الشريعة الإسلامية أكرمت المرأة في كل أحوالها

منذ 2021-08-30

إن الشريعةَ الإسلاميَّة أكرمَت المرأةَ في كل أحوالها، فتساوَت مع الرجلِ في حقوقها، عدا فضل القوامة، كما جعل الله تعالى مقياسَ التفاضل بين البشر كلهم هو: العمل الذي يُسأل عنه كلُّ إنسان

إن الشريعةَ الإسلاميَّة أكرمَت المرأةَ في كل أحوالها، فتساوَت مع الرجلِ في حقوقها، عدا فضل القوامة، كما جعل الله تعالى مقياسَ التفاضل بين البشر كلهم هو: العمل الذي يُسأل عنه كلُّ إنسان، رجلاً أو امرأة، وبعد أن كانت المرأة ليس لها أي كيانٍ، بل كانت كائنًا مهملاً يُورَث، أصبحَت ترث، ولها عمل مستقلٌّ ولها كل الحقوق: حقُّ العبادة، والإرث، والزواج بمن تريد، والعمل، والوكالةُ، والجهاد في سبيل الله، والهجرةِ، ومشاركة الرجل في كلِّ أعماله حتى الخروج إلى المسجد، بل أكثر من ذلك.

 

أصبح لها يوم إضافيٌّ ينزل إليهن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ ليسمَع شكواهنَّ، ويأمرهنَّ بالصدقة، ويعلمهنَّ أصولَ الشريعة الإسلامية وحقوق المرأة وواجباتها، وكل ذلك في إطارِ الزينة المطلوبة للمرأة بلا تبرُّج، ولكن في حدودِ الأدب المطلوب.

 

وقد خرَّجَت مدرسةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدِّثات والشاعرات والفقِيهات، والمفسِّرات، والمجاهدات، ونساءً نزل فيهنَّ تشريعٌ إسلامي في كلِّ مجالٍ ليرفع من شأنِ المرأة؛ وبذلك تفوقت المرأةُ في صدر الإسلام على المرأةِ العصريَّة الأوربية وغيرها، التي لم تحتفظ بذمَّتها الماليَّة، أو حتَّى باسمها واسمِ أسرتِها، كما حدَث للمرأة في الإسلام منذ أربعة عشر قرنًا.

 

وحينما قامت المنظمات الدولية - وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة - بتبنِّي الاتفاقيات الدولية لحقوقِ الإنسان، وخاصَّة اتفاقيَّة: "مناهضة التمييز ضد المرأة" - لم تصِل إلى ما وصلَت إليه المرأة من حقوقٍ في الإسلام، فلا تزال المرأة في العالم غيرِ الإسلامي تَرْزح تحت نير طغيان الرجل في أنحاء العالم[1].

 

أما في الإسلام فقد أصبح للمرأة كيان مستقلٌّ منفصل عن الرجل، حتى ولو كان له فضل القوامة عليها؛ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

 

كما جعل الله تعالى مقياسَ التفاضل بين البشر كلهم - رجالاً ونساءً - هو العمل الذي يُسأل عنه كلُّ إنسانٍ؛ فقد وعَدَ الله تعالى المؤمنين والمؤمنات: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191]، إلى قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ...} [آل عمران: 195].

 

كما ردَّ الله تعالى على إحدى الصحابيات؛ وهي "أم عمارة الأنصارية"؛ حينما سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن أجر المرأة، وهل هي مساوية للرجل؟ نزلت الآية الكريمة بقوله تعالى:

{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]، فساوى الإسلامُ بين المرأة والرجل، ولم يُنقص من أجرها شيئًا.

 

وبذلك أَكرمَت الشريعةُ الإسلامية المرأةَ في كلِّ مجال، سواء من خلال آيات القرآن الكريم أو مِن خِلال التطبيق العملي في السُنَّة النبوية الشريفة، وكيف سمحت للمرأة أن تخوضَ في كلِّ مجالات الحياة بلا حرَج في إطارِ الشريعة الإسلامية؛ حتَّى في ميدان الجهاد: تحمل السلاحَ وتمرِّض المرضى، وتسقي العطشى وتعمل بيدها، وتتصدَّق في سبيل الله، حتى أزواجه صلى الله عليه وسلم.

 

كما شاركَت المرأة في صلاةِ الجماعات والجُمَع والعيدين، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر النساءَ أن يشارِكْنَ الرجالَ في المسجد، ويجلسنَ في الصفوف الخلفيَّة ليسمعن خُطَب الرسولِ صلى الله عليه وسلم، ويشاركن المجتمع في كلِّ أحداثه.

 


[1] انظر: الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، نيويورك 1978، مركز الأمم المتحدة بجنيف، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979، وأيضًا: تقارير اللجان الملحقة به - الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة - الدورة الثالثة والأربعون ملحق رقم 38.

A/ 43/ 38). (نيويورك 1988 والدورة السابعة، والدورة التاسعة) 1990 م نيويورك، وأيضًا UNITED NATIONS: WOMWN CHALLENGES TO YEAR 2000. NEW YORK 1991.

__________________________________
الكاتب:  د. سامية منيسي

  • 1
  • 2
  • 2,262

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً