مفاتيح كسب القلوب
لنتعلم فن الابتسامة وذوقها، ولننشر فن طلاقة الوجه بيننا وفي مجتمعاتنا، وليكن أسلوبنا مفتاحنا الذي ندخل به قلوب البشر بلا استئذان، وليكن البصمة التي تُميزنا عن غيرنا، فما أجمل أن نكون سببًا في إدخال السعادة على القلوب..
استوقفتني قصة عامل محطة الوقود، للكاتب والمبدع. الدكتور/ خالد المنيف، وكثيرا ما يستوقفني إبداع هذا الكاتب.
كان هناك عامل في محطة الوقود، دوما ما يثير إعجاب كل عملائه، حيث كان يتذكر اسم كل عميل ويناديه بمجرد دخوله المحطة.
كان العديد من الناس يعتقدون أن هذا الشاب الصغير يملك ذاكرة مذهلة، ولكن ما كان يملكه هذا الشاب بالفعل هو الرغبة في خدمة العملاء، والميل إلى المبادرة.
فعندما كان يأتي عميل جديد إلى المحطة كان العامل يسأله عن اسمه، ثم يكتب هذا الاسم على غطاء خزان البنزين في سيارته، وفي المرات التالية تصبح اللمسة الشخصية حين يتذكر العامل اسم العميل بمنتهى السهولة بمجرد فتح خزان الوقود في السيارة فقط!
بإمكانك أيها القارئ الكريم أن تستشعر أثر ذلك الفعل البسيط، وكيف أن هذا العامل تمكن من أن يكسب ود الناس بمجرد البشاشة وتذكر الاسم، وهذا السلوك يعد ذوقا.
والذوق كما يقول الدكتور/ خالد المنيف: حالة من السمو والجمال يرتقي بها الإنسان صاحب الذوق إلى مرتبة عالية في سلم الإنسانية.
وديننا الحنيف هو دين الذوق والإنسانية، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» (متفق عليه).
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات 13].
ومن الوسائل التي تقوي علاقة المسلم بأخيه: التبسم وطلاقة الوجه، وكما قال ابن عيينة –رحمه الله-: البشاشة مصيدة القلوب، وأوصى ابن عمر -رضي الله عنه- ابنه فقال: بني إن البر شيء هين، وجه طليق وكلام لين، فالابتسامة: عبادة وصدقة، قال عليه الصلاة والسلام: «تبسمك في وجه أخيك صدقة» (رواه الترمذي)، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق» (رواه مسلم) .
ذلك لأن الناس بفطرتهم يميلون إلى صاحب الوجه البشوش وينفرون دائمًا من صاحب الوجه العابس، فما أهونها من عبادة، وما أجمله من أثر يترك عند من يتلقاها، تطرد وساوس الشحناء، وتغسل أدران الضغينة، وتمسح جراح القطيعة، وبها تتألف القلوب، وعن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: «ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رآني إلا تبسم في وجهي» رواه البخاري.
وهناك حكمة صينية تقول: (إن الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغي له أن يفتح متجرا)، ويؤكد ذلك ما تقوم به الشركات العالمية والمتقدمة من تدريب موظفيها على التعامل مع الزبائن والعملاء، حيث تكون الابتسامة على رأس تلك التدريبات، وهم بذلك يرجون ثواب الدنيا، فكيف بمن يتخلق هذا الخلق رجاء ثواب الدنيا والآخرة!
فلنتعلم فن الابتسامة وذوقها، ولننشر فن طلاقة الوجه بيننا وفي مجتمعاتنا، وليكن أسلوبنا مفتاحنا الذي ندخل به قلوب البشر بلا استئذان، وليكن البصمة التي تُميزنا عن غيرنا، فما أجمل أن نكون سببًا في إدخال السعادة على القلوب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
- قصة من كتاب موعد مع الحياة، للدكتور/ خالد المنيف، الطبعة الثالثة، سنة 2010
- كتاب ذوقيات لأناقة الروح والسلوك، للدكتور/ خالد المنيف، الطبعة الأولى، سنة 2015
- التصنيف:
- المصدر: