المنتقى من كتاب " إحياء علوم الدين " للإمام الغزالي - شهوة البطن

منذ 2022-01-16

الفائدة الثامنة: يستفيد من قلة الأكل صحة البدن, ودفع الأمراض, فإن سببها كثرة الأكل, وحصول فضلة الأخلاط في المعدة والعروق. ثم المرض يمنع من العبادات, ويشوش القلب, ويمنع من الذكر والفكر, وينغص العيش.

المنتقى من كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن يأكل في معي واحد, والمنافق يأكل في سبعة أمعاء » أي: يأكل سبعة أضعاف ما يأكل المؤمن, أو تكون شهوته سبعة أضعاف شهوته.

وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( أطول الناس جوعاً يوم القيامة أكثرهم شبعاً في الدنيا )

وقال عمر رضي الله عنه: إياكم والبطنة, فإنها ثقل في الحياة, ونتن في الممات.

وقال لقمان لابنه: يا بني, إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة, وخرست الحكمة, وقعدت الأعضاء عن العبادة.

فوائد قلة الأكل:

الفائدة الأولى: صفاء القلب, وإيقاد القريحة, وإنفاذ البصيرة, فإن الشبع يورث البلادة, والصبي إذا أكثر الأكل, بطل حفظه, وفسد ذهنه, وصار بطئ الفهم والإدراك

الفائدة الثانية: رقة القلب, الذي به يتهيأ لإدراك لذة التأثر بالذكر, فكم من ذكر يجري على اللسان, ولكن القلب لا يلتذ به, ولا يتأثر حتى كأن بينه وبينه حجاباً من قسوة القلب, وقد يرق في بعض الأحوال فيعظم تأثره بالذكر, وتلذذه بالمناجاة, وخلو المعدة هو السبب الأظهر فيه.

الفائدة الثالثة: الانكسار والذل, وزوال البطر والفرح والأشر, الذي هو مبدأ الطغيان, والغفلة عن الله تعالى.

الفائدة الرابعة: أن لا ينسى بلاء الله وعذابه, ولا ينسى أهل البلاء, فإن الشبعان ينسى الجائع, وينسى الجوع, والعبد الفطن لا يشاهد بلاء من غيره إلا ويتذكر بلاء الآخرة.

الفائدة الخامسة: وهي من أكبر الفوائد, كسر شهوات المعاصي كلها, والاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء, فإن منشأ المعاصي كلها الشهوات والقوى, ومادة القوى والشهوات لا محالة الأطعمة, فتقليلها يضعف كل شهوة وقوة.

الفائدة السادسة: دفع النوم, فإن من شبع شرب كثيراً, ومن كثر شربه كثر نومه, والنوم موت فتكثيره ينقص العمر, ثم فضيلة التهجد لا تخفى, وفي النوم فواتها, ومهما غلب النوم فإن تهجد لم يجد حلاوة العبادة.

الفائدة السابعة: تيسير المواظبة على العبادة.

الفائدة الثامنة: يستفيد من قلة الأكل صحة البدن, ودفع الأمراض, فإن سببها كثرة الأكل, وحصول فضلة الأخلاط في المعدة والعروق. ثم المرض يمنع من العبادات, ويشوش القلب, ويمنع من الذكر والفكر, وينغص العيش.

الفائدة التاسعة: خفة المؤنة, فإن من تعود قلة الأكل كفاه من المال قدر يسير, والذي تعود الشبع صار بطنه غريماً ملازماً له.

الفائدة العاشرة: أن يتمكن من الإيثار والتصدق بما فضل من الأطعمة على اليتامى والمساكين, فيكون يوم القيامة في ظل صدقته, كما ورد به الخبر.

فهذه عشر فوائد, يتشعب من كل فائدة فوائد, لا ينحصر عددها ولا تتناهى فوائدها.

             كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 7
  • 0
  • 2,039
المقال السابق
رياضة النفس (2)
المقال التالي
آفات اللسان (1)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً