ثلاثة أمور إذا فعلتها سوف تذوق حلاوة الإيمان وتستمتع بعبادة الله
منذ 2022-01-08
فهذه ثلاثةُ أمورٍ تجِدُ بها حلاوةَ الإيمان، وتستمتعُ بطاعة الله سبحانه وتعالى.
للإيمان لذةٌ وحلاوةٌ، مَن ذاقها كان أسعدَ الناس بطاعة الله سبحانه، والإيمانُ يزيدُ وينقصُ، فكلّما زاد إيمانُك كانت لذَّتُك به أعظمَ، وإذا ضَعُف الإيمانُ حُرِمْتَ من هذه اللذةِ.
فبقدر استزادتِك واستباقِك في طاعةِ الله وامتثالِ أوامرِه سبحانه تكونُ حلاوةُ الإيمان في قلبك، وقد أخبَرَنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم ببعض الأمور التي نذوقُ بها حلاوةَ الإيمان، فهنيئًا لمن تمسّك بها وحَرِص عليها، وأنا أذكر لكَ هنا ثلاثةً منها فخذها بقوةٍ ولا تُفرّط فيها، رزقَني الله وإياك حلاوةَ الإيمان.
عن أنس رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: « ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان: أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهُما، وأن يُحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلا لله، وأن يكرَه أن يعودَ في الكفر كما يكرَهُ أن يُقذَفَ في النار» . [أخرجه البخاري ومسلم].
فهذه ثلاثةُ أمورٍ تجِدُ بها حلاوةَ الإيمان، وتستمتعُ بطاعة الله سبحانه وتعالى.
قال العلماءُ: ومعنى (حلاوةُ الإيمان) استلذاذُه الطاعاتِ، وتحمُّلُه المشاقَّ في سبيلِ رضا اللهِ ورسولِه، وإيثارُ ذلك على عَرَضِ الدنيا.
قال العلماءُ: ولا تصِحُّ محبةُ الله تعالى ورسولِه حقيقةً، وحبُّ الآدميَّ في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكراهةُ الرجوعَ في الكفر، إلا لمن قَوِي بالإيمان يقينُه، واطمَأنَّت به نفسُه، وانشرَحَ لهُ صدرُه، وخالَطَ لحمَه ودمَهُ، وهذا هو الذي وجدَ حلاوَتَه.
1 - تقديمُ محبةِ الله على كلِّ محبةٍ:
عن عبد الله بن هشام قال: « كنا مع النبيِ صلى الله عليه وسلم وهو آخذٌ بيدِ عمر بن الخطاب، فقال له عمرُ: يا رسولَ الله، لأنت أحبُّ إليَّ من كلِّ شيءٍ إلا من نفسي. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا والذي نفسي بيدِه حتى أكونَ أحبَّ إليك من نفسِك). فقال له عمرُ: فإنّه الآن، واللهِ لأنتَ أحبُّ إلي من نفسي. فقال النبيُّ ?: (الآن يا عمرُ)» . [أخرجه البخاري].
قال العلماءُ: ومحبةُ العبدِ لله سبحانَه وتعالى تكونُ بالاجتهادِ في طاعتِهِ وترك مخالفتِهِ، وكذا محبةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {{قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ}} [آل عمران: 31].
2 - الحبُّ لله والبغض لله:
عن أبي أمامةَ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: «(من أَحَبَّ لله، وأبغَضَ لله، وأعطى لله، ومنعَ لله فقد استَكمَلَ الإيمانَ)» . [أخرجه أبو داود بسند صحيح].
وعن معاذ الجهني رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قال: «(من أعطى للهِ تعالى، ومنعَ لله تعالى، وأَحَبَّ لله تعالى، وأبغَضَ لله تعالى، وأنكح لله تَعَالى فقد استكمل إيمانَه)» . [أخرجه الترمذي بسند حسن].
فليكُن حبُّك لأجل الله، وبغضُكَ لأجل الله، فلا تُحبُّ ولا تبغضُ عن هوًى وحظِّ نفسٍ، بل تبغضُ المعصيةَ ومَن يعملُها، وتُحِبُّ الطاعةَ ومَن يعملُها، فقد تحبُّ شخصًا واحدًا وتبغضه في آنٍ واحدٍ، فتحبُّ فيه حرصَهُ على الصلاةِ، وتبغض فيه عقوقَ الوالدين، وتحبُّ في شخصٍ صِلَتَهُ بأرحامه وإحسانَه إلى جيرانه، وتبغض فيه أنه يشربُ الخمرَ، وهكذا.
3 - كراهةُ العودةِ إلى الكفر:
إن الإيمانَ إذا دخلَ قلبَ عبدٍ وذاقَ حلاوتَه لا يمكِنُه أبدًا أن يرجعَ إلى الكفر.
عن عبد الله بن عباس، «أن أبا سفيان بن حربٍ أخبَره، أن هرقلَ أرسلَ إليه في رَكبٍ من قريش، وكانوا تجارًا بالشام في المدة التي كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَادَّ فيها أبا سفيانَ وكفارَ قريش، فأتَوه وهم بإيلياء، فدعاهُم في مجلسه وحولَه عظماءُ الرومِ، ثم دعاهُم، ودعا بترجمانِه فقال: أيُّكُم أقربُ نسبًا بهذا الرجلِ الذي يزعمُ أنه نبيٌّ؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربُهم نسبًا، فقال: أَدْنُوهُ مني، وقرِّبوا أصحابَه، فاجعلوهم عند ظهرِه، ثم قال لترجُمَانه: قل لهم: إني سائلٌ هذا عن هذا الرجلِ، فإن كذَبَني فكَذِّبوه، فوالله لولا الحياءُ من أن يأثِرُوا عليّ كذبًا لكذبْتُ عنه .. فقال هرقل لأبي سفيانَ: فهل يرتدُّ أحدٌ منهم سَخْطةً لدينِه بعد أن يدخلَ فيه؟ قلت: لا ... فقال له هرقلُ: وسألتك: أيرتدُّ أحدٌ سَخْطةً لدينه بعد أن يدخلَ فيه؟ فذكرْتَ أن لا، وكذلك الإيمانُ حين تخالِطُ بشاشَتُه القلوبَ» . [أخرجه البخاري ومسلم].
- التصنيف: