أخلاقيات التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت
لا شك أنه ليس كل ما يتداول فيها سيئًا، بل إن هناك الكثير من المتداولات فيها، إيجابية ونافعة...
لا شك أنه ليس كل ما يتداول فيها سيئًا، بل إن هناك الكثير من المتداولات فيها، إيجابية ونافعة. ففي حقبة ما قبل مجتمع الواقع الافتراضي المفتوح في كل الاتجاهات، كانت مواقع التواصل الاجتماعي في الواقع الحقيقي، محدودة، ومعروفة، ومنضبطة، كمجالس الدواوين والمساجد والمدارس وأماكن اللقاءات العامة، وكان التواصل فيها حيًّا، ويخضع إلى ضوابط حددتها الأعراف والتقاليد، حيث يتم الالتزام بها من قبل مرتاديها بطواعية. إذ كان الجميع يحرص على الالتزام التام بها، وعدم تجاوزها؛ ولذلك كان من السهل يوم ذاك تصويب الخطأ ومعالجته، إذ يتم ذلك في حينه مباشرة بموجب تلك المعايير العرفية السائدة، التي ترسخت في الوجدان الجمعي للناس، وحظيت بالقبول العام في أوساطهم.
أمَّا في مجتمع مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضي المستحدث، ونظرًا لسعة حجم المرتادين لها على الإنترنت، وتباعدهم بالانفصال المكاني عن بعضهم البعض، ولتفاوت المقاصد وتنوع الثقافات، ولعدم وجود تقاليد ملزمة للمرتادين لضبط سلوكهم عند تعاطيهم مع المتداول من المنشورات فيها؛ فإنه يصعب إلزام الجميع بمعايير تعاطي واحدة، كما يتعذر التصويب لما قد يحصل من أخطاء وتجاوزات عفوية كانت أم متعمدة، بنفس الطريقة التي كانت تتم في الواقع الحقيقي، ولذلك يبقى التعاطي مع متداولات فضاء هذا الواقع الافتراضي سيفًا ذا حدين، في كل الأحوال، ويبقى حجم الانتفاع من الإبحار فيه والتواصل معه مرهونا بوعي المستخدم بشكل أساسي، وحرصه على تلقي ما هو مفيد ونافع، وإسقاط وترك ما هو سلبي منها وضار.
لذلك كله يتطلب الأمر من الرواد والمتصفحين التحلي باللياقة العالية، والتعامل بالحسنى، وإشاعة الفضيلة والقيم النبيلة، وتعميم قيم التعايش المشترك، ورفض التطرف والغلو والإرهاب، والصمت كأفضل خيار إذا اختلطت المتداولات.. على قاعدة: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا، أو ليصمت»..
ولاريب أنه بمثل هذه المعايير الراقية من أخلاقيات التعامل مع منصات ومواقع التواصل الاجتماعي الرقمي نساهم جميعًا في خلق مجتمع تواصل افتراضي متماسك، تسوده المحبة والود.. حتى وإن كان مستولدًا من رحم ضجيج واقع التواصل الاجتماعي الافتراضي الرقمي، الذي يعج بالغث والسمين.
__________________________________________
الكاتب: نايف عبوش
- التصنيف: