الأسباب والمسببات والعلاقة بينهما

منذ 2020-06-01

من المسائل التي ينبغي تذكير الناس بها، وتصحيح المفاهيم حولها في وقتنا الحالي: مسألة الأسباب والمسببات والعلاقة بينهما، حيث نرى في تعامل الناس مع فيروس كورونا وغيره من الأسباب، مواقف مختلفة.

من المسائل التي ينبغي تذكير الناس بها، وتصحيح المفاهيم حولها في وقتنا الحالي: مسألة الأسباب والمسببات والعلاقة بينهما، حيث نرى في تعامل الناس مع فيروس كورونا وغيره من الأسباب، مواقف مختلفة:-
 فهناك من لا يبالي بأن الفيروس سبب للعدوى أصلا، فلا يحتاط، ولا يحذر، وربما ألقى بنفسه إلى التهلكة، بحجة أن كل شيء مكتوب ومقدر.
 وهناك على العكس من يبالغ في الحذر، حتى يؤول به الأمر إلى حالة من الرعب النفسي، وتوقع الكارثة، وتعظيم أمر سبب المرض وهو الفيروس، والخوف على نفسه ومن حوله في كل لحظة.
والموقف الوسط أن تعلم:
- أن تعطيل الأسباب بالكلية، وإنكارها، واخراجها عن أن تكون أسبابا مؤثرة بما قدره الله فيها: هو باب لتعطيل الشرع، ومصالح الدنيا والآخرة جميعا.
 كما أن الاعتماد على الأسباب وحدها، وتعظيم شأنها، والركون إليها، واعتقاد أن النتائج تحصل بها فقط، وأنها أسباب تامة: شرك بالخالق عز وجل، وجهل به ، وخروج عن حقيقة التوحيد.
 والصواب هو: إثبات سببيتها على الوجه الذي خلقها الله عليه، وجعلها له، وفي ذلك جمع بين الإقرار بالخلق والامر، والشرع والقدر.
- ثم عليك أن تعلم أمرا في غاية الأهمية وهو: أنه ليس في الوجود سبب واحد مستقل بالتأثير، بل لا يؤثر سبب البتة إلا بانضمام سبب آخر إليه، وانتفاء مانع يمنع تأثيره.
 فكل ما يخاف ويرجى من المخلوقات، فأعلى غاياته أن يكون جزء سبب غير مستقل بالتأثير، ولا يستقل بالتأثير وحده دون توقف تأثيره على غيره إلا الله الواحد القهار، فلا ينبغي أن يرجى ولا يخاف غيره.
 وهذا برهان قطعي على أن تعلق الرجاء والخوف بغير الله سبحانه باطل، فإنه لو فرض أن ذلك سبب مستقل وحده بالتأثير لكانت سببيته من غيره لا منه، فليس له من نفسه قوة يفعل بها، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، فهو الذي بيده الحول كله والقوة كلها ... فكيف يخاف ويرجى من لا حول له ولا قوة، بل خوف المخلوق ورجاؤه أحد أسباب الحرمان، ونزول المكروه بمن يرجوه ويخافه. 
بتصرف من الفوائد ص 52.
وها أنت ترى بنفسك: أن هناك من يصاب بالفيروسات، وهناك من لا يصاب (يصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء) والمصابون أنواع شتى، فمنهم من تظهر عليه الأعراض ومنهم من لا تظهر، والعواقب أيضا مختلفة، فهناك من يتعافى سريعا، وهناك من تتفاقم حالته، وهناك من يقدر الله له الوفاة.
وخلاصة الأمر: أن تراعي الأسباب وتأخذ بها ما أمكنك ذلك، مع الثقة التامة بأن الأمر كله لله سبحانه، الذي يدبر الأمر، والأسباب كلها من خلقه، وأمرها بيده، سبحانه وتعالى عما يشركون.
 

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 3
  • 2
  • 1,541

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً