الشريعة الإسلامية لا نظير لها
وكما حكموا على كل ما هو جديد، صانوا الشرع ولم يسمحوا للأفكار المستوردة والدخيلة أن تصبح جزءا منه قديما وحديثا
كتب عمر القباطي :
من أكثر ما يُبهر غير المسلمين بالإسلام ويثير إعجابهم به هي الشريعة الإسلامية التي تضبط كل تعاملات الإنسان في جميع المجالات وتحكم عليها، ففي الشرع تفصيل لعلاقة الحاكم بالمحكوم والعكس وواجبات كل منهما اتجاه الآخر، وحكم التعامل مع الكفار وكيفيته، وعلاقة الزوج بزوجته والعكس، وبيان لمسائل العشرة والنفقة والولادة والرضاع والطلاق والعدة، وفيها أحكام المواريث وكيفية قسمة التركة وحكم الوصية والدَين، وأحكام متعلقة بالتجارة ك الزكاة والربا والاحتكار والمضاربة والغش والقرض والتطفيف والبخس، وأحكام البيع والشراء مثل التوثيق والشهود والرهن، وأحكام الإعارة والإجارة والشُفعة والوكالة والوديعة والوقف، يقول تعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} وسنت الشريعة العقوبات والحدود لمن ارتكب جرما كبيرا، كحد الردة لمن بدل دينه، وحد القتل وليس كل من قتل يُقتل بل يجب النظر إلى الواقعة نفسها فقد يقع القتل بالخطأ أو دفاعا عن النفس، وكذا النظر إلى العلاقة المجتمعية بين الطرفين فقد يكون المقتول من فئة بينها وبين جماعة القاتل صلح وميثاق، وقد يكون أحدهما عدو للآخر وحدث القتل خطئا، وكل تلك الاحتمالات لها حكم يختلف عن الآخر في شريعتنا. ومن الحدود حد الزنى الذي لا يمكن اثباته إلا بشئيين هما: الإقرار والاعتراف أو أربعة شهود تتطابق شهادتهم على تفاصيل الواقعة وإلا سقطت شهادتهم وتحولوا متهمين، ومن الأحكام المتعلقة بالزنى حد القذف وحكم اللقيطة(ابن الزنا) ونسبه وحقه من الإرث. ومن الحدود حد السرقة الذي له شروطه أيضا منها بلوغ كمية المسروق حد معين، ومن سماحة الشريعة أنها تقطع يد السارق وبنفس الوقت توجب له الصدقة إن كان فقيرا. وهذه الشريعة صالحة لجميع العصور، فباجتهاد الفقهاء الربانيين يصدر الحكم لكل مسألة مهما كانت، وقد قالوا كلمتهم بحق مسائل كثيرة ظهرت في العصر الحديث ولم تكن موجودة من قبل، من ذلك مسائل تحديد النسل والإستنساج وأطفال الأنابيب وعمليات التجميل وبعض أنواع الرياضة .
وكما حكموا على كل ما هو جديد، صانوا الشرع ولم يسمحوا للأفكار المستوردة والدخيلة أن تصبح جزءا منه قديما وحديثا، وهكذا رد الفقهاء الأوائل على القدرية والمعتزلة والرافضة وغلاة الصوفية والفلاسفة وما أوردوه من أفكار وتصورات دخيلة على دين الله ك قضية خلق القرآن وجبرية القدر واتخاذ الموسيقى وسيلة لتزكية الروح وعقائد الحلول والاتحاد، وألفوا للرد عليهم مؤلفات ضخمة وممن ردو: الإمام أحمد وأبو حامد الغزالي وشيخ الإسلام ابن تيمية. وفي العصر الحديث وقف العلماء الربانيين والمفكرين الأفذاذ حجر عثرة أمام الأفكار المستوردة كالعلمانية والإشتراكية وما يسمى حقوق المرأة والمساواة والجندر وبينوا بطلانها وكشفوا زيفها. وبهذه الشرعية ومجهود علمائها وصل إلينا فقه لا شبيه له بين أمم الدنيا قاطبة، يقول عبدالرزاق السنهوري القانوني المعروف الذي وضع كثيراً من الدساتير العربية "الثروة الفقهية التي خلفها فقهاؤنا عظيمة ولا نظير لها"
- التصنيف: