منزلة الأخت في الإسلام
وحذار من ظلم الأخت حذار أن تأكل حقها حذار من حرمانها فإن الله قد أعطي كل ذي حق حقه وقد خاب من حمل ظلماً
أيها الإخوة المؤمنون:
لا يشك عاقل في أن الإسلام جاء فأنصف الجميع جاء الإسلام فأنصف الرجل وأنصف المرأة أنصف المسلم وأنصف غير المسلم أنصف الضعفاء من غير أن يجور علي الأقوياء ولا يظلم ربك أحدا جاء الإسلام فأنصف الفقراء من غير أن يبخس حق الأغنياء..
جاء الإسلام علي يد خير الأنام صلي الله عليه وسلم فأعطي كل ذي حق حقه .
ويشهد التاريخ أن المرأة في ظل الإسلام تحصلت علي حريتها ونالت كرامتها ورُدت إليها إنسانيتها وأخذت حقها كاملا غير منقوص أكرم الإسلام المرأة غاية الإكرام أكرمها جدة أكرمها أما أكرمها زوجة أكرمها أختا أكرمها بنتا ( {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} )
لن نستطيع بحال من الأحوال أن نتحدث عن الأم والزوجة والأخت والبنت في لقاء ولكن حسبنا أن نتحدث يومنا هذا
عن ( الأخت )
نتحدث عن الأخت وكيف أن الإسلام وصي بالإحسان إليها نتحدث عن الأخت وكيف أن الإسلام وصي بإكرامها..
الأخت أيها المؤمنون تأتي في الفضل في المنزلة الأولي بعد الوالدين مباشرة فإذا كان الإسلام قد وصي بالإحسان إلي الأم وبالإحسان إلي الأب فإن الإسلام قد أوصي بالإحسان إلي الأخوات ومن بعد الأخوات نحسن إلي الإخوة ثم الأقرب فالأقرب..
صعصعة بن عامر رجل من بني تميم كان في الجاهليه يحب الخيرات ويكره المنكرات كان يسعي بين الناس فكلما رأي رجلا يعزم علي وأد ابنته منعه واشتراها منه ليُبقيها علي قيد الحياة حتي أنه لُقب في ذلك الوقت بمحي الأموات اشتري صعصة بن عامر من بنات قومه أكثر من أربعمائة حفظ عليهن بعون الله حياتهم لما قذف الله الإسلام في قلبه قال يا رسول الله هل لي علي إحياء الأموات من أجر قال النبي نعم إذا أسلمت قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال يا رسول الله أوصني قال النبي يا صعصة بن عامر أوصيك بأمك وأبيك وأختك وأخيك وأدانيك أدانيك قال زدني يا رسول الله قال احفظ ما بين لحييك وما بين رجليك ...
الإسلام يجعل من صلة الأرحام
أمارة من أمارات الإيمان بالله واليوم الآخر والإسلام حين يتكلم عن صلة الرحم وأن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله فأول من يوصل من ذوي الأرحام الأخوات فمن رحم واحد ولدت الأخت مع أخيها..
ومن هنا كانت أختي أولي الناس بي أولي الناس بهديتي أولي الناس بإحساني هي أولي الناس وأحق الناس بصدقتي إن كنت من أهل الصدقات إحساني إلي أختي وحسن معاملتي لزوجها وولدها صورة من صور صلة الرحم والإحسان إليها..
وفي الصحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم جمع الأنصار في شأن خاص فقال هل فيكم أحد من غيركم ؟ قال لا يا رسول الله إلا ابن أخت لنا فقال صلي الله عليه وسلم ابن أخت القوم منهم .
وكان عند أم ميمونه زوج نبينا صلي الله عليه وسلم جارة وكانت أم ميمونه تريد أن تعتق هذه الجارية ترجو أجرها فاستشارت النبي صلي الله عليه وسلم في عتقها وثوابها فأشار عليها الرسول عليه الصلاة والسلام أن تهبها لأختها وأن تصل بها رحمها وقال ذلك خير لك .
إذا كانت الأم علي قيد الحياة فالأخت هي الأم الثانية وهي الأم بعد وفاة الأم الأخت هي القلب الكبير هي القلب الرحيم هي المربية هي المعلمة هي اليد الحانية تجوع وتطعم أخاها وتتحمل البرد وتكسو أخاها ولا أحن من الأخت بعد الأم
حب الأخت لأخيها فطرة فطرها الله تعالي عليها هي أول من يحنو عليك هي أول من يرحم حب الأخت لأخيها يفوق حب المرأة لزوجها ويفوق حب الأم لولدها فطرة فطرها الله تعالي عليها ولا أبالغ لو قلت إن حب الأخت لأخيها يصعب علي الشيطان الرجيم أن ينتزعه من قلبها..
قرأت قبل أيام أن والياً من الولاة كان ظالماً وكان غليظاً وقاسياً ..
أمر في يوم من الأيام باعتقال ثلاثة رجال وأمر بقتلهم فحضرت للقاء ذلك الوالي امرأة حضرت وهي تبكي وتصر علي لقاءه والحديث معه , تحت إصرارها وإلحاحها وافق علي اللقاء بها فلما دخلت عليه قال ما يبكيك ؟ وما سر هذا الإلحاح والإصرار علي لقائي ؟ قالت هؤلاء الثلاثة الذين اعتقلتهم وأمرت بقتلهم زوجي وولدي وأخي فكيف لا أبكي ؟!
فقال إكراماً لك تخيري أحدهم لأعفو عنه وسأقتل صاحبيه .. ساد الصمت في المجلس وأحضر الثلاثة فوقفوا الزوج والولد والأخ فنظرت إليهم وبكت ..
وقعت في حيرة من تختار ؟ أتختار زوجها رفيقها حبيبها أم تختار ولدها فلذة كبدها أم تختار أخاها الذي تربت في كنفه ؟؟
ساد الصمت ثم قالت أختار أخي أريد أخي ..!!!
تفاجئ الناس تختار الأخ علي زوجها وولدها ؟؟ !! قالت أختار أخي قيل لها إخترت الأخ ؟؟ ما سر الإختيار ؟
قالت: الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود من ينبت لي أخي مات أبي وماتت أمي فمن يأتيني بأخ ؟ لا تراهن أخي عل حب أختك لك لأنها تحبك قالت الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود ..
الزوج موجود يمكن أن أتزوج بغيره والولد مولود يمكن أن ألد غيره أما الأخ فهو مفقود من ينبت لي أخي وقد مات أبي وماتت أمي ؟
من أعظم التضحيات والتحديات التي ذكرها القرآن
تضحية مريم أخت موسي عليه السلام واجهت مريم بسبب حبها وشفقتها علي أخيها موسي واجهت رجلاً وصفه الله في القرآن بقوله ( وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين )
بسبب حب مريم لأخيها موسي واجهت الفرعون الذي يقتل الرجال الذي يذبح الذكور الذي يستحي النساء:
( {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } )
لو كان في غير القرآن لقيل وقالت لابنتها قصيه لكن هناك فرق بين لو كانت الآية وقالت لابنتها لكان ذهاب مريم طاعة لأمر أمها لكن الله تعالي أراد أن يؤكد علي هذه الصلة علي هذه الشفقة بين الأخت وبين أخيها فجاء النص هكذا (وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ )
في إشارة إلي أن مريم ذهبت تتابع التابوت وتسلك المهالك حباً لأخيها رحمة به شفقة عليه .. ما نعم موسي بلبن أمه وما جُمع شمله بها إلا علي يد أخته ( {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } )
مرت السنوات وأراد الحكيم العليم أن يمتن علي موسي عليه السلام فذكره بفضل أخته فقال
(إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ ) ما قال الله تعالي وأوحينا إلي أختك وما قال وأمرنا أختك وإنما قال إذ تمشي أختك لبيان أن الذي دفعها حبها ورحمتها وشفقتها لذلك ضحت وخاطرت بحياتها من أجل أخيها ( {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ} )
فما أحوجنا أيها المؤمنون لأن نتنبه لهذه الكلمات فنتقي الله في أخواتنا فإنهنّ كسِيرات ضعيفاتٍ يحتجن إلي أن نسأل عنهن يحتجن إلي أن نحنو عليهن يحتجن إلي أن نتودد إليهن أن نحسن إليهن نكرمهن سنداً لهن وجبراً لخاطرهنّ وصلة لأرحامهن..
وفي الحديث ( «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه » ) وفي الحديث الآخر ( « من وصل رحمه وصله الله» )
وحذار من ظلم الأخت حذار أن تأكل حقها حذار من حرمانها فإن الله قد أعطي كل ذي حق حقه وقد خاب من حمل ظلماً
قال ابن مسعود يؤخذ بيد العبد يوم القيامة فينادي به على رؤوس الخلائق هذا فلان ابن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه قال فتفرح المرأة أن يكون لها حق على أبيها أو أخيها أو زوجها ثم قرأ فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون
قال فيغفر الله من حقه ما شاء و لا يغفر من حقوق الناس شيئا فينصب العبد للناس ثم يقول الله تعالى لأصحاب الحقوق ائتوا إلى حقوقكم قال فيقول الله تعالى للملائكة خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل ذي حق حقه بقدر طلبته فإن كان وليا لله و فضل له مثقال ذرة ضاعفها الله تعالى له حتى يدخله الجنة بها و إن كان عبدا شقيا و لم يفضل له شيء فتقول الملائكة ربنا فنيت حسناته و بقي طالبوه فيقول الله خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صُكَّ له صَكَّاً إلى النار .
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبارك في أخواتنا وأن يشفيهن وأن يجمع قلوبنا علي المحبة حتي نلقاه...
- التصنيف: