شهداء البروج .. رضوان الله تعالي عليهم .
بقي لنا في ختام الحديث عن الشهداء في القرآن والسنة وتحديدا عن شهداء سورة البروج الذين أوذوا في دينهم وأنفسهم وآبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم في سبيل الله تعالي بقي لنا أن نقول وما وجه الإفادة فيها ؟
أيها الإخوة الكرام : إن من أجل نعم الله تعالي علي العبد المؤمن أن يشرح الله صدره لطاعته وأن يرزقه الله خشيته وأن يرزقه علي الطاعات الثبات حتي الممات ..
قال النبي عليه الصلاة والسلام " « لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْجَبُوا بِأَحَدٍ، حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ، فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ، أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ، بِعَمَلٍ صَالِحٍ، لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا سَيِّئًا، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ، لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ» ..
قال النبي عليه الصلاة والسلام «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ فقَالَ عليه الصلاة والسلام " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ "»
القرآن الكريم أيها الكرام في حديثه عن خواتيم الناس
أتي علي أن أحسن الخواتيم التي يختم بها للمؤمن الشهادة في سبيل الله تعالي نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا شهادة في سبيله ووفاة في بلد رسوله صلي الله عليه وسلم ...
تحدث عن ذلك رب العالمين في سورة البقرة فقال :
" {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} "
وتحدث عن أولئك الذين ختم لهم بالشهادة في آل عمران فقال :
" { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا } "
وتحدث عنهم أيضا في سورة النساء فقال:
" { وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } "
وفي سورة الأعراف قال " {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } "
وفي سورة التوبة قال " {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا } "
وفي سورة الأحزاب قال " { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} "
وفي سورة الحديد قال " {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} "
وفي سورة يس ورد الحديث عن الرجل الذي جاء من أقصي المدينة يسعي فقتل في سبيل الله فلما فاضت روحه قال " {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} "
وفي صحيح السنة ورد قول النبي عليه الصلاة والسلام
" «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ سَأَلَ اللهَ الْقَتْلَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً، فَإِنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغَرِّ مَا كَانَتْ، لَوْنُهَا كَالزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا كَالْمِسْكِ، وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَعَلَيْهِ طَابَعُ الشُّهَدَاءِ» "
وقال عليه الصلاة والسلام " « الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ » "
شهداء كثر أتي الحديث عنهم في كتاب الله تعالي ..
وفي سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ...
كلهم نحسبهم علي خير والله تعالي حسيبهم شهداء بدر شهداء أحد شهداء بئر معونة شهداء مؤتة شهداء حنين وغيرهم وغيرهم كلهم نحسبهم علي خير والله تعالي حسيبهم ...
لكني أري والله أعلم أن الشهداء الذين أتي الحديث علي ذكرهم في سورة البروج كان الابتلاء في حقهم أشد , الشهداء الذين أتي الحديث علي ذكرهم في سورة البروج أوذوا في الله تعالي أذية بالغة
" { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } )
اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي أَهْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَنْ هُمْ؟؟
قال عَليّ بن أبي طالب إنَّهُمْ أَهْلُ فَارِسٍ وذلك أنه أَرَادَ أحد ملوكهم أن يتزوج أخته ومحارمه ، وطمع أن يوافقه علي ذلك العلماء فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاؤُهُمْ، فَعَمَدَ إِلَى حَفْرِ أُخْدُودٍ ثم أضرم فيه نارا فَقَذَفَ فِيهِ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ .
وَقيل إنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا بِالْيَمَنِ اقْتَتَلَ مُؤْمِنُوهُمْ وَمُشْرِكُوهُمْ، فَغَلَبَ المؤمنون الكافرين ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا فَغَلَبَ الْكُفَّارُ الْمُؤْمِنِينَ، فخدُّوا لَهُمُ الْأَخَادِيدَ، وَأَحْرَقُوهُمْ فِيهَا ..
وَقيل إنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْحَبَشَةِ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاسٍ هم نَاسٌ مَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، خَدّوا أُخْدُودًا فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ أَوْقَدُوا فِيهِ نَارًا، ثُمَّ أَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ الْأُخْدُودِ رِجَالًا وَنِسَاءً، فعُرضوا عَلَيْهَا.
علي كل حال وقعت هذه القصة في زمن الفترة بين عيسي وبين محمد صلي الله عليه وسلم
قال النبي عليه الصلاة والسلام
«كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبُرَ السَّاحِرُ قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبُرَتْ سِنِّي وَحَضَرَ أَجَلِي، فَادْفَعْ إِلَيَّ غُلَامًا لِأُعْلِّمُهُ السِّحْرَ. فَدَفَعَ إِلَيْهِ غُلَامًا فَكَانَ يُعَلِّمُهُ السِّحْرَ، وَكَانَ بَيْنَ السَّاحِرِ وَبَيْنَ الْمَلِكِ رَاهِبٌ قلت والراهب في ذلك الوقت ( رجل يعيش في صومعة يعبد الله الواحد الأحد) قال النبي فَأَتَى الْغُلَامُ عَلَى الرَّاهِبِ فَسَمِعَ مِنْ كَلَامِهِ، فَأَعْجَبَهُ نَحْوُهُ وَكَلَامُهُ، وَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ وَقَالَ: ما حبسك؟ وإذا أتى أهله ضربوه وَقَالُوا: مَا حَبَسَكَ؟ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ: إِذَا أَرَادَ السَّاحِرُ أَنْ يَضْرِبَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي. وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُكَ أَنْ يَضْرِبُوكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ.» ..
قلت وهذه حيله دل الراهب الغلام عليها خلاصا من الأذي ....
قَالَ النبي : «فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ فَظِيعَةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَجُوزُوا، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَمْ أَمْرُ السَّاحِرِ. قَالَ النبي: فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ وَأَرْضَى مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ، فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَجُوزَ النَّاسُ. وَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ. فَأُخْبِرَ الرَّاهِبُ بِذَلِكَ فَقَالَ: أيْ بُنَي، أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي، وَإِنَّكَ سَتُبتلى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ. فَكَانَ الْغُلَامُ يبُرئ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَسَائِرَ الْأَدْوَاءِ وَيَشْفِيهِمْ» ..
قلت : وهذه كرامة أجراها الله علي يديه
«وَكَانَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ فَعَمِيَ، فَسَمِعَ بِالغلام، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ: اشْفِنِي وَلَكَ مَا هَاهُنَا أجمعُ. فَقَالَ: مَا أَنَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ آمَنْتَ بِهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ. فَآمَنَ فَدَعَا اللَّهَ فَشَفَاهُ. قلت ومن هنا بدأت المحنة ثُمَّ أَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ مِنْهُ نَحْوَ مَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: يَا فُلَانُ، مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ فَقَالَ: رَبِّي؟ فَقَالَ: أَنَا؟ قَالَ: لَا رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ. قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أيْ بُنَي، بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ أَنْ تُبْرِئَ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَهَذِهِ الْأَدْوَاءَ؟ قَالَ: مَا أَشْفِي أَنَا أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: أَنَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَوَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَخَذَهُ أَيْضًا بِالْعَذَابِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَأَتَى بِالرَّاهِبِ فَقَالَ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، وَقَالَ لِلْأَعْمَى: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ إِلَى الْأَرْضِ»
قلت : وقد أشار إلي ذلك حديث رسول الله ...
( «لَقَدْ كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ حُفْرَةٌ، وَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ، مَا يَصْرِفُهُ عَنْ دِينِهِ» )
«وَقيل لِلْغُلَامِ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَبَعَثَ بِهِ مَعَ نَفَرٍ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ: إِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَدَهدهوه مِنْ فَوْقِهِ فَذَهَبُوا بِهِ، فَلَمَّا عَلَوْا بِهِ الْجَبَلَ قَالَ: اللَّهُمَّ، اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَدُهْدِهُوا أَجْمَعُونَ. وَجَاءَ الْغُلَامُ يَتَلَمَّسُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَبَعَثَ بِهِ مَعَ نَفَرٍ فِي قُرقُور فَقَالَ: إِذَا لَجَجْتُمْ بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فغرِّقوه فِي الْبَحْرِ. فَلَجَّجُوا بِهِ الْبَحْرَ فَقَالَ الْغُلَامُ. اللَّهُمَّ، اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَغَرِقُوا أَجْمَعُونَ .. وَجَاءَ الْغُلَامُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، فَإِنْ أَنْتَ فَعَلْتَ مَا آمُرُكَ بِهِ قَتَلْتَنِي، وَإِلَّا فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ قَتْلِي. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، وتأخذ سهمًا من كنانتي ثم قل: "بسم اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ"، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي. فَفَعَلَ، وَوَضْعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ قَوْسِهِ ثُمَّ رَمَاهُ .. وَقَالَ: "بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ". فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ الْغُلَامُ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ السَّهْمِ وَمَاتَ ... فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ. فَقِيلَ لِلْمَلِكِ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ فَقَد نَزَلَ بِكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ. فَأَمَرَ بِأَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدّت فِيهَا الْأَخَادِيدُ، وَأُضْرِمَتْ فِيهَا النِّيرَانُ .. وَقَالَ: مَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ فَدَعَوْهُ وَإِلَّا فَأَقْحِمُوهُ فِيهَا. قَالَ: فَكَانُوا يَتَعَادَوْنَ فِيهَا وَيَتَدَافَعُونَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا تُرْضِعُهُ، فَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِي النَّارِ، فَقَالَ الصَّبِيُّ: اصْبِرِي يَا أُمَّاهُ، فَإِنَّكِ على الحق» ".
شق الراهب وشق الأعمي بالمنشار نصفي نصفين في سبيل الله
وقتل الغلام بالسهم في سبيل الله وحرق المؤمنون في النار في سبيل الله ففاضت أرواحهم الزكية إلي تعالي وقد كتبوا من الشهداء قد فازوا وحازوا من الجنة الدرجات العلي ( {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} )
------------------------------------------------
بقي لنا في ختام الحديث عن الشهداء في القرآن والسنة وتحديدا عن شهداء سورة البروج الذين أوذوا في دينهم وأنفسهم وآبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم في سبيل الله تعالي بقي لنا أن نقول وما وجه الإفادة فيها ؟
من هذا القصص نتعلم دروسا ونجني ثمارا ....
كان أهمها :
بيان أن حياة المؤمن لا تخلوا من ابتلاء في دينه يبتلي في نفسه يبتلي في ماله في ولده في زوجه .. سنة الله في عباده أن يبتلي المؤمن وعلي مقدار الإيمان تكون المحن ذلك أن حكمة الله تعالي تقتضي أن يمتحن القلوب المؤمنة وأن يمحص الصدور ومن يرد الله به خيرا يصب منه ( {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} )
ومن أوجه الإفادة من الحديث عن شهداء سورة البروج الذين أوذوا في دينهم وأنفسهم وآبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم في سبيل الله تعالي ففاضت أرواحهم الزكية إلي تعالي وقد كتبوا من الشهداء ..
بيان أن الحكمة ضالة المؤمن أني وجدها أخذها فقد تعلمنا في هذه القصة علي يد غلام لم يبلغ الحلم ( {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} )
قلت ومن أهم الفوائد :
من هؤلاء الشهداء بيان أن أغلي ما يملك المؤمن في حياته دينه .. فالمال يعوض والزوج يعوض والولد يعوض أما الدين فلا عوض له
« «إِنْ كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ أَحَدُهُمْ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ» »
قلت وما شهداء سورة البروج إلا مثل من الأمثلة حرقوا بالنار وما صرفهم ذلك عن دينهم إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد .
- التصنيف: