الملك المتوج بغير تاج
لكن ذلك قليل في الناس بل نادر جدا !! وأكثرنا بين طامع أو خائف ، فمستقل ومستكثر؛ فضلا عمن يلبس العجز ثوب الحكمة، والخوف ثوب التعقل.
بقدر اتساع مطامع المرء ، وحظوظ نفسه ، وتطلعاته ، وخوفه على نفس أو منصب ، أو جاه ، أو عيشة مترفة ، أو أهل وولد ، بقدر ما يكتم شيئا من الحق ، أو يجبن عن الجهر به ، قل ذلك أو كثر ، وربما وصل الأمر إلى التكلم بالباطل ، ، والوقوف في صفه ، وتملق أهله .
وأما من ليس لديه ما يخاف أن يسلبه الناس إياه .
وليس عنده مطامع أو حظوظ دنيوية من مناصب أو امتيازات يرجو أن ينالها منهم .
وليس منتظرا لمدح مادح ، ولا خائفا من ذم قادح.
فذاك الملك المتوج بغير تاج، والحر الشجاع المحلق في أعلى آفاق الحرية .
لكن ذلك قليل في الناس بل نادر جدا !! وأكثرنا بين طامع أو خائف ، فمستقل ومستكثر؛ فضلا عمن يلبس العجز ثوب الحكمة، والخوف ثوب التعقل.
ولعل أمثل الناس طريقة اليوم : من يعجز عن قول الحق كله أو جله ، لكنه لا يؤيد الباطل ولا يقف في صفه بحال ، مستغفرا ربه ، ومقرا بعجزه وتقصيره ، ومسددا ومقاربا ، وملمحا تارة ، ومصرحا أخرى .
ورحم الله ابن تيمية حيث كان يقول لخصومه " ليس لي ما أخاف الناس عليه: لا مدرسة ، ولا إقطاع ، ولا مال ، ولا رئاسة ، ولا شيئا من الأشياء"
مجموع الفتاوى 3 / 259 .
- التصنيف: