الإسلام والقومية العربية
ولو سلك الإسلام طريق القومية العربية، فلربما بدت طريقا أسهل وأقصر من الطريق المغايرة التي تصادم فيها مع سادة قريش، ولما لقي المؤمنون ما لقوه من تعذيب وهجرة وحرب بعد حرب!
عندما أشرقت رسالة الإسلام، كانت القومية العربية ضائعة!
كانت بلاد الشام خاضعة للروم، وكان العراق واليمن خاضعين للفرس. ولم يكن في أيدي العرب - على الحقيقة - سوى صحراء قاحلة.
فلو كان هدف الإسلام تأسيس قومية عربية، لكان أول ما دعا إليه، تحرير هذه الأرض العربية من أيدي مغتصبيها، ولعمل على تغذية شعور القبائل العربية نحو الثأر لقوميتهم المغتصبة.
ولم يكن هناك أسهل من هذه الدعوة. فنبينا الكريم كان من أرفع قبائل العرب، وأعلاها منزلة. وكان العرب معروفين بالحماسة لقوميتهم والغيرة عليها. وكان وجود بيت الله الحرام في مكة، أبرز أسباب توحيد العرب تحت راية قومية واحدة، لأنه رمز يجمعهم منذ أمد بعيد، ولا يكادون يجمعون على احترام شيء أكثر منه.
ولو سلك الإسلام طريق القومية العربية، فلربما بدت طريقا أسهل وأقصر من الطريق المغايرة التي تصادم فيها مع سادة قريش، ولما لقي المؤمنون ما لقوه من تعذيب وهجرة وحرب بعد حرب!
لكنّ الإسلام الذي يريد تحرير الإنسان، كل الإنسان، لم يكن ليرتضي أن تكون الحدود الجغرافية المجرّدة رباطا يجمع المؤمنين الذين تربطهم أسمى الروابط، وهي العقيدة. كما لم يكن ليستبدل حكما عربيا مجردا من العقيدة الربانية الصحيحة، بطغيان روماني أو فارسي، لأنه سيصبح طغيانا آخر، لا يميزه إلا لغته العربية.
فرسالة الإسلام لا تعني متابعة العرب للعرب، لكنها تعني متابعة العرب وغيرهم للإسلام وحده. فهدف الإسلام الأسمى هو الانتماء إلى الإسلام، وليس إلى قومية عربية أو عنصرية قبلية.
- التصنيف: