فوائد من التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية
ومن آثارها في الآخرة: أنه يتجاوز عن المسيء, ولو كانت سيئاته كثيرة, إذا كان معه أصل التوحيد, وأصل الإيمان, وأنه يرفع درجات المُحسن, ويضاعف له الأجر. [1/146]
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فللعلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين, رحمه الله, مصنفات كثيرة, منها: " التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية" وهي شرح للعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, وفي شرح الشيخ ابن جبرين رحمه الله الكثير من الفوائد, وقد اخترت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع الجميع بها.
أعمال تجلب محبة الله جل جلاله للعبد:
- الإحسان وإتقان الأعمال.
- القسط والعدل في جميع الأحوال.
- تقوى الله سبحانه.
- التوبة والرجوع إليه سبحانه.
- الطهارة, يعني تطهير القلب, وتطهير البدن, والثياب من النجاسات ونحوها.
- اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته.
- الجهاد في سبيل الله.
فهذه بعض الأسباب التي تجلب محبة الله للعبد.[ 1/138]
أسباب لنيل نعيم لذة النظر إلى وجه الله الكريم:
المؤمنون يرون ربهم في الآخرة كما يشاء, وقد دلّ على ذلك قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة} [القيامة:22-23] يعني معاينة إلى ربها, فتلك الوجوه صارت بالنظر إلى الله مبتهجة مسرورة, نضرة فرحة مستبشرة, وذلك تمام نعيمها. ولهذا النعيم أسباب يحصل عليها المؤمن ما دام في الدنيا فمن ذلك:
محافظته على العبادات, من أهمها: الصلاة. وكذلك المحافظة على هيئة العبادة, كهيئة الصلاة وجماعتها, والحفاظ عليها في المساجد, ونحو ذلك.
وهكذا الحفاظ على تكميل الإيمان, والبعد عن المعاصي التي تخل بالإيمان, أو تنقص ثواب التوحيد, فإذا كان الإنسان كذلك, وآمن بالله, وبما جاء عن الله, رجي بذلك أن يحصل على هذا الثواب[2/89]
الزلازل والبراكين ونحوها عقوبات من الله وليست ظواهر طبيعية:
العقوبة التي تنزل بالناس في الدنيا, مثل: الريح, أو الصيحة, أو الرجفة, أو مثل الزلازل, أو البراكين, أو الخسف _ يعني: خسف بعض الأماكن لتغير في باطن الأرض _ كما يحدث هذه الأيام, نقول: إن ذلك من أمر الله, ولا يستطيع أحد رده, ونقول للذين يعللون ذلك _ يعني الزلازل والبراكين _ بأنها ظاهرة طبيعية أو نحو ذلك: عالجوها وأمسكوها بقوتكم وباختراعاتكم وأجهزتكم, فإذا كان بركاناً في الأرض, فلماذا تمسكونه ؟ أمسكوه حتى لا ترتجف الأرض وتتزلزل, أو اصرفوا وادفعوا هذه الريح حتى لا تقع البيوت وتقطع الأشجار, وردوها من حيث جاءت, فالحاصل أن ذلك كله من أمر الله, فهو سبحانه يسلط على عباده أنواعاً وصنوفاً من العذاب. [1/164]
عقيدة الرافضة أبعد العقائد عن الإسلام:
الرافضة هم أشدّ الناس خصومة وبغضاً للحق وأهله وللسنة وأهلها, وعقيدتهم أبعد العقائد ...عن الإسلام وذلك لأنهم بطعنهم في الصحابة رضي الله عنهم يطعنون في الدين وفي الشرع لأن الشريعة إنما نُقلت إلينا بواسطة الصحابة.[ 2/237]
العاصي ما عرف عظمة من يعصيه:
إذا رأيت من يعصي الله ويجاهر بذلك, فإن ذلك يدل على ضعف عقيدته, وأنه ما عرف الله حق معرفته بآياته ومخلوقاته, ما عرف عظمة من يعصيه, ما عرف الله بأسمائه الحسنى, وصفاته العلى, وكماله وجلاله وكبريائه وعظمته, ما عرف واعتقد أن الله يثيب الطائع, ويعذب العاصي, أو أنه عرف ذلك ولكنه لم يستحضره, وذلك لضعف عقيدته, ولضعف إيمانه.[ 1/67]
السلف والأمراض:
من أسباب المغفرة: التوبة الصادقة,...ومن أسباب المغفرة: الحسنات,....وكذلك من أسباب المغفرة: المصائب, فالمصائب تكفر الذنوب, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يصيب المسلم من نصب, ولا وصب, ولا هم, ولا غم, حتى الشوكة يُشاكها, إلا كفّر الله بها من خطاياه» فلذلك كان كثير من السلف يفرحون بالأمراض ونحوها, كما نفرح نحن بالعافية والشفاء. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء, وإن الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم, فمن رضي فله الرضا, ومن سخط فله السخط.) [2/241]
صورة من تواضع الشيخ:
قال الشيخ رحمه الله في مقدمة الكتاب: وعسى إخوتي ينبهوني على ما وقعت فيه من زيادة, أو نقص, أو سهو, أو غفلة, أو غلط في اللفظ, أو المعنى, فإن المؤمن مرآة أخيه المؤمن, والحق أحق أن يتبع, ونسأل الله أن يعفو عن الخطأ والزلل, وأن يجعل هذا الشرح خالصاً لوجهه الكريم, مقرباً للزلفى لديه, والله أعلم, وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
الحق حق ولو قل أهله, والباطل باطل ولو كثر أهله:
الحق حق ولو قل أهله والباطل باطل ولو كثر أهله فليس العبرة بكثرة الاتباع ولا بكثرة الناس الذين على طريقته بل العبرة بنفس تلك الطريقة صحتها أم عدم صحتها
فأنت إذا أردت أن تسبر أحوال الناس, اسبر قبل ذلك أعمالهم, وطبقها على شرع الله المنزل ووحيه المحفوظ, فما وافق هذا الوحي فإنه هو الحق, فاقبله وتقبله ولو قل أهله, وما خالفه فرده على من قاله. [2/274]
النصح والإخلاص:
من خصال أهل السنة والجماعة أنهم يرون أن المسلم عليه أن ينصح للمسلمين, وأن يكون مخلصاً لهم وناصحاً, والنصح هو صفاء المودة, ومن آثاره: الدلالة على الخير الذي يعلمه خيراً, واتقاء الشر الذي يعلمه شراً, والبعد عن الغش, وذلك بأن تحب للمسلمين ما تحبه لنفسك, وتدلهم على ما تحب أن تفعله, فإذا كان هناك مصلحة دنيوية فلا تستبد بها, وتحرم إخوانك المسلمين, وإذا رأيت مسلماً قد أقبل على هلكة, فإياك أن تتركه بل حذره من أسباب هذا الهلاك ونحو ذلك [2/289_290]
دخول الجنة برحمة الله عز وجل:
أعمالنا مهما كثرت لا تبلغ أن تستحق بها الجنة, وإن كانت سبباً, ولكن الله تعالى يتفضل على عباده, فيدخلهم الجنة بواسع رحمته, فإن الله جعل الرحمة مائة جزء, منها جزء واحد يتراحم العباد به في الدنيا فيما بينهم, وكذلك الدواب, وبقية الأجزاء يجمعها ليوم القيامة, ويرحم بها عباده, ويتفضل عليهم, بحيث أنه يتفضل عليهم, ويعطيهم واسع الرحمة.[ 2/111]
من آثار رحمة الله عز وجل العامة للخلق:
الرحمة العامة للخلق كلهم من آثارها: أنه يرزقهم, ويعطيهم, ويمنحهم ما يشاؤون, وأنه لم يعاجلهم بالعقوبة ولو كفروا, ولو فسقوا, ولو عصوا, لأنهم عباده وخلقُهُ, فهو يرزقهم ويعافيهم ويمهلهم, وإن كانوا مستحقين للعقوبة, ولكن يرحمهم في الدنيا. [1/145]
من آثار رحمة الله عز وجل بعبده المؤمنين في الدنيا والآخرة:
أما رحمة الله للمؤمنين, فإن لها أيضاً آثاراً, فمن آثارها في الدنيا: أنه تعالى يهديهم, ويوفقهم ويسدد خطاهم, ويُقيم معوجهم, ويتوب على من تاب منهم, ويقبل أعمالهم ويضاعفها, وما أشبه ذلك.
ومن آثارها في الآخرة: أنه يتجاوز عن المسيء, ولو كانت سيئاته كثيرة, إذا كان معه أصل التوحيد, وأصل الإيمان, وأنه يرفع درجات المُحسن, ويضاعف له الأجر. [1/146]
ارتكاب الذنوب بدعوى أن رحمة الله واسعة:
ينبغي أن نعرف أنه لا يجوز أن نتكل على رحمة الله، فنرتكب المعاصي والموبقات فإن كثيراً من الناس يرتكبون المعاصي والكبائر وينهمكون في الذنوب، وإذا عاتبت أحدهم ردّ عليك قائلاً: رحمة الله واسعة، الله أرحم بعباده، الله غفور رحيم، هذه ذنوب صغيره, وما أشبه ذلك, والجواب على ذلك أن يُقال له:
أولاً: إنك إذا أصررت على الصغيرة صارت كبيرة، فإن الإصرار على الصغائر من جملة الكبائر. ثانياً: إنك لا تأمن إذا تهاونت بالصغيرة أن تجرك إلى كبيرة.
ثالثاً: إن المعاصي بريد الكفر, فإنك إذا أكثرت من الصغائر جرتك إلى الكبائر ثم جرتك الكبائر إلى مقدمات الكفر والشرك، ثم إلى الكفر والشرك.
رابعاً: لا تأمن من عقاب الله لك على هذه المعصية حتى ولو كنت مسلماً موحداً فإن الله قد يعذب على المعصية، سيما من تهاون بها مع معرفته بعظم الجرم، ولو عقوبة قليلة، فإن الإنسان لا يتحمل شيئاً من غضب الله ومن ناره، فقد يعاقب فيدخل النار ولو زمناً قليلاً، فكيف يتحمل عذاب النار وبئس المصير.
خامساً: تأمل في آيات الله, تجد أن الله تعالى كلما ذكر الرحمة ذكر بعدها العقاب، اقرأ: ( { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب} ) [الرعد:6] وقوله تعالى: ( {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم} ) [الحجر:49-50] وقوله تعالى: ( {غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب} ) [غافر:3] فقد جمع الله تعالى في هذه الآيات بين الرحمة والعذاب حتى لا يتعلق المُفرّطُ بآيات الرحمة، وينهمك في المعاصي ونحوها، بل يكون راجياً خائفاً. [1/149_150]
* ليس العجب ممن هلك كيف هلك وإنما العجب ممن نجا كيف نجا[ 1/66]
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: