كيف نستقبل رمضان؟

منذ 2021-04-02

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «إذا جاء رمضان، فُتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصُفدت الشياطين»

كيف نستقبل رمضان؟

إن المؤمن الحق تجده دائمًا ساعيًا في مرضاة ربه، مستثمرًا لمواسم الخير والبر، فلا يفوت فرصة إلا وقد أحدثت فيه تغييرًا؛ إما أن تُحدِثَ زيادة في إيمانه، أو تقويمًا لسلوكه.

 

وشهر رمضان من أعظم مواسم الخيرات، وأكثرها تأثيرًا في استقامة النفوس على طاعة خالقها ومدبرها، ومَن هو أعلم بما يصلحها ويهذبها؛ فمن صام رمضان بحقٍّ أحدث فيه ذلك تغييرًا ولا بد؛ ولذلك كان لزامًا على المسلم أن يتفكر كيف يستفيد من هذه الفرصة العظيمة، وألَّا يضيِّعها كما ضاعت في سنوات مضت.

ولذا كان هذا المقال المختصر في بيان كيف نستقبل رمضان بما يعين على قطف الثمار.

 

رمضان شهر التوبة:

من أعظم مكائد الشيطان أن يوهمك أنك بلا ذنب، وظنك أنك بلا ذنبٍ ذنبٌ؛ وذلك لأن سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون» [رواه الترمذي (2499)، وحسنه الألباني]، فدل ذلك على أنه لا يخلو عبدٌ من ذنب، فإياك إياك أن يخدعك عدوك فيوهمك أنك بلا ذنب؛ ظنًّا منك أن الذنوب مقصورة على الكبائر؛ فإن الإصرار على الصغائر يجعلها كبائر؛ كما قال بعض السلف: "لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار"، وقلب المؤمن كالمرآة يغبرها أقل ضباب ويحجب رؤيتها.

 

وفي رمضان تتيسر فرصة التوبة أكثر من أي وقت آخر؛ وذلك لأن الشياطين مقيدة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «إذا جاء رمضان، فُتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصُفدت الشياطين» [متفق عليه].

 

فأبواب الرحمة مشرعة، وأبواب العذاب موصدة، ومردة الشياطين موثقة، فما بقي عليك يا عبدالله إلا أن تسعى في علاج نفسك الأمارة بالسوء، والدنيا المزخرفة بمتاع الغرور؛ فتنجو وتسلم بفضل إعانة أرحم الراحمين لك: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، وبتحفيز الملائكة الكرام لك: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30]، فلا تظننَّ أنك تنجو بغير تمام الاستعانة بربك، وتذكر دومًا: ((اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك))، فوالله لولا فضل ربنا ما اهتدينا، وما صمنا ولا صلينا.

 

والتوبة أشرف الأعمال وأجلها وأحبها إلى الله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرةً، فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمةً عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي، وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح» [خ: 6308، م: 2747].

 

فأي شرف أعظم من أن يفرح ربك لعمل عملته؟ وأي سعادة تغمر قلب المؤمن حين يتأمل قلبه هذه الكرامة العظيمة؟ فإياك إياك أن تسوِّفَ التوبة؛ فإن الموت يأتي بغتة؛ قال ابن القيم: "منها أن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه التوبة من التأخير، وقلَّ أن تخطر هذه ببال التائب، بل عنده أنه إذا تاب من الذنب، لم يبق عليه شيء آخر".

 

لذا لزم على العاقل أن يتفكر في الوسائل التي تعينه على التوبة، وهذا هو موضوع مقالنا القادم بإذن الله تعالى.

___________________________
 

الكاتب: صلاح صبري الشرقاوي

  • 10
  • 0
  • 1,983

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً