هَمَسات .. في كلمات ... (6)
فالأمطار تصبح ضمن أخبار الصحف في المناطق الصحراوية، بينما رؤية الشمس يعتبر يوم جميل ومناسب للتنزه في المناطق غزيرة الأمطار، فسبحان الله
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، أظهر الحقَّ بالحقِّ وأخزى الأحزاب، وأتمَّ نورَه، وجعل كَيد الكافرين في تَبَاب، والصلاة والسلام على عبده الذي خُلُقه الكتاب، ورأْيه الصواب، وقوله فصْل الخِطاب، وعلى من تبعه إلى يوم الحساب، أما بعد فهذه الحلقة السادسة من سلسلة (همسات في كلمات)، والتي نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها من الكلمات الطيبات، والذخر بعد الممات، في يوم الحسرات .. اللهم آمين:
• النعمة لا تُعرَف حقيقةً إلا عند فقدها، أو نُدرتها، فالأمطار تصبح ضمن أخبار الصحف في المناطق الصحراوية، بينما رؤية الشمس يعتبر يوم جميل ومناسب للتنزه في المناطق غزيرة الأمطار، فسبحان الله، {الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} . ويمكن تطبيق هذا على مستوى فردي، فأغمض عينيك وتجول في بيتك لتحس بعمق عظم نعمة البصر، وبالتالي لا تشاهد بها إلا ما أحل الله، أيضا هناك من يتبرم من أولاده أحياناً، بينما من فَقَدَ أو فَقَدَتْ نعْمة الولد تتفطَّر أفئدتهم شوقاً للذريِّة، ويبذلون الكثير من الأموال ويزورون عدد من الأطباء في مناطق متعددة ليرزقوا بولد، أما أعظم نعمة فهي الهداية للإسلام ولكي تحس وتشعر بعظم العطية الربانية لك انظر لمن يعبد شجر أو حجر أو بقر وأسوء منهم من ينكر وجود خالق كل هؤلاء يعيشون جحيم لا يطاق، ويفتقرون إلى الطمأنينة التي يتفيَّءْ ظِلالها المؤمن كل ساعة.. {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ}.
***********
• عندما تنطق بالشهادتين فهذا في الحقيقة عقد والتزام منك وتعهد بالتسليم والاستسلام والتصديق والقبول والمحبة والانقياد لكل ما جاء عن الله ورسوله، حتى لو لم تعلم الحكمة تحديدا، وإلَّا فكل نقطة في الشريعة وُجِدَت لِـحِكَمٍ عظيمة وليس واحدة، عَلِمَهَا من عَلِمَهَا وجَهَلَها مَن جَهَلَها، لأنها ببساطة {مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}، وهذا من أشرف مقامات العبودية لله والتصديق بوعده ووعيده، فالذي يشهد أن محمدا رسول الله -مثلا- عليه أن يصدقه فيما أخبر، ويطيعه فيما أمر، ويجتنب ما نهى عنه وزجر، ويحذر كل الحذر من الابتداع فقد قال صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» .
***********
• فضْل العلْم وأهميته أشهر من أن يُذكر، لكن علينا أن نعرف أن تفاضل الخلق فيما بينهم حسب ما استفادوا من علمهم، وأشرف العِلْم علمك بخالقك، لذا فالعلماء في منزلة رفيعة وقلبهم الأنبياء وذلك لأن العلماء ورثتهم، كما أن طلب العلم يستطيعه كل أحد تقريبا لا سيما في هذا الزمان، فالعلم يرفع الوضيع، ويعز الذليل، ويرشد الحيران، وقبل ذلك طريق إلى الجنان، فارتقِ في سُلَّمِ المجد بطلب العلم والعمل به وأداء زكاته بنشره بين الناس، فالرفعة في الدنيا والآخرة للذين {أُوتُوا الْعِلْمَ} ، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
***********
• الدنيا دار حرْث وزرْع وعمَل، والآخر دار جزاء وحصاد، لكن قد يعجِّل الله تعالى العقوبة لقوم في الدنيا مع ما ينتظرهم من العقاب الشديد في الآخرة {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، وفي هذا تحذير لمن يمشي في طريقهم، وعبرة لمن تسوّل له نفسه العمل مثلهم والتشبه بهم، وثبات للمؤمنين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون؛ قال تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} عوقبوا في الدنيا لِتَحايلهم على أوامر الله، لذلك علينا أن ننظر في أسبابِ هلاك الذين خلوا قلبنا لنتجنب الأسباب حتى لا يحل علينا العقاب .. {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ}.
***********
• الكذب من الخصال المذمومة بالفطرة، وهذا شيء متفق عليه بين العقلاء من كل المشارب، لكن (من أعظم الناس إثمًا مَن يكذب على الله تعالى ورسله، فينسِب إليهم ما لم يكن منهم)، والذين يكذبون على الله أو على رسوله أنواع فمنهم من يخترع كلاما لم يقله الرسول صلى الله عليه وسلم وينشره، وهذا وإن كان مجرما إلا أنه من السهل معرفة دَجَلِه وكذبه، لكن هناك صنف آخر يفتري على الله وعلى رسوله بتحريف المراد من نصوص الوحي، كمن يدعي أن قوله تعالى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} إقرار للكفار على ضلالهم والسماح لهم بالدعوة إليه في بلاد المسلمين، ويقولون أنه حرية كفلها الإسلام، والإسلام جاء لإبطال الباطل لا التسامح في نشر الباطل وترويجه وإفساد عقائد الناس وآخرتهم، فهؤلاء يحرفون الكلم عن مواضعه، قال شيخ الإسلام رحمه الله: فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة، على ما أصَّله من البدع الباطلة.
وإلى همسات أخريات بإذن رب الأرض والسماوات.
- التصنيف: