فوائد من تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم(2-2)
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه, يتمثل بهذا البيت: احذر لسانك أن يقول فتبتلى إن البلاء مُـوكل بالمنطـق
العدل بينهم في العطاء والمنع:
وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير, «أن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكلَّ ولدك نحلت مثل هذا ؟ ) فقال:لا, فقال: ( أرجعه ) وفي رواية لمسلم فقال: ( أفعلت هذا بولدك كلِّهم ؟ ) قال: لا, قال: ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) قال: فرجع أبي في تلك الصدقة» .
وكان السلف يستحبون أن يعدلوا بين الأولاد في القُبلة.
ملاحظة ما هم مهيئون له من أعمال واستثمار ذلك:
ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها, فيعلم أنه مخلوق له, فلا يحمله على غير ما كان مأذوناً فيه شرعاً, فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه, وفاته ما هو مهيأ له, فإذا رآه حسن الفهم, صحيح الإدراك, جيد الحفظ واعياً, فهذه من علامات قبوله وتهيئه للعلم, فلينقشه في لوح قلبه مادام خالياً, فإنه يتمكن فيه ويستقر,...وإن رآه بخلاف بذلك...وهو مستعد للفروسية وأسبابها...مكنه من...التمرن عليها,...وإن رآه بخلاف ذلك..ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع, مستعداً لها, قابلاً لها, وهي صناعة مباحة نافعة للناس فليمكنه منها.
هذا كلُّه بعد تعليمه ما يحتاج إليه في دينه, فإن ذلك ميسَّر على كلِّ أحد.
عدم تمكينهم من كثرة الطعام والشراب:
من سوء التدبير للأطفال: أن يمكنوا من الامتلاء من الطعام وكثرة الأكل والشرب, ومن أنفع التدبير لهم أن يعطوا دون شبعهم ليجود هضمهم وتعتدل أخلاطهم, وتقل الفضول في أبدانهم, وتصحَّ أجسادهم, وتقلَّ أمراضهم لقلة الفضلات في المواد الغذائية
فوائد متفرقة
القزع, حكمه, وأنواعه:
القزع: حلق بعض رأس الصبي وتركُ بعضه, في الصحيحين..عن ابن عمر, قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع.
والقزع أربعة أنواع:
أحدها: أن يحلق من رأسه مواضع من هاهنا وها هنا, مأخوذ من تقزُّع السحاب وهو تقطُّعه.
الثاني: أن يحلق وسطه ويترك جوانبه.
الثالث: أن يحلق جوانبه ويترك وسطه.
الرابع: أن يحلق مقدمه ويترك مؤخره, وهذا كلُّه من القزع. والله أعلم.
القزع ظلم للرأس:
قال شيخنا [يقصد شسخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله]: وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل, فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه, فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه, لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسياً وبعضه عارياً.
الشريعة فاضلت بين الذكر والأنثى:
وهذه قاعدة الشريعة, فإن الله سبحانه فاضل بين الذكر والأنثى, وجعل الأنثى على النصف من الذَّكر في المواريث, والدِّيات, والشَّهادات, والعتق, والعقيقة.
حفظ اللسان فالبلاء موكل بالقول:
من البلاء الحاصل بالقول: قول الشيخ البائس الذي عاده النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عليه حمى فقال: ( لا بأس, طهور إن شاء الله ) فقال: بل حمى تفور على شيخ كبير, تُزيرهُ القبور, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فنعم, إذاً)
وقد رأينا من هذا عبراً فيناً وفي غيرنا, والذي رأيناه كقطرة من بحر, قال الشاعر:
شَفَّ المُؤمل يوم النقلة النظرُ ليت المُؤملَ لم يُخلق لهُ البصرُ
فلم يلبث أن عمي, فحفظ المنطق وتخير الأسماء من توفيق الله للعبد.
وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه, يتمثل بهذا البيت:
احذر لسانك أن يقول فتبتلى إن البلاء مُـوكل بالمنطـق
أخذ ما جاوز الحد من الشعر وما طال من الأظفار فإن الشيطان يختبئ تحت ذلك:
أيُّ زينة أحسن من أخذ ما طال وجاوز الحدَّ من...شعر العانة, وشعر الإبط, وشعر الشارب, وما طال من الظفر, فإن الشيطان يختبئ تحت ذلك كلَّه ويألفه ويقطن فيه
ما جاءت به الرسل مع العقل ثلاثة أقسام:
ما جاءت به الرسل مع العقل ثلاثة أقسام لا رابع لها ألبته:
قسم شهد به العقل والفطرة.
وقسم يشهد بجملته ولا يهتدي لتفصيله.
وقسم ليس في العقل قوة إدراكه.
وأما القسم الرابع وهو ما يحيله العقل ويشهد ببطلانه, فالرسل بريئون منه.
النعيم والعذاب في البرزخ:
ينعم المؤمن في البرزخ على حسب أعماله, ويُعذب الفاجر فيه على حسب أعماله.
ويختصُّ كل عضو بعذاب يليق بجناية ذلك العضو, فتُقرض شفاهُ المغتابين الذين يُمزقون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم بمقاريض من نار, وتُسجرُ بطون أكلةِ أموال اليتامى بالنار, ويُلقم أكلة الربا بالحجارة, ويسبحون في أنهار الدم كما سبحوا في الكسب الخبيث, وتُرضُّ رؤوس النائمين عن الصلاة المكتوبة بالحجر العظيم,ويُشقُّ شدق الكذاب الكذبة العظيمة بكلاليب الحديد إلى قفاه, ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه كما شقت كذبته النواحي,وتُعلق النساء الزواني بثُديهنَّ وتحبس الزناة والزواني في التنور المحمى عليه, فيعذب محل المعصية منهم وهو الأسافل.
وتسلط الهموم والغُمُوم والأحزان والآلام النفسانية على النفوس البطالة التي كانت مشغولة باللهو واللعب والبطالة, فتصنع الآلام في نفوسهم كما يصنع الهوام والديدان في لحومهم, حتى يأذن الله سبحانه بانقضاء أجل العالم وطي الدنيا.
الخصومة بين الروح والجسد:
ولا تزال الخصومة بين يدي الله سبحانه حتى يختصم الروح والجسد, فيقول الجسد: إنما كنت ميتاً لا أعقل ولا أسمع ولا أُبصر, وأنتِ كنتِ السمعية المبصرة العاقلة, وكنت تصرفيني حيث أردت فتقول الروح وأنت الذي فعلت وباشرت المعصية
فيُرسل الله سبحانه إليهما ملكاً يحكم بينهما فيقول: مثلكما مثل بصير مقعد وأعمى صحيح, دخلا بستاناً, فقال المقعد: أنا أرى الثمار ولا أستطيع أن أقوم إليها, وقال الأعمى: أنا أستطيع القيام ولكن لا أرى شيئاً, فقال له المقعد: احملني حتى أصل إلى ذلك, ففعلا, فعلى من تكون العقوبة ؟ فيقولان: عليهما, فيقول: كذلك أنتما.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: