رسالة إلى الموظف المسلم

منذ 2022-02-27

أوجِّهُ هذه الرسالة المُخلِصة إلى الموظف المسلم في أي عملٍ كان، وفي أي زمانٍ أو مكان؛ راجيًا المولى عز وجل أن ينفع بها، وأن يكون ما جاء فيها حجةً لنا لا علينا، وأن تكون من باب التذكيـر والتواصي بالحق، والأمر بالمعروف والنهـي عن المنكر..

• أخـي الموظف المسلم.

• يا من عليك الإخلاص والإتقان والدقة.

• يا من ائـــتُـــمِـنـتَ على قضاء مصالح المسلمين وحوائجهم.

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد:

فإن الوظيفة وسيلةٌ للعيش الشـريف والكسب النظيف، وما من موظفٍ إلا وهو مسؤولٌ عن وظيفته، ومؤتمنٌ من خلالها على مصلحةٍ من مصالح المسلمين في حياتهم ومجتمعهم؛ لذا كان على كل موظفٍ مسلمٍ أن يجعل من وظيفته طاعةً لمولاه جل في عُلاه، وعبادةً يتقرب بها إليه سبحانه وتعالى، لا سيما وأن الأعمال بالنيات، وليس للإنسان إلا ما نوى؛ كما أخبـر بذلك معلم الناس الخيـرَ صلى الله عليه وسلم.

 

وفيما يلـي أوجِّهُ هذه الرسالة المُخلِصة إلى الموظف المسلم في أي عملٍ كان، وفي أي زمانٍ أو مكان؛ راجيًا المولى عز وجل أن ينفع بها، وأن يكون ما جاء فيها حجةً لنا لا علينا، وأن تكون من باب التذكيـر والتواصي بالحق، والأمر بالمعروف والنهـي عن المنكر، وفيها أقول مستعينًا بالله وحده:

أخي الموظف، اختـرْ لوظيفتك عملًا شـريفًا طيبًا مُباحًا، لا يتعارض في أي شأنٍ من شؤونه أو جزئيةٍ من جزئياته مع تعاليم الدين الحنيف، ومبادئه العظيمة، وقيمه الكريمة، حتى يكون عملًا مباركًا، وكسبه طيبًا؛ قال تعالى: ﴿  {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}  ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

وإياك والعمل الحرام، أو العمل الذي فيه أدنـى حُرمةٍ أو شُبهة، فإن خيـره وإن كثُـر قليلٌ جدًّا، وكسبه وإن عظُم خبيثٌ أبدًا، ولا بركة فيه؛ فقد صحَّ عن النعمان بن بشير أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « «إن الحلال بيـِّنٌ، وإن الحرام بيـِّن، وبينهما أُمورٌ مُشتبهات... » »؛ [ (رواه أبو داود، الحديث رقم 3329، ص 509) ].

 

أخـي الموظف، اتَّقِ الله في عملك وراقبه جل وعلا؛ فإنه يراك في كل وقتٍ وحيـن، واحرص على أدائه بالشكل الذي يرضاه سبحانه، وتذكَّر ما رُوي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه» »؛ [ (رواه أبو يعـلـى في مسنده برقم 4386، المجلد السابع، ص 349) ].

 

ولا تنسَ - بارك الله فيك - أن جلوسك في مكتبك، وقضاءَك لحاجة مُراجعيك يُعد عبادةً تُـثـابُ عليها، متى صلُحت نيتك، واحتسبتها عند الله سبحانه.

 

واعلم – بارك الله فيك – أن المسؤولية في الإسلام مَغرمٌ لا مغنم، فاصـرف نظرك أن تظن أن المنصب وسيلة لك إلى السعادة، فلن يكون ذلك كذلك إلا إذا جعلته لله سبحانه وتعالى.

 

أخـي الموظف، حافظ على مواعيد الحضور والانصـراف، وإياك أن تتأخر أو تتغـيب عن وظيفتك بغيـر عذر يجبـرك على ذلك؛ فكل راع ٍمسؤولٌ عن رعيته، وكل موظفٍ مسؤولٌ عن وظيفته، التي إن أحسن أداءها، جُوزيَ خيـرًا إن شاء الله تعالى، وإن قصَّـر، حوسب وعوقب، والعياذ بالله من ذلك.

 

ولا تنسَ أن من عطَّل مصالح المسلمين ولم يقضِ حوائجهم وهو قادرٌ على ذلك واقعٌ تحت معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: « «من ولَّاه الله شيئًا من أمر المسلمين، فاحتجب دون خلتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره» »؛ [ (رواه أبو داود، الحديث رقم 2948، ص 448) ].

 

فالله الله في الحرص على قضاء حوائج المسلمين، وعدم تأخيـرهم أو تعطيلهم، واعلم بأن في قضاء حوائج الناس تفريجًا لكربهم، وتيسيـرًا لأمورهم، ومدعاةً لكسب دعائهم، وما أحسن قول القائل:

من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه   ***   لا يذهب العُرف بين الله والناس 

 

أخي الموظف، كُن سهلًا لـينًا، حبيبًا لطيفًا في تعـاملك مع مرؤوسيك ومراجعيك، وعليك بمساعدة من تستطيع منهم ومد يد العون له في حدود النظام والتعليمات، ودونما ضَـرر أو ضِـرار، وتذكَّر أن من يَسَّـر على مسلم، يسَّـر الله عليه في الدنيا والآخرة، وأن من رفق بمسلم رفق الله به في الدنيا والآخرة؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: « «اللهم من وَلِيَ من أمر أُمتي شيئًا فشَقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومن وَلِيَ من أمر أُمتي شيئًا فرَفَق بهم، فارفق به» »؛ [ (رواه مسلم، الحديث رقم 4722، ص 819 – 820) ].

 

أخي الموظف، احرص على حُسن الخُلق مع من يُراجعك من المسلمين بأن تُحيـيه وتستقبله بكلمةٍ طيبةٍ، وتودعه بأحسن منها، فكم هو جميلٌ ونبيلٌ أن تُنـزِل كل إنسانٍ منـزلته احترامًا لسِنه أو لعِلمِه أو لفضلِه، وعوِّد نفسك أن تكون بشوشًا مبتسمًا قدر الإمكان، ومهما كانت ضغوط العمل ومتاعبه، وإياك أن تعِدَ مراجعًا فتُخلفَ وعدكَ له، وحاول قدر استطاعتك ألَّا يخرج المراجِع من مكتبك إلا وهو راضٍ عنك، وداعيًا لك بالخيـر، حتى وإن لم تقضِ حاجته، ولا تنسَ ما صحَّ عن أبـي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: « «لا تَـحقِرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقـى أخاك بوجهٍ طلقٍ» »؛ [ (رواه مسلم، الحديث رقم 6690، ص 1145) ]؛ وما أحسن قول الشاعر:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم   ***   فطالما استعبد الإنسان إحسانُ 

 

أخـي الموظف، الحذر ثم الحذر من الانشغال بأي عملٍ مهما كان مهمًّا متى حان وقت الصلاة، وعليك - بارك الله فيك - أن تُعوِّد نفسك على إجابة النداء مُبكرًا، وأداء الفريضة في وقتها حتى يكون عملُك – بإذن الله تعالى – عونًا لك على الطاعة، وتذكَّر أنه لا خيـر في عملٍ يؤخر المسلم عن أداء الفريضة، أو يمنعه من إجابة داعـي الله جل في عُلاه، فإذا ما فرغت من ذلك، فإياك وإضاعة الوقت فيما لا فائدة منه، ولا نفع فيه، وعُدْ مباشـرةً إلى عملك؛ حتى لا يتعـطل سيـر العمل.

 

أخـي الموظف، تذكَّر – غفر الله لك – أن جلوسك في مكتبك أو مكان عملك، ومُحافظتك على مواعيد الحضور والانصـراف، وحرصك على أداء عملك بالشكل المناسب - عبادة من العبادات، وطاعة من الطاعات التي تتقرب بها إلى الله تعالى، متى صلُحـت نيتك، واحتسبت ذلك عند الله جل في عُلاه.

 

وختـامًا، أسأل الله جَلت قدرته أن يُصلح الأقوال والأفعال والنيات، وأن يكتب لنا ولك التوفيق والسداد، والهداية والرشاد، والحمد لله رب العباد.

  • 7
  • 0
  • 1,304

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً