مجالسة الثقلاء مرض للأرواح

منذ 2021-03-24

إن الروح فى ظل الثقلاء تعانى ألم مفارقة البدن، ولا شئ أضر على النفس والقلب من مجالسة الثقلاء.

لا شئ أثقل على قلبى من أن أجلس مع رجل مزهو بنفسه ، يذهب بها المذاهب ، يرى نفسه أفضل من كل الناس ، وأذكى من كل الناس ، وأعلم من كل الناس ، تراه فى جلسته منتفخا وكأن الحجرة ليس فيها غيره ، وكأن الله لم يخلق سواه ، فإذا جلست معه ترى الكلام يأتى دائما من اتجاه واحد ، فهو المتكلم دائما ، ولا يتكلم عن غيره ، إنما كلامه كله عن نفسه ، فعلت وقلت وفهمت ورأيت ورويت ، وكأنه قد استأجر الحاضرين لسماعه ولدراسة تاريخه ونجاحه وعظمته ومعرفة مواهبه ، وكأن الله لم يخلق سواه ، وكأن الآخرين خلقوا بلا مواهب ، وكأن الله قد خلق سائر الناس ليستمتعوا بمواهبه هو ، وليفتخروا به هو ، وليتعلموا منه هو .

لا يترك فرصة لغيره ليذكر شيئا عن نفسه أو غيره .

فإذا رأيتنى وقد ضمنى وإياه مجلس قلت : ما أعظم صبرك ، ويالقوة تحملك ، إنك تستحق أن يضرب بك المثال فى الصبر ، كيف صبرت على هذا المجلس الذى لا يستطيع عاقل أن يتحمل لحظة منه ، وطلبت منى أن تصحبنى لتتعلم الصبر على يدى كما كان العرب الأوائل يتعلمون الحلم على يد قيس بن عاصم ، وفى الحقيقة أنا لم أصبر ولم أتصبر ، وإنما هى روحى مازالت فى النزع لكن لم يأت موعد خروجها من بدنى ، ألم يقل الله عزوجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون

إن الروح فى ظل الثقلاء تعانى ألم مفارقة البدن، ولا شئ أضر على النفس والقلب من مجالسة الثقلاء.

وقديما قيل للإمام الشعبى : أتمرض الروح ؟

قال : نعم فى ظل الثقلاء

فمر عليه أحدهم وإلى جواره ثقيلان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره فقال : يا إمام كيف حال روحك ؟

فقال الشعبى : فى النزع

المعتز بالله الكامل محمد علي

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

  • 20
  • 1
  • 1,980

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً