روعة العلاقات الإنسانية في الإسلام
فإذا كان هذا هو مستوى العلاقة بين المسلم و غير المسلم مهما كان أذاه فكيف تكون العلاقة الواجبة بين المسلم أو المسلم أبًا كان أو أخًا أو جارًا أو زميلًا
الإسلام يحوى معجزات لاحصر لها في تشريعاته بحيث تضمن أسعد حياة للبشرية جمعاء سواء في السياسة أو الاقتصاد أو شتى المجالات المختلفة، وضمن هذه التشريعات الإعجازية الأحكام التي تنظم العلاقات الإنسانية على نحو لا مثيل له إذ أنها تطرقت لكل أنواع العلاقات الإنسانية بشكل تفصيلي دقيق، فحددت الضوابط التي تحكم هذه العلاقات على مستوى الأفراد والأسر والمجتمعات وامتدت إلى تحديد شكل العلاقة بين الفرد المسلم وغير المسلم بل المجتمعات الإسلامية ككل والمجتمعات غير الإسلامية على نحو يحقق السلام الحقيقي بين البشر كافة.
فإذا بدأنا بهذه العلاقة الأخيرة والتي يحاول أعداء الإسلام تشويه صورة الإسلام من خلالها نجد أن المولى عز وجل قد جعلها واضحة تمامًا وأوجب على المسلمين أمورًا نذكر منها عدم التعرض لغير المسلمين بأذى مالم يبدأوا هم بالحرب
قال تعالى :{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}(سورة البقرة:190)
.وهذه آية ضمن آيات عديدة بنفس المعنى
كذلك قوله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [ الممتحنة :8]
أما على مستوى الأفراد
قال تعالى : {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ (6)}
(سورة التوبة:6)
وقال صلى الله عليه وسلم:( «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا» )
وكان التطبيق العملي بهذه الأمور من خلال السيرة النبوية أقوى دليل على ذلك وعلاقة النبي صلى الله عليه وسلم باليهود في المدينة أحتى أنه في آخر حياته صلى الله عليه وسلم قبِل بدعوة اليهودية التي دست له السم في الطعام فأخبره الله بذلك، ويقال أنه مرض بسبب ذلك حتى مات، لآخر لحظة يأتي الغدر دائمًا من قبل الآخرين
فإذا كان هذا هو مستوى العلاقة بين المسلم و غير المسلم مهما كان أذاه فكيف تكون العلاقة الواجبة بين المسلم أو المسلم أبًا كان أو أخًا أو جارًا أو زميلًا، فإذا كانت العلاقة التي وصفت في الإسلام بما يسمى البراء أى البغض في الله لغير المسلم وفيها كل هذا النوع من الإنسانية والاحترام والعدل والبر وحفظ العهود؛ فكيف تكون العلاقة المبينة على الولاء و هو الحب فى الله للمسلمين من أقارب وجيران وأصدقاء وغيرهم ؟ ألا تتسم بمنتهى الحب والمودة والتعاون والتراحم والعطاء والتضحية والإيثار والاحسان في القول والعمل والمشاركة في الأحزان والأفراح والأهم من ذلك كله النصيحة والدعوة إلى الخير
فالنصوص التي تأمر بالوصول إلى هذا الرقى من العلاقات لا حصر لها سواء في القرآن الكريم والسنة المشرفة حتى عجزت كتب التنمية البشرية التي تهدف إلى الإصلاح والتصالح بين الأفراد والشعوب عن بلوغ أقل القليل مما حاوته التعاليم الإسلامية، ففى كتاب لأحد الكتاب الغرب عن أساليب كسب الأصدقاء والنجاح الاجتماعي وعلى مدى كتاب كثير الصفحات نجد أبلغ منه كثيرًا فى عدة نصوص قليلة، وفي كتاب آخر لكاتبة غير مسلمة كذلك شرحا طويلًا مفصلا عن معنى الشكر والعرفان والامتنان استغرقت صفحاته الطوال وهو مختصر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله )وهذه قطرة في بحر إذا حاولنا تقريب المحاولات البشرية المضنية بإسعاد الإنسان من وحي رب السماء
ولولا أنه لا يتسع المقام إذ أن الواحدة فقط من هذه العلاقات سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع ككل تحتاج إلى سرد طويل ولا يجمع بالتفصيل كل هذه العلاقات سوى المجلدات الطويلة لبينا هذه المعجزة الإلهية التي لو التزمنا بها لن نعاني شقاءً أبدًا في الدنيا ولا في الآخرة
ولكن نختم بهذا المثال الذي لامثيل له في أي عقيدة إذ انه يقدح في عقيدة المسلم الذي يقسو على اليتيم أو اي ضعيف، أويتقاعس عن الدعوة إطعام المساكين الجائعين المهملين،ويتوعد الممتنعين عن تقديم المعونة لمن يحتاج في سورة كاملة وهي سورة الماعون فقد قال تعالى: { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿٢﴾ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾}
- التصنيف: