الصلاة وحضورها القوي ليلة الإسراء والمعراج

منذ 2022-02-23

أما المعراج فهى الرحلة الأرضية السماوية من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى ثم إلى سدرة المنتهى ثم إلى ما بعدها وما بعدها ..

أيها الإخوة الكرام: بينما نحن نتحدث عن الإسراء والمعراج معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم تقفز إلينا خلال الحديث عنها أحداث عظام ..

أحداث على الأرض وأحداث في السماء .. أما الإسراء فهى الرحلة الأرضية وكانت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ..

أما المعراج فهى الرحلة الأرضية السماوية من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى ثم إلى سدرة المنتهى ثم إلى ما بعدها وما بعدها ..

وقعت الإسراء مع المعراج في ليلة واحدة بل في جزء من الليل بقدرة الحكيم الخبير سبحانه وتعالى {سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَا ٱلَّذِى بَٰرَكْنَا حَوْلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنْ ءَايَٰتِنَآ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ

أعجب ما في الإسراء والمعراج رغم كثرة أحداثها وجود (قاسم مشترك) بين كافة الأحداث لم يغب هذا ( القاسم المشترك) في موقف من مواقفها ولم يفتقد في مشهد من مشاهدها ..

هذا ( القاسم المشترك ) والحاضر بقوة في كل أحداث الإسراء والمعراج هو الصلاة ..

وما الصلاة ؟

هى هدية الله تعالى إلى عباده ليلة الإسراء والمعراج وقبل أن يكون إسراء ومعراج، هي ركن الإسلام الركين ، ومن بين جميع الفرائض هي عماد الدين ، من أقامها أقام دينه، ومن ضيعها فقد هدم دينه، لا حظ في الإسلام لمن تركها كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهى العهد الذي بيننا وبين غير المسلمين فمن تركها فقد كفر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ..

والسؤال يقول:

وأين حضرت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج ؟

حضرت الصلاة حين ابتدأت الإسراء فكانت من بيت من بيوت الله عندما ابتدأت ، وانتهت الإسراء في بيت آخر من بيوت الله تعالى  {سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَا

وقبل أن يقع المعراج من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى كانت الصلاة حاضرة في المسجد الأقصى ..

صلاة ركعتين من (صلاة الليل) جماعة بإمام ومأمومين .. أما الإمام فهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن وراءه الأنبياء والرسل قد اصطفوا صفوفا من لدن آدم إلى عيسى بن مريم عليهم جميعاً وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام ..

صلى الأنبياء من وراءه وهو إمامهم تصديقا بنبوته ودعوته ووفاء بالعهد والميثاق الذي أخذه الله تعالى عليهم { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ النبيين لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓا۟ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ

وما أن عرج بالنبي عليه الصلاة والسلام من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى حتى سجلت الصلاة حضوراً جديداً وهذه المرة حضرت الصلاة بمرور النبي عليه الصلاة والسلام بمسجد في السماء يقال له البيت المعمور وفي حديث الإسراء قال النبي عليه الصلاة والسلام : ثم رفع إلى البيت المعمور فقلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه ..

ثم كان الحضور الأبرز للصلاة عنما بلغ رسول الله إلى سدرة المنتهى وعندما تجاوزها إلى ما بعدها وما بعدها حينها كلمه ربه وكان بينهما ما كان ..

فلما أذن للنبي أن يرجع كانت هدية الله إلى ضيفه ورسوله صلى الله عليه وسلم وإلى أمته تكمن في الصلاة المكتوبة همزة الوصل بين الله تعالى وبين عباده، معراج المؤمن ورباط ما بين السماء والأرض ..

فرض الله الصلاة المكتوبة أول ما فرضها خمسين صلاة في اليوم والليلة ذلك أنه يحب عباده ويحب اللقاء بهم ويحب النظر بعين الرحمة إليهم ..

قال النبي عليه الصلاة والسلام «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قال بلى يا رسول الله .. قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط» 

فرض الله الصلاة المكتوبة أول ما فرضها ليلة الإسراء والمعراج خمسين صلاة في اليوم والليلة فلما طلب رسول الله التخفيف من ربه خفف الله الصلوات المكتوبات في الأداء فقط وأبقى الأجر والثواب كما هو ..

جعل الله الخمسين صلاة خمسا فقط في الأداء (ظهر وعصر ومغرب وعشاء وصبح) وجعل الحسنة بعشر أمثالها فصار ثواب الخمس خمسين ، ذلك أن الله تعالى يقول  { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰٓ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

ثم عرضت على نبينا صلى الله عليه وسلم أعمال الأمة بحسنها وسيئها بثوابها وعقابها ..

وفي هذه المشاهد كانت الصلاة أيضاً حاضرة لكنها هذه المرة حضرت في صورة من صور العذاب لمن ضيع صلاته وتكاسل عنها وأهمل أوقاتها ..

مر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم ترضخ رؤوسهم بالحجارة كلما رضخت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شئ فقال النبي يا جبريل من هؤلاء؟

قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة ..

وفي عودة رسول الله من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام قال النبي عليه الصلاة والسلام مررت ليلة أسري بي بأخي بموسي عليه السلام عند الكثيب الأحمر في قبره واقفا يصلي ..

لتأتي الصلاة أيها الإخوة الكرام : فلا تدع حدثا ولا موقفا ولا مشهداً في الإسراء والمعراج إلا وتحضر فيه وبقوة لبيان أن الصلاة هي حجر الزاوية في ديننا وعليها مدار العبادة فإذا حضرت الصلاة الصالحة حضر القبول لسائر العمل وإن غابت الصلاة فأحسب أنه يخشى بعدها على سائر العمل ...

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير 

الخطبة الثانية

بقي لنا في ختام الحديث عن الحضور الأبرز للصلاة في حادث الإسراء والمعراج بقى لنا أن نقول إن الصلاة لما كانت عماد الدين ولما كانت ركن الإسلام الركين تصدرت الصلاة أول أوامر الله تعالى إلى رسوله وإلى الذين آمنوا قال الله تعالى{يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ قُمِ ٱلَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِّصْفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا

وكانت آخر وصايا رسول الله لأمته قوله  « الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم »  ..

وبين البدايات في دعوة الإسلام، وبين النهايات في حياة النبي عليه الصلاة والسلام حضرت الصلاة كأول فريضة فرضت وأول عبادة أمر المسلمون بها ففرضت أول الأمر (صلاة الليل) ..

ثم حضرت الصلاة كأحب عبادة وطاعة إلى قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام  « حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة» 

ثم حضرت الصلاة كآخر ما عهد به رسول الله إلى أمته فقال عليه الصلاة والسلام  « الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» 

في بيان واضح لمن كان له عقل وعينان أن يتنبه لصلاته فهي الصلة بينه وبين الله تعالى قال الله تعالى  {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب

وهي نور حياته قال النبي عليه الصلاة والسلام «والصلاة نور»  وفيها زكاته في الدنيا وهي أول ما يحاسب عليه من عمله وفي صلاحها نجاته يوم القيامة ..

ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة يوماً فقال  «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف » 

أسأل الله تعالى أن يحبب إلينا الإيمان وأن يزينه في قلوبنا إنه ولي ذلك والقادر عليه .

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.

  • 7
  • 0
  • 2,433

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً