﺯﻫﺮﻱ ﺳﻠﻔﻲ، ﻋﺎﻟﻢ ﺗﺨﺮﺝ في ﺍﻷﺯﻫﺮ ﻭﺗﺨﺼَّﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ، "ﻭﻛﺎﻥ ﻳُﻌﺎﺩﻱ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﺪﺍﺀً، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳُﻌﺎﺩﻱ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻷﻣﺮ"، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺮﺍﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻳُﻌﺎﺩﻱ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻋﺪﺍﺀً ﻟِﻤﺎ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻪ "ﻋﺪﻭ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ،"ﻭﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺮﺍﺱ ﻣﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ "ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ"؛ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺭﺍﺩ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ردًّا ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻌﺎﺩﻱ "ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ"، ﻭﻳﻘﻮﻝ: ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺮﺍﺱ ﻛﺎﻥ ﺃﺳﺘﺎﺫًا ﻟﻨﺎ، ﺭﻭﻯ ﻟﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺷﻔﻬﻴًّﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﻳﻘﻮﻝ: ﺟﻤﻊ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻭﻗﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻟﻴﺪﺭﺳﻬﺎ، ﺛﻢ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻓﻌﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻧﺤﻮ " ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺷﻬﺮ"، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺮﺍﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ "ﺍﻟﻮﺍﺳﻄﻴﺔ" ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺩﺭﺱ ﻣﺎ ﺗﻴﺴَّﺮ ﻟﻪ ﺩﺭﺍﺳﺘُﻪ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ، ﺗﺒﻴَّﻦ ﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﻌﺪُ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺑﺪﺀًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻹﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ، ﺛﻢ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﺔ، ﺛﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ، ﺛﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ، ﺗﺒﻴَّﻦ ﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻗﺒﻞ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺘﺐ، ﻫﻜﺬﺍ ﻫﺪﻯ ﺍﻟﻠﻪ رجلًا ﻛﺎﻥ ﻳُﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳُﺤﺎﺭﺏ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻓﻜﺘﺐ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﻩ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ "ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ"، ﻫﺬﺍ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻣَﻦَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻬﺪﺍﻳﺔ، ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﻴﻞ ﻫﺮَّﺍﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺮﺡ "ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻮﺍﺳﻄﻴﺔ"؛ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
• علامة المغرب السلفي ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻬﻼﻟﻲ (ت ١٤٠٦ ﻫـ):
وكان سبب توبته مناظرة حصلت بينه وبين ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ، يقول رحمه الله تعالى: "ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖُ ﻓﻲ ﻏﻤﺮﺓ ﻋﻈﻴﻤﺔ، ﻭﺿﻼﻝ ﻣﺒﻴﻦ، ﻭﻛﻨﺖ ﺃﺭﻯ ﺧﺮﻭﺟﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﻴﺔ ﻛﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺨﻄﺮ ﻟﻲ ﺑﺒﺎﻝٍ ﺃﻥ ﺃﺗﺰﺣﺰﺡ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﻴﺪ ﺷﻌﺮﺓ"؛ من كتابه الهدية الهادية (ص ١٢).
ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ: ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻬﻼﻟﻲ، ﻫﻨﺎ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺗﺎﺋﻴﺔ ﻗﻠﺘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺑﺘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﻴﺔ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﺈﻧﺸﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻮﻓﻖ ﺍﻟﻤﻬﺘﺪﻱ، ﻭﻳﻐﺺ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺬﻭﻝ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻱ، ﻭﻫﺬﺍ نصٌّ منها:
ﻭﻟَﻤَّﺎ ﺃﺑﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻧﻮﺭَ ﺩﻳﻨﻪ
ﻭﺃﻧﻘﺬﻧﻲ ﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺧﺮقه
ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻗﻮﻡ ﺑﺪﻟﻮﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﺮَّﺩﻯ
ﻭﻗﺪ ﻣﺮَﻗﻮﺍ ﻣِﻦ ﻫَﺪْﻳﻪ ﺷﺮَّ ﻣَﺮقهْ
ﻭﺃﺑﻐﻀَﻨﻲ ﺍﻷﻗﻮﺍﻡُ ﺣﻴﻦ ﻧﺒَﺬﺗُﻬﻢ
ﻭﻣﻠﺖُ ﺇﻟﻰ ﻗﻔﻮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭسنه
ﻭﻗﺪ ﻗﻠﺒﻮﺍ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻤِﺠَﻦِّ ﻭﺧَﺸِﻨﺖ
ﺻﺪﻭﺭُﻫﻢ ﻟﻲ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﻭﺍ ﻟﻤﺤﻨﺘﻲ
• العلامة الأديب علي الطنطاوي (ت١٤٢٠ﻫـ):
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻄﻨﻄﺎﻭﻱ الذي اهتدى على يد الشيخ بهجت البيطار، قال الطنطاوي: ﻟﻘﺪ ﻭﺟﺪﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﻤﻌﻪ ﻣﻨﻪ ﻳﺼﺪﻡ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﺸﺄﺕ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺮَّﺭﻩ ﺍﻷﺷﺎﻋﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺎﺗﺮﻳﺪﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻓﻲ ﺗﺜﺒﻴﺖ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻛﻨﺖ ﻣﻮﻗﻨًﺎ ﺑﻤﺎ ﺃﻟﻘﻮﻩ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻓﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺃﺳﻠﻢ، ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻒ ﺃﺣﻜﻢ، ﻓﺠﺎﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﻬﺠﺔ ﻳﻘﻮﻝ: "إﻥ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﻠﻢ، ﻭﻫﻮ ﺍﻷﺣﻜﻢ"، ﻭﻛﻨﺖ ﻧﺸﺄﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﺮﺏ ﻣﻨﻪ، ﺑﻞ ﺑﻐﻀﻪ، ﻓﺠﺎﺀ ﻳُﻌﻈِّﻤﻪ ﻟﻲ، ﻭﻳُﺤﺒِّﺒﻪ ﺇﻟﻲَّ، ﻭﻛﻨﺖ ﺣﻨﻔﻴًّﺎ ﻣُﺘﻌﺼِّﺒًﺎ ﻟﻠﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ، ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺟﺎﻭﺯ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻌﺼُّﺐ ﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻲ، ﻭﺃﻥ أﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ...
ﻭﺗﺄﺛَّﺮﺕ ﺑﻪ، ﻭﺫﻫﺒﺖ ﻣﻊ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻣﻘﺘﻨﻌًﺎ ﺑﻪ، ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻬﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻇﺮﺍﺕ، أنا باندفاعي وحماستي وعنفي، والشيخ بهجت بسعة صدره وطول أناته، وغزير علمه وقوة حُجته، ولقد عرضت في الجزء الأول من كتابي عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، إلى ما مرَّ علي من أدوار: كيف نشأت مُقلِّدًا مؤولًا كارهًا لابن تيمية، ثم أثر فيَّ الشيخ بهجت، فغدوت سلفيَّ العقيدة مُتمسِّكًا بالدليل؛ رجال من التاريخ (ص، ١٧٢،١٧١).
• العلامة محمد جميل زينو (ت ١٤٣١ﻫـ):
يقول رحمه الله تعالى: "ﻛﻴﻒ ﺍﻫﺘﺪﻳﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ؟ ﻛُﻨﺖُ ﺃﻗﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﺷﻴﺨﻲ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ: (( «ﺇﺫﺍ ﺳﺄﻟﺖَ ﻓﺎﺳﺄﻝِ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺳﺘﻌﻨﺖَ ﻓﺎﺳﺘﻌِﻦْ ﺑﺎﻟﻠﻪ» )).
ﻓﺄﻋﺠﺒﻨﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ: "ﺛﻢ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺄﻟﻬﺎ، ﻟﻢ ﺗﺠﺮِ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﺠﺮﻳﺎﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻱ ﺧﻠﻘﻪ؛ ﻛﻄﻠﺐِ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ... ﻭﺷﻔـﺎﺀ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﺣﺼﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﺳﺄﻝ ﺭﺑَّﻪ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻣَّﺎ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻤﺬﻣﻮﻡ".
ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻠﺸﻴﺦ: ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺷﺮﺣﻪ ﻳُﻔﻴﺪﺍﻥ ﻋﺪﻡ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪِ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: ﺑﻞ ﺗﺠﻮﺯ!
ﻗﻠﺖ: ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ؟
ﻓﻐﻀﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺻﺎﺡ ﻗﺎئلًا: ﺇﻥ ﻋَﻤَّﺘﻲ ﺗﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﺳﻌﺪ (ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻣﻴﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ)، ﻓﺄﻗﻮﻝ ﻟﻬﺎ: ﻳﺎ ﻋﻤَّﺘﻲ، ﻭﻫﻞ ﻳﻨﻔﻌﻚ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻌﺪ؟ ﻓﺘﻘﻮﻝ: ﺃﺩﻋﻮﻩ ﻓﻴﺘﺪﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﺸﻔﻴﻨﻲ!!
ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪُ: ﺇﻧﻚ ﺭﺟﻞ ﻋﺎﻟﻢ، ﻗﻀﻴﺖ ﻋﻤﺮﻙ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻜﺘﺐ، ﺛُﻢ ﺗﺄﺧﺬ ﻋﻘﻴﺪﺗﻚ ﻣﻦ ﻋﻤَّﺘِﻚَ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﺔ!!
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ: ﻋﻨﺪﻙ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻭﻫَّﺎﺑﻴﺔ! (ﻧﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤﺠﺪِّﺩ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ)، ﻭﻛُﻨﺖُ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻫَّﺎﺑﻴﺔ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺃﺳﻤَﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻳﺦ: ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﻋﻨﻬﻢ: ﺇﻧﻬﻢ ﻣﺨﺎﻟﻔﻮﻥ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻭﻛﺮﺍﻣﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻣﺔ، ﻭﻻ ﻳﺤﺒُّﻮﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ... ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺘُّﻬﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻬﺎ، ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﻫَّﺎﺑﻴﺔ ﺗُﺆﻣﻦ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﺃﺗﻌﺮَّﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ... إلخ؛ من كتابه الماتع "كيف اهتديت إلى التوحيد والصراط المستقيم" (ص ٣٦،٣٥).
• خاتمة:
هذه الأمثلة من العلماء الأعلام الذين اهتدوا إلى نور الحق بعد التخبُّط في ظلمات الحيرة، وقد اقتصرت في جمع هذه العدد تنبيهًا على سمة من سمات أهل الحق، وهي ثباتهم على الحق أكثر من غيرهم، ﻓﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ علماء أهل السنة السلفيين رجع قطُّ عن قوله واعتقاده، وفي المقابل تذبذب المخالفين ورجوع كثيرٍ منهم إلى عقيدة السلف والندم على سلوك غير سبيلهم، ومن هؤلاء العلماء الذين اهتدوا غير الذي ذكرنا في السلسلة آنفًا، السادة العلماء ومنهم ﻋﺎﻟﻢ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﻜﻲ ﺑﻦ ﻋﺰﻭﺯ، وﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻷﻟﻮﺳﻲ، والشيخ عيد ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ، وﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﺯﻫﺮﻱ ﻋﺒﺪﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺴﻤﺢ، وﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺰﻣﺰﻣﻲ، وﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻬﺠﺔ ﺍﻟﺒﻴﻄﺎﺭ، والشيخ ﻋﺒﺪﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﺴﻨﺪﻱ، وغيرهم الكثير...الكثير في كل عصر ومصر.
والحمد الله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- التصنيف: