أعمال يزينها الشيطان 1-2

منذ 2020-08-15

وهذا العدوُّ لا يفارق الإنسان، فهو يجري معه مجرى الدم؛ فعن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تلجوا على المغيبات؛ فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم))؛ [أخرجه الترمذي]

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد: فالإنسان العاقل يحرص ألَّا يكون له أعداء في حياته, فوجود الأعداء يُكدر الخاطر, ويجلب الهم, ويستلزم الانشغال بهم, وبذل الوقت والجهد والمال لِردِّ كيدهم، ومقاومة شرِّهم؛ ولكن يوجد عدوٌّ مهما حرص الإنسان ألَّا يكون عدوًّا له, فلن يستطيع لذلك سبيلًا, ذلكم هو: الشيطان الرجيم, الذي استكبر عن طاعة الله ولم يسجد لآدم عليه السلام حيث أمره الله, فكان ذلك سببًا لغضب الله عليه وطرده من الجنة فأصبح آدم عليه السلام وذريَّتُه أعداءً له.

وهذا العدوُّ قرينٌ للإنسان؛ فعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلًا قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: ((مالك يا عائشة أغرت؟))، فقلتُ: وما لي يغار مثلي على مثلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقد جاءك شيطانُك؟))، قُلتُ: يا رسول الله، أو معي شيطان؟ قال: ((نعم))، قُلتُ: ومعك يا رسول الله؟ قال: ((نَعَم، لكن ربي أعانني عليه حتى أَسلَمَ))؛ [أخرجه مسلم]، قال الإمام النووي رحمه الله: وفي هذا الحديث إشارة إلى التحذير من فتنة القرين، ووسوسته، وإغوائه، فأعلمنا بأنه معنا، لنحترز منه بقدر الإمكان.

وهذا العدوُّ لا يفارق الإنسان، فهو يجري معه مجرى الدم؛ فعن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تلجوا على المغيبات؛ فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم))؛ [أخرجه الترمذي]

وعن أمِّ المؤمنين صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنها، أنها جاءت رسول الله عليه الصلاة والسلام تزوره في اعتكافه، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أُمِّ سلمة مرَّ رجلان من الأنصار فسلَّما على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهما: ((على رسلكما؛ إنما هي صفية بنت حُيي))، فقالا: سبحان الله يا رسول الله وكبُر عليهما! فقال: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما شيئًا))؛ [متفق عليه]، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: ((يجري)) قيل: على ظاهره، وأن الله تعالى أقدره على هذا، وقيل: هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه، وكأنه لا يفارقه؛ كالدم، فاشتركا في شدة الاتصال.

ومما يزيد في شدة خطورة هذا العدو، أنه عدوٌّ خفيٌّ لا يراه الإنسان؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: 27] قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ﴾ زيادة في التحذير، وإعلام أن الله عز وجل قد مكن الشيطان من ابن آدم في هذا القدر، وبحسب ذلك يجب أن يكون التحرُّز بطاعة الله تعالى.

 قال مالك بن دينار رحمه الله:إن عدوًا يراك ولا تراه لشديد المؤنة إلا من عصم الله

وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا تثاءب أحدكم في الصلاة، فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل))؛ [أخرجه مسلم].

وهذا العدوُّ لا يترك أحدًا صغيرًا كان أو كبيرًا إلا أغواه وآذاه؛ فعن عبدالله بن دينار قال: خرجت مع ابن عمر إلى السوق فمرَّ على جارية صغيرة تغني، فقال: إن الشيطان لو ترك أحدًا لترك هذه؛ [أخرجه البخاري في الأدب المفرد].

وأذية هذا العدو للإنسان تبدأ من حين يخرج من بطن أُمِّه، فالشيطان يطعن الإنسان عند ولادته فيستهل صارخًا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صياح المولود حين يقع نَزغةٌ من الشيطان))؛ [أخرجه مسلم].

 وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من بني آدم مولود إلا يمسُّه الشيطان حين يُولَد فيستهل صارخًا من مسِّ الشيطان إلا ابن مريم وأُمه))؛ [متفق عليه].

وهذه العداوة والأذى مستمرة حتى آخر لحظة من حياة الإنسان؛ فعن أبي اليسر قال: كان النبي صلى الله عليه يقول: ((اللهم إنِّي أعوذُ بك من التردي، والهدم، والغرق، والحريق، وأعوذُ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذُ بك أن أموت في سبيلك مدبرًا، وأعوذُ بك أن أموت لديغًا))؛ [أخرجه النسائي].

 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشيطان قال: وعزتك يا رب، لا أبرحُ أُغوي عبادَكَ ما دامت أرواحُهم في أجسادهم قال الرب وعزَّتي وجلالي لا أزالُ أغفر لهم ما استغفروني)[أخرجه أحمد]

وهذا العدو حاضر مع الإنسان في كل شيء، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يحضُرُ أحدكم عند كل شيءٍ من شأنه))؛ [أخرجه مسلم].

وتبلغ أذية هذا العدوِّ أنه يحرص على إيذاء الإنسان حتى وهو نائم؛ فعن عوف بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الرؤيا ثلاثة: منها تهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم)) [أخرجه ابن ماجه].

 وعن جابر رضي الله عنه أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت في المنام كأن رأسي قُطِع! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يُحدِّث به الناس))؛ [أخرجه مسلم].

وعداوته لا يرجى زوالها؛ قال الله عز وجل: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر36 - 38].

وهذا العدوُّ يستخدم كل الطرق لإغواء الإنسان؛ قال الله عز وجل: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾[الأعراف: 16، 17]، قال أهل العلم: أي من جميع الجهات والجوانب، ومن كل طريق يتمكن فيه من تحقيق مقصوده.

ويبلغ الحقد بهذا العدوِّ أن يدلَّ الفأرة على النار ليحرق أهل البيت؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "جاءت فأرة، فأخذت تجرُّ الفتيلة، فجاءت بها، فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه، على الخمرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع درهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا نمتم فأطفئوا سرجكم؛ فإن الشيطان يدلُّ مثل هذه على هذه فيحرقكم))؛ [أخرجه أبو داود]،

فينبغي للمسلم أن يتنبَّه لهذا العدُوِّ الحاقد، وأن يستعيذ بالله دائمًا منه، وأن يكون على علم بمداخله، والأعمال التي يُزيِّنها.

وقد يَسَّرَ الله الكريم لي جمْعَ شيءٍ من تلك المواقف، أسأل الله الكريم أن ينفع بها كاتبَها وقارئها، ومَنْ أعان على نَشْرِها في الدنيا والآخرة، إنه جَوادٌ كريمٌ.

 

 

ومن الأعمال التي يُزيِّنُها الشيطان ويُوسوسُ ويأمرُ بها:

الكفر والشرك بالله:

قال الله عز وجل: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحشر: 16]، قال الإمام القرطبي رحمه الله: ومعنى قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ﴾؛ أي: أغواه، حتى قال: إني كافر، وقال العلامة السعدي رحمه الله: أي زيَّن له الكفر، وحسَّنه، ودعاه إليه، فلما اغترَّ به وكفر، وحصل له الشقاء، لم ينفعه الشيطان الذي تولَّاه، ودعاه إلى ما دعاه إليه.

 وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 43]؛ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي من الشرك والمعاندة والمعاصي، وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ﴿وَزَيَّنَ﴾ بمعنى حسَّن لهم ﴿مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾؛ أي: من المعاصي والكفر والشرك.

 ومن أخطر الأمور التي زيَّنها الشيطان، فأوقع الناس في الشرك بالله، العكوف على قبور الأولياء والصالحين، وتعظيمها، فعُبِدَ أصحابُها من دون الله؛ قال عز وجل: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هذه أسماء رجالٍ صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسمُّوها بأسمائهم ففعلوا، فلم تُعبَد، حتى إذا هلك أولئك، ونُسِي العلمُ عُبِدت"؛ [أخرجه البخاري].

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الوحي: إلقاء في خفاء، والشيطان لا يتحدث علنًا؛ ولكن يوحي؛ يعني: يُلقي في خفاء، فألقى الشيطان في روعهم وأنفسهم ذلك الأمر، فكان سببًا للشرك بالله جل وعلا.

الردة عن الإيمان والانتكاس عن الهداية:

قال عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: 25]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي فارقوا الإيمان، ورجعوا إلى الكفر، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ﴾ [محمد: 25]؛ أي: زيَّن لهم ذلك وحسَّنَه، ﴿وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: 25]؛ أي: غرَّهم وخدعَهم؛ وقال السعدي رحمه الله: يخبر تعالى عن حالة المرتدين عن الهدى والإيمان على أعقابهم إلى الضلال والكفران، ذلك لا عن دليل دلَّهم، ولا برهان؛ وإنما هو تسويل من عدوِّهم الشيطان وتزيين لهم وإملاء منه لهم.

عَمَل السحر، أو تعلُّمه، أو حلُّه بسحرٍ مثله:

قال الله عز وجل: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 102]، قال العلامة السعدي رحمه الله: ﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ من إضلالهم وحرصهم على إغواء بني آدم, وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: من فوائد الآية: أن السحر من أعمال الشياطين، ومنها أن تعلم السحر وتعليمه كفر، ومنها أن كفر الساحر كفر مُخرِجٌ عن الملَّة.

وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة، فقال: ((هو من عمل الشيطان))؛ [أخرجه أبو داود].

 قال العلامة ابن القيم رحمه الله: النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعان:

الأول: حل السحر بمثله والذي هو من عمل الشيطان...

الثاني: بالرقية والتعاويذ والأدوية المباحة فهذا جائز.

 

تقديم العقل والهوى والرأي على شرع الله وأحكامه:

قال الله عز وجل: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [ص: 75، 76]؛ قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: من فوائد هذه الآيات: إن من قدَّم العقل على السمع؛ فإنما هو متَّبِع لخطوات الشيطان؛ لأن الشيطان قَدَّم ما يدعي أنه عقل على السمع، فأخطأ في ذلك، فهكذا كل من قدم العقل على السمع سواء في العلميات، وهي علم العقائد، أو في العمليات، فإنه مشابه لإبليس، مُتَّبِع لخطواته.

 وقال الله عز وجل: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ [الأنعام: 121]؛ قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: المشركون حين سمِعُوا تحريم الله ورسوله الميتة، وتحليله للمذكاة، وكانوا يستحلُّون أكل الميتة، قالوا: معاندة لله ورسوله، ومجادلة بغير حجة وبرهان، أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل الله؟ يعنون بذلك الميتة، وهذا رأيٌ فاسد لا يستند على حجة ولا دليل؛ بل يستند إلى آرائهم الفاسدة التي لو كان الحق تبعًا لها لفسدت السماوات والأرض، ومن فيهن فتبًّا لمن قدم هذه العقول على شرع الله وأحكامه الموافقة للمصالح العامة والمنافع الخاصة، ولا يُستغرَب هذا منهم، فإن هذه الآراء وأشباهها صادرةٌ عن وحي أوليائهم من الشياطين الذين يريدون أن يضِلُّوا الخلق عن دينهم ويدعوهم؛ ليكونوا من أصحاب السعير".

ومن أراد أن يسلم من تلاعب الشيطان به، فإن عليه أن يسلم ويمتثل لأمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا يقدم عقلًا ولا هوى ولا ذَوْقًا على أمرهما؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: 36].

 الشكوك في المعتقدات والعبادات:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك، فليستعذ بالله ولينته))؛ [متفق عليه]، وفي رواية: ((فمن وجد من ذلك شيئًا، فليقل: آمنتُ بالله))، ومن جاءه الشيطان بهذه الوساوس وغيرها، فليعلم أنَّ ذلك صريح الإيمان، فالشيطان عجز عن إضلاله، فلم يستطع إلا أن يوسوس له ليزعجه ويُنكِّد عليه؛ قال الإمام النووي رحمه الله: وقيل معناه: أن الشيطان إنما يوسوس لمن يئس من إغوائه، فينكِّد عليه بالوسوسة؛ لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقِّه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((فمن وجد ذلك، فليقل: آمنت بالله))، وفي الرواية الأخرى: ((فليستعذ بالله وليَنْتَهِ))، فمعناه: الإعراض عن هذا الخاطر، والالتجاء إلى الله في إذهابه.

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الشكوك التي ترد على العقول في العبادات والمعتقدات وغيرها، وحتى في ذات الله تعالى، كلها من الشيطان؛ ولذا لما شكا الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما يجدون في نفوسهم مما يتعاظمون أن يتكلموا به أخبرهم صلى الله عليه وسلم أن:(ذلك صريح الإيمان))

أي: خالصه؛ وذلك لأن الشيطان إنما يورد هذه الشبهات على قلب ليس عنده شبهة حتى يطيعه في الشبهة، وأما من كان قلبه مملوءًا بالشبهات أو منسلخًا من الديانات، فإن الشيطان لا يعرض عليه مثل هذه الأمور؛ لأنه قد فرغ منه.

 

 

التحاكم إلى الطاغوت:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 60]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: وقوله: ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ إذن فهم تابعون للشيطان، الذي يملي عليهم التحاكم إلى الطاغوت، مثال ذلك: إذا دعي أحد من الناس إلى القرآن الكريم فيأبى ويقول: لا، بل نتحاكم إلى التوراة أو إلى الإنجيل، أو إلى القانون الفلاني، أو يقول نتحاكم إلى المحاكم التجارية والقوانين التجارية.

 مفارقة أهل السنة والجماعة:

عن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالجماعة، وإيَّاكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبْعَد، من أراد بُحبوحة الجنة فليزم الجماعة))؛ [أخرجه الترمذي].

 وعن عرفجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه سيكون بعدي هنات وهنات، فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفارق أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كائنًا من كان فاقتلوه؛ فإن يد الله مع الجماعة، وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض))؛ [أخرجه النسائي].

الاستكبار عن طاعة الله عز وجل:

قال عز وجل: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾[ص: 73، 74] قال العلامة ابن عثيمين: أعظم ميزة يتميز بها الشيطان أنه مستكبر عن طاعة الله، فكل من استكبر عن طاعة الله، فإنه من أتباع الشيطان.

تغيُّر خلق الله:

قال الله سبحانه وتعالى ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: 119]قال العلامة العثيمين رحمه الله: ما المراد بخلق الله؟ هل المراد الفطرة التي فطر الناس عليها فيكون المعنى أنهم يغيرون فطرة الخلق من التوحيد إلى الشرك ومن اليقين إلى الشك أو المراد بتغير خلق الله: الوشم والوشر والنمص..؟الجواب فيه قولان للعلماء والصواب أنه شامل

الخوف والرعب من أوليائه من المجرمين والفاسقين والكافرين:

قال الله جل جلاله: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]؛ قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن كيد عدو الله: أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه، فلا يجاهدونهم، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وقال العلامة العثيمين رحمه الله: أولياء الشيطان كُلُّ مجرم وفاسق وملحد وكافر، ومن فوائد الآية الكريمة: بيان شدة عداوة الشيطان لبني آدم؛ حيث يرعبهم ويخوِّفهم بأوليائه، وأنه يجب على المؤمن ألَّا يخاف من أولياء الشيطان؛ لقوله: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]، وكلما قوي الإيمان بالله قوي الخوف منه، وضعُف الخوف من أولياء الشيطان.

الحلف بالله كذبًا:

قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف: 21]، قال قتادة : حلف لهما بالله حتى خدعهما، وقال الإمام البغوي رحمه الله: إبليس أول من حلف بالله كاذبًا، فلما حلف ظَنَّ آدم أن أحدًا لا يحلف بالله إلا صِدْقًا، فاغترَّ به.

 

إظهار الباطل في صورة حسنة:

قال الله عز وجل: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ [النمل: 24]، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن مكايده: أنه يسحر العقل دائمًا حتى يكيده، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيزين له الفعل الذي يضُرُّه، حتى يُخيل إليه أنه من أنفع الأشياء، فلا إله إلا الله، كم فُتن بهذا السحر من إنسان! كم جمَّل الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وبشَّع الحق، وأخرجه في صورة مستهجنة!

وقال الله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: 112]، قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: أي يزين بعضهم لبعض الأمر الذين يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات، حتى يجعلوه في أحسن صورة ليغترَّ به السفهاء، وينقاد له الأغبياء الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموَّهة، فيعتقدون الحق باطلًا، والباطل حقًّا.

الجدال بالباطل وبغير حجة أو برهان:

قال الله عز وجل: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ [الأنعام: 121]، وقال جل وعلا: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾ [الحج: 3]، قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله :

ومن الناس طائفة وفرقة سلكوا طريق الضلال، وجعلوا يجادلون بالباطل الحق، يريدون إحقاق الباطل، وإبطال الحق، أنهم في غاية الجهل، ما عندهم من العلم شيء، وغاية ما عندهم تقليد أئمة الضلال، من كل شيطان مريد، متمرِّد على الله ورسله، معاند لهم، قد شاقَّ الله ورسوله.

 

القول على الله بغير علم:

قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 168، 169]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: من فوائد الآية أن القول على الله بلا علم من أوامر الشيطان، ويشمل القول على الله في ذاته، كالقائلين أنه سبحانه وتعالى ليس بداخل العالم، ولا بخارجه، ولا متصل، ولا منفصل، ولا فوق العالم، ولا تحت، هؤلاء قالوا على الله بلا علم، ويشمل القول على الله في أسمائه، مثل أن يقول أن أسماء الله سبحانه وتعالى أعلام مجردة، لا تحمل معاني، ولا صفات، فهو سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعليم بلا علم، ويشمل أيضًا من قال في صفات الله ما لا يعلم، مثل أن يثبتوا بعض الصفات دون بعض، كذلك يشمل القول على الله بلا علم في أفعاله، مثل أن يثبتوا أسبابًا لم يجعلها الله أسبابًا، كمثل المنجمين، والخرَّاصين وشبههم، هؤلاء قالوا على الله بلا علم في أفعاله، ومخلوقاته، فيقولون: سبب وجود هذا وهذا كذا، وهو لا يعلم أنه سبب له كونًا، ولا شرعًا، ويشمل أيضًا القول على الله بلا علم في أحكامه، مثل أن يقول: "هذا حرام" وهو لا يعلم أن الله حرمه، أو "واجب"، وهو لا يعلم أن الله أوجبه، وهم كثيرون جدًّا، ومنهم العامة، ومنهم أدعياء العلم الذين يظنون أنهم علماء، وليس عندهم علم،

فالقول على الله بلا علم في ذاته، أو أسمائه، أو صفاته، أو أفعاله، أو في أحكامه، كل ذلك من أوامر الشيطان، والغالب أنه لا يحمل على ذلك إلا محبَّة الشرف، والسيادة، والجاه، وإلا لو كان عند الإنسان تقوى لالتزم الأدب مع الله عز وجل، ولم يتقدَّم بين يدي الله ورسوله، وصار لا يقول الله إلا ما يعلم.

 

النوم عن صلاة الفجر حتى يصبح الإنسان:

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ذُكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ نام ليلة حتى أصبح قال: ((ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه))؛ [متفق عليه]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الظاهر أن مراده بقوله: "حتى أصبح"؛ يعني: حتى طلعت الشمس، وبيان النهار؛ لأنه لا يحصل هذا الوعيد لمن نام عن صلاة الليل، إذ إن صلاة الليل سُنة وليست بواجبة، ويؤيد هذا قوله: ((بال الشيطان في أُذُنِهِ)) حتى لا يسمع أذان الفجر.

 وفيه من الفوائد: التحذير من النوم حتى يصبح الإنسان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا من تصرُّف الشيطان فيه.

 عدم أداء الصلاة مع جماعة المسلمين:

عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية))؛ [أخرجه أبو داود]، قال العلامة السهارنفوري رحمه الله: ((لا تقام فيهم الصلاة))؛ أي: الجماعة ((إلا قد استحوذ))؛ أي: استولى وغلب ((عليهم الشيطان)) فأنساهم ذكر الله تعالى ((فعليك بالجماعة))؛ أي: الزمها؛ فإن الشيطان بعيد عن الجماعة.

العبث في الصلاة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه رأى رجلًا يحرك الحصى بيده وهو في الصلاة، فلما انصرف قال له: لا تحرك الحصى وأنت في الصلاة؛ فإن ذلك من الشيطان، ولكن اصنع كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع، قال: وكيف كان يصنع؟ قال: فوضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام في القبلة، ورمى ببصره إليها أو نحوه، وقال: هكذا رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يصنع"؛ [أخرجه النسائي].

 مسابقة الإمام:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يخفض ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان))؛ [أخرجه البزار]، ورواه الإمام مالك موقوفًا على أبي هريرة رضي الله عنه، قال القاضي الباجي رحمه الله: معنى هذا الحديث الوعيد لمن رفع رأسه وخفضه في صلاته قبل إمامه، وإخبار عنه أن ذلك من فعل الشيطان، وأن انقياده له وطاعته إياه في المبادرة بالخفض والرفع قبل إمامه، انقيادٌ لمن كانت ناصيته بيده.

 كثرة الوساوس في الصلاة:

عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا صلى أحدكم، فأتاه الشيطان، فقال: إنك قد أحدثت، فليقل: كذبت إلا ما وجد ريحًا بأنفه أو صوتًا بأُذُنه))؛ [أخرجه أبو داود].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: ((إن أحدكم إذا قام يُصلِّي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلَّى، فإذا وجد  أحدكم ذلك، فليسجد سجدتين وهو جالس))؛ [متفق عليه]، وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط؛ حتى لا يسمع التأذين، فإذا قُضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التوثيب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا وكذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلَّى))؛ [متفق عليه].

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: من فوائد هذا الحديث حرص الشيطان على إلهاء الإنسان في صلاته عن ذكر الله تعالى؛ لأن ذكر الله هو ذكر القلب، فإذا سرح القلب وصار يوسوس صارت الصلاة جسمًا بلا رُوح، والشيطان يحرص على أن تكون صلاة بني آدم جسمًا بلا رُوح.

المرور بين يدي المصلي إذا كان يصلي لسترة:

عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا صلَّى أحدُكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان))؛ [متفق عليه]، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أي فعله فعل الشيطان، ويحتمل أن يكون المعنى: فإنما الحامل له على ذلك الشيطان.

وجود فرج بين الصفوف في الصلاة:

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سدُّوا الخلل، ولِيْنُوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان))؛ [أخرجه أبو داود].وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فو الذي نفسي بيده، إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصفوف كأنها الحذف))؛ [أخرجه أبو داود].

الالتفات في الصلاة:

عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت: سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: ((هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد))؛ [متفق عليه].

 قال الإمام الطيبي رحمه الله: قوله: ((اختلاس)) الاختلاس: افتعال من الخلس، وهو السلب، فمن التفت يمينًا وشمالًا ذهب عنه الخشوع المطلوب بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون:2]، فاستعير لذهاب الخشوع اختلاس الشيطان، تصويرًا لقبح تلك الفعلة، أو أن المصلي حينئذٍ مستغرق في مناجاة ربِّه، والشيطان كالراصد ينتظر فوات تلك الفرصة عنه، فإذا التفت المصلي، اغتنم الفرصة فيختلسها منه.

  • 5
  • 1
  • 4,208

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً