من أقوال السلف في الغضب -2

منذ 2022-05-18

من لا يملك نفسه عند الغضب إذا غضب قال فيمن غضب عليه ما ليس فيه من العظائم, وهو يعلم أنه كاذب, وربما علِمَ الناسُ بذلك ويحمله حقده وهوى نفسه على الإصرار على ذلك.

 

** قال الإمام ابن الجوزي: كم من غضب فقتل وضرب ثم سكن غضبه بقي طول دهره في الحزن والندم.

** قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الغضب والحمية تحمل المرء على فعل ما يضره وترك ما ينفعه.

** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

& الذي يغلبُ شهوته وغضبه يفرقُ الشيطان من ظله, ومن تغلبه شهوتهُ وغضبه يفرقُ من خياله.

& قلع الغضب بمعرفة النفس وأنها لا تستحقُّ أن يغضب لها وينتقم لها, فإن ذلك إيثار لها بالرضى والغضب على خالقها وفاطرها. وأعظم ما تدفع به هذه الآفة أن يُعوِّدها أن تغضب له سبحانه وترضى له, فكلما دخلها شيء من الغضب والرضى له خرج منها مقابله من الغضب والرضى لها, وكذا بالعكس.

& قوى الناس متفاوتة تفاوتًا عظيمًا في ملك قواهم عند الغضب، والطمع، والحزن، والخوف، والشهوة، فمنهم من يملك ذلك، ويتصرف فيه، ومنهم من يملكه ذلك ويتصرف فيه.

& الغضب مرض من الأمراض، وداء من الأدواء، فهو في أمراض القلوب نظير الحُمى والوسواس والصرع في أمراض الأبدان.

& من الغضب ما يُمكنُ صاحبه أن يملك نفسه عنده، وهو الغضب في مبادئه، فإذا استحكم وتمكن منه لم يملك نفسه عند ذلك، وكذلك الحُزنُ الحامل على الجزع، يُمكنُ صاحبه أن يملك نفسه في أوله، فإذا استحكم وقهر لم يملِك نفسه، وكذلك الغضب، فهو اختياري في أوله، اضطراري في نهايته.

ــــــــــــــــــــ

& العاقل لا يستدعي الغضب ولا يريده، بل هو أكره شيء إليه، وهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم من احمرار عينيه وانتفاخ أوداجه؟ ))، والعاقل لا يقصد إلقاء الجمرة في قلبه.

& الغضبان إذا اشتد به الغضب يألَمُ بحمله، فيقول ما يقول، ويفعل ما يفعل، ليدفع عن نفسه حرارة الغضب، فيستريح بذلك، وكذلك يلطم وجهه، ويصيح صياحًا قويًّا، ويشق ثوبه، ويُلقي ما في يده، دفعًا لألم الغضب، وإلقاءً لحمله عنه، وكذلك يدعو على نفسه وأحب الناس إليه.

& يحصل للغضبان إغماء وغشي، وهو في هذه الحال غير مكلف قطعًا، كما يحصل للمريض، وقد ينكر كثير من الناس أن الغضب يُزيل العقل، ويبلغ بصاحبه إلى هذه الحال، فإنه لا يعرف من الغضب إلا ما يجد من نفسه، وهو لم يعلم غضبًا انتهى إلى هذه الحال، وهذا غلط فإن الناس متفاوتون في الغضب تفاوتًا عظيمًا.

& ما يتكلم به الغضبان في حال شدة غضبه من طلاق أو شتم، ونحو ذلك، من نزعات الشيطان .... والغضب من الشيطان، وأثرُه منه، كما في الصحيح أن رجلين استبا عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى احمرَّ وجه أحدهما، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ))، وفي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان من النار، وإنما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ » ))، وهذا يدل على أن الشيطان يُغضبه ليحمله بغضبه على فعل ما يحبه الشيطان.

 

ــــــــــــــــ

** قال الحافظ ابن رجب:

& قوله صلى الله عليه وسلم لمن استوصاهُ: " « لا تغضب» " يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يكون مراده: الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق, فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق, وصارت لها عادةً, أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه

والثاني: أن يكون مراده: لا تعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك, بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه, والعمل بما يأمر به, فإذا لم يمتثل الإنسان ما يأمره به غضبه وجاهد نفسه على ذلك اندفع عنه شرُّ الغضب, وربما سكن عنه غضبه, وذهب عاجلاً, فكأنه-حينئذٍ_ لم يغضب.

& من لا يملك نفسه عند الغضب إذا غضب قال فيمن غضب عليه ما ليس فيه من العظائم, وهو يعلم أنه كاذب, وربما علِمَ الناسُ بذلك ويحمله حقده وهوى نفسه على الإصرار على ذلك.

** قال الحافظ ابن حجر:

& أعظم ما ينشأ عنه الغضب: الكبر, لكونه يقع عند مخالفة أمر يريده, فيحمله الكبر على الغضب.

& الغضب يخرج الحليم المتقي إلى ما لا يليق به.

& الغضب...يحمل الرجل الوقور على ترك التأني المألوف منه.

& يترتب على الغضب تغير الظاهر...كتغير اللون, والرعدة في الأطراف, وخروج الأفعال عن غير ترتيب, واستحالة الخلقة, حتى لو رأى الغضبان نفسه في حال غضبه لكان غضبه حياء من قبح صورته, واستحالة خلقته.

ــــــــــــــ

& الغضب يغطي على ذوي العقول.

& يترتب على الغضب تغير...الباطن...وقبحه أشدّ من الظاهر, لأنه يولد الحقد في القلب والحسد, وإضمار السوء على اختلاف أنواعه.

& الذي يتواضع حتى يذهب عنه عزة النفس, يسلم من شر الغضب.

** قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ:

& لا تسعَ فيما يغضبك, لأنه من المتقرر أن الوسائل تؤدي إلى الغايات, فإذا كنت تعلم أن هذا الشيء يؤدى بك إلى غاية تغضبك فلا تسع إلى وسائلها, ولهذا كان كثير من السلف يمدحون التغافل.

& تغافل المرء عما يُحدث له الغضب, ويُحدث له ما لا يرضيه, من أبواب الخير العظيمة, وكذلك التغافل عن الإساءة, والتغافل عن الكلام فيما لا يُحمد, والتغافل عن بعض التصرفات بعدم متابعتها ولحوقها إلى آخرها.

        كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 1
  • 0
  • 1,407

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً