فلنحيينه حياة طيبة

منذ 2020-06-01

قال تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}   [النحل:97]

هذا وعد الحق سبحانه ومن أصدق من الله قيلا، فالإنسان المؤمن بحق والذي يحيا لعبادة الله بالعمل الصالح فالعمل الصالح هو العبادة التي خلقنا الله لأجلها، قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [ الذاريات:56]
إذ إن العبادة تشمل كل الأعمال الصالحة التي يحبها الله سواء كانت قولية أو فعلية، أم كانت بالقلب أو بالجوارح فكل ما يرضى الله هو عمل صالح وهو عبادة .
لكن التساؤل أن من الأخيار الأطهار الذين يكثرون من الصالحات ويجتهدون في الطاعات تجدهم وقد وقعت بهم ابتلاءات وأزمات فماذا عن الحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده المتقين؟
هذا يرجع إلى فهم معنى الحياة الطيبة، فالحياة الطيبة هي التي يحيا فيها المؤمن راضيًا عن ربه متقبلًا لقضائه وقدره مهما توالت عليه المصائب، فهو  يحسن الظن بالله وموقن أن له عند الله ما هو أبقى وأعظم، فهو بتعبير العصر يحظى دائمًا بما يٌسمى السلام الداخلي فلا سخط على الرب ولا حسد للخلق ولا غل في نفسه للآخرين، حياته كلها لمرضاة الله ولشكره على فيض نعمه وأهمها نعمة الإيمان وعلى منه له بالعونّ على عبادته وكما يقال شكر النعمة هو نعمة أخرى وقد ورد فى القرآن دعاء النبي سليمان عليه السلام حيث سال الله ان يلهمه شكر النعمة حت أصبح من المستحب اأن يدعو المسلم بدعاء مماثل حين يبلغ أشده؛وذلك من قوله تعالى:
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف:15]
وهذا رابط جديد في المسألة ألا وهو سيرة الأنبياء فقد ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : «أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ الصالحونَ ، لقدْ كان أحدُهم يُبتلى بالفقرِ حتى ما يجدُ إلا العباءةَ ، يجوبُها ، فَيَلْبَسُهَا ، و يُبتلى بالقملِ حتى يقتلَه ، و لَأَحَدُهُمْ كان أشدَّ فرحًا بالبلاءِ من أحدِكم بالعطاءِ»  (الراوي : أبو سعيد الخدري. صحيح الجامع ؛رقم 995)

فالحياة الطيبة إذًا هى الفوز بمشاعر الأمن والسكينة والرضا وليست كثرة العرض والحظ الوفير من متاع الدنيا، والدليل نراه متجسدًا في نموذجين من البشر
النموذج الأول يمتلك كل شئ ولكن فقره بين عينيه فهو في حالة دائمة من اللهث وراء الدنيا و في غفلة عن الآخرة، أما النموذج الثاني فهو قد لا يصل إلى حد الكفاف لكنه مستمتع بأقل القليل يستمد سعادته من حسن علاقته بخالقه.
والقول الفصل هو أن الحياة الطيبة شعور نفسي مصدره قوة صلة العبد بربه والاطمئنان بقربه بقلب يملؤه التفويض والتوكل والتسليم.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 18
  • 2
  • 11,821

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً