أزواج فوتوشوب

كتبت أ - سمر سمير
من عجائب هذا الزمان أن الكثير من الأشياء أصبحت بعيدا نوعا ما عن الواقع والحقيقة ...
لدرجة قد لا تدرك معها أنها مزيفة بل تظنها هي الحقيقة بعينها ..
حدث ولا حرج عن الصور المعدلة بالفلاتر والفوتوشوب التي تغير الملامح ولون البشرة ونضارتها مما يعطي سنا أصغر لصاحبتها ......فلا تكاد تجد صورة سلمت من فلتر أو تغيير ما ..
وما بين أسماء مستعارة لا تعرف  معها مع من تتحدث هل ذكر أم أنثى؟
ومواقع تواصل تظهر واقعا مخالفا للحقيقة في كثير من الأحيان فليست إلا مواقع افتراضية بعيدة عن الواقع في أكثرها.
ولكن قد نستطيع التمييز بين صورتين أحدهما حقيقة والأخرى مفلترة
ولكن كثيرا من الناس تنطلي عليهم هذه الخدع إذا رأوا أزواج وزوجات اليوتيوب .
ما أن ترى الزوجة مثل هذه القنوات إلا  أن تتأثر بها وتؤثر على نفسيتها بالسوء وتجعلها ساخطة على حياتها وزوجها المسكين الذي لا يتصرف مثل هذا الزوج الفوتوشوب.(اليوتيوبر )
ولا يدع الشيطان هذه الفرصة إلا أن يستغلها مرددا على لسانها يا ليت لي مثل هذا الزوج
مرددا على عقلها مثل هذه التساؤلات :
لماذا زوجي لا يهدي لي مثل زوجها ؟
لماذا يلبي لها جميع طلباتها وأنا زوجي ليس كذلك ؟
لماذا زوجي لا يأخذنا للسفر والنزهة مثلها؟
لماذا زوجي لا يجيد تقديم الهدايا لي مثل زوجها؟
لماذا لا يصنع لي المفاجآت والحفلات والسهرات مثل هذا الزوج ؟
لماذا لا يقول لي الكلام الجميل الذي احتاج أن أسمعه منه ؟
هل أنا لست جميلة مثلها ؟
هل أنا لست بذكائها ؟
هل تملك شيئا لا أملكه أنا لتسحر به زوجها فيشتري لها كل ما تريد؟
قالت لي أحدهم ذات يوم أرأيت قناة كذا وكذا .
أرأيت كيف جدد لها زوجها مطبخها وكيف كانت سعيدة بذلك ؟
أرأيت كيف فاجأها بتغيير جميع أجهزة منزلها دون أن تطلب ؟
تقولها وألمح في صوتها حزن على حالها
ألمح في عينيها حسرة على زوجها الذي لا يملك مثل تلك العصا السحرية لصاحبنا اليوتيوب.
همست إليها حبيبتي هذا يوتيوبر هذه وظيفته .
هو لا يقوم بذلك كزوج بل كيوتيوبر يصنع محتوى وأفكارا تجذب مشاهدات بالملايين..
يضع عناوين لامعة وبراقة تعمي عيون المشاهدين ليهرعوا إلى مشاهدة المحتوى
هو مجرد تاجر يدفع ليجني أضعاف ما يدفع من تجارته ..قد يدفع مائة ألف في صنع محتوى فيديو واحد ليجني الملايين من وراء المشاهدات ..
فمن الظلم البين أن تضعي زوجك في مقارنة معه وإلا كانت مقارنة جائرة ...ولو كان ذلك بينك وبين نفسك ...
فهؤلاء أزواج فوتوشوب افتراضيين أمام الشاشات والكاميرات يظهرون أفضل لحظاتهم وأجمل خروجاتهم وأحسن أخلاقهم مع زوجاتهم ...
ينتقي كل جميل فيظهره ويبرزه ويركز عليه وعلى الجانب الآخر يخفي كل عيوبه وأخلاقه السيئة وعصبيته وحدته مع زوجته حتى لا تظهر..وإن ظهرت في المونتاج يزيل كل ذلك.
فمن غير الطبيعي أن يحب أن يظهر للناس عيوبه ...ولكن ليس معنى أنها غير ظاهرة أنها غير موجودة ...بل يجاهد في إخفائها وقصها بمقص المونتاج..
فكل همه مزيد من المشاهدات واللايكات والمشاركات..
فلا تقارنيه بزوجك وإن أبيت إلا المقارنة فمن حق زوجك أيضا مقارنتك بما يراه _عمدا أو دون عمد_ من فتيات التيك توك والإعلانات ...لابد أنك ستعترضين عليه قائلة إن هؤلاء الفتيات يهتمون بأنفسهم لأنهم متفرغات وغير مسؤولات من بيت وأسرة وأولاد ومذاكرة وطبخ ..فلا وجه للمقارنة .

فلا تقارني أنت كذلك زوجك بأزواج الفلاتر والفوتوشوب
لا تنخدعي بهم ولا تقارنين حياتك بحياتهم .فهذه ليست واقعا لهم بل واقعا افتراضيا فقط
..فهذه المقارنة مصيدة لليأس والإحباط وعدم الرضا برزق الله يضعك فيها الشيطان لينسيك شكر نعم الله عليك ...فلا تغتري..
وإن أبيت فانظري إلى من هو أقل منك ومن لا تملك زوج .واحمدي الله على نعمه يزدك من فضله. قال تعالى  {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم7]