الحياء من شيم الكرام

أيها الإخوة الكرام اليوم موعدنا بعون الله تعالي لنتحدث عن خلق كريم من أعلي وأرقي وأشرف الأخلاق ..
نتحدث عن الحياء نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل نصيبنا من الحياء النصيب الأوفر .

الحياء صفة الخالق البارئ سبحانه وتعالي صفة الأنبياء عليهم السلام صفة الأتقياء الأخفياء الأنقياء من المؤمنين والمؤمنات ..
قال النبي عليه الصلاة والسلام «(الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان )»

نتحدث يومنا هذا عن الحياء وما أحوجنا إليه ما أحوج الإنسان أن يستحي من الله تعالي أن يراه حيث نهاه ( وإذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب)
ما أحوج الإنسان أن يستحي من والديه أن يعصي لهما أمرا ما أحوج الإنسان أن يستحي من الناس أن يغصب لهم حقا أو أن يفتش لهم سرا ..

كم نحن بحاجة رجالا ونساء لأن نستحي من أقوال نتلفظ بها من غير أن نحسب لها حسابها تجرح قلوب الناس أو تحزن نفوسهم كم نحن بحاجة كبارا وصغارا لأن نستحي من أفعال نقع فيها ولا نلقي لها بالا كم نحن بحاجة إلي حياء صادق نزين به أخلاقنا ونحفظ به ديننا ونصون به كرامتنا ..

ورد في صحيح السنة أن الله تبارك وتعالي حيي يستحي أن يعذب عبدا من عباده شاب علي الإسلام يستحي من عبد رفع يديه ودعاه أن يرد يديه صفرا خائبتين
وورد في صحيح السنة أن رسول الله موسي عليه السلام كان حييا ستيرا لا يغتسل عريانا حتي لا يُري شيء من جسده وورد في صحيح السنة أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم كان أشد حياء من العذراء في خدرها {  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا  } [(53) الأحزاب] ما ضيعت الأمانات وما قطعت الصلات إلا بفقدان الحياء وما ضاعت حقوق الناس في دماءهم وأموالهم وأعراضهم إلا في زمن غاب فيه الحياء وما أكل القوي الضعيف إلا بعد أن غاب الحياء ولا غشيت الحرمات ولا أهملت الفرائض والواجبات إلا بسبب غياب الحياء
ولله دره أبو حفص عمر الفاروق عمر الملهم رضي الله عنه قال (من قل حياءه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه) نسأل الله السلام في ديننا ودنيانا

المؤمن يستحي من الله تعالي أن يراه حيث نهاه أن يراه مهملا للفرائض أو مقصرا في الواجبات المؤمن حياءه ينظم حياته يعدل مساره يقوم سلوكه المؤمن حياءه ينظف لسانه المؤمن حياءه يعصم عينيه من الخيانه ويعصم قلبه من النفاق ويعصم لسانه من الكذب

الحياء يولد وينمو ويسكن قلب المؤمن بسبب إيمانه بأن الله معه بأن الله سميعه بأن الله رقيبه بأن الله حسيبه
{(يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) }

{(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) }

في الحياء وقاية في الحياء صيانة في الحياء استبراء للعرض والدين.. راود رجل امرأة في فلاة من الأرض فخافت وفزعت فقال ما لك ؟! فزعت ونحن بموضع لا يرانا فيه إلا الكواكب!!
قالت وأين مكوكبها .. فتركها ولم يتعرض لها.
وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله .
وفي حديث الكفل من بني لإسرائيل الذي كان لا يدع حاجة ولا داجة إلا أتاها .. ترك ذنبا خوفا من الله تعالي وحياء منه فمات من ليلته فأصبح مكتوب علي بابه إن الله قد غفر للكفل .
وفي سورة الرحمن آية تقول " ولمن خاف مقام ربه جنتان " سئل مجاهد رحمه الله عن هذه الآية فقال ( هو الرجل يخلو بمعصية الله تعالي فيذكر مقام ربه فيدعها) فيجازيه الله تعالي في الآخرة فيجعل له بدل الجنة جنتين .
ذلك أن الحياء مفتاح خير ومغلاق شر فلا يأت الحياء إلا بخير هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام.

الخطبة الثانية
بقي لنا في ختام الحديث عن الحياء كخلق رفيع عال المقام بين مكارم الأخلاق بقي لنا أن نقول:

إذا سقط جدار الحياء يكون ماذا ؟
إذا سقط جدار الحياء تفسد بقية الأخلاق ..فمن لا يستحي يكذب ويغدر ويفجر وصار منافقا خالصا إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر

إذا سقط جدار الحياء تكثر المظالم وتضيع الحقوق وتقطع الأرحام ويُساء الجوار

إذا سقط جدار الحياء تتحول الدنيا إلي غابة البقاء فيها للأشرس والأغشم ..

إذا سقط جدار الحياء توقع أن تري ما لا يخطر علي بال من حالات الناس ومن سوء معاملات الناس حتي لو قيل لك غدا تقوم الساعة لم تكن مدهوشا..

قال النبي صلي الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولي «( إذا لم تستح فاصنع ما شئت)»
قال أهل العلم (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)قالوا هذا تهديد ووعيد إذا لم تستح فاصنع ما شئت فإن لك رب حسيب رقيب شهيد
{(وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدي فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخري وما كنا معذبين حتي نبعث رسولا). }

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يهدنا لمحاسن الأخلاق إنه ولي ذلك والقادر عليه .