من مقاصد العبادة ( بيان افتقار العبد إلى ربه)
عبادة الله تعالى وطاعته تنعكس بالخير على نفسية الإنسان المؤمن وطباعه فتهذبها وتحدث لها توازنا ينشده كل عاقل لنفسه..
أيها الإخوة الكرام: إن من أجل نعم الله تعالى علينا ( ما فرضه لنا من الفرائض وما شرعه لنا من الشرائع وما سنه لنا من السنن)
( فرض إقامة الصلاة، فرض إيتاء الزكاة، فرض الصيام، فرض الحج لمن استطاع إليه سبيلا، وشرع لنا بر الوالدين وصلة الأرحام وحسن الجوار وحسن العشرة وتوقير العالم واحترام الكبير ورحمة الصغير ) كل ذلك من دلائل رحماته وبركاته وإنعامه على الناس..
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوٓا۟ إِلَيْهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُوا۟ فِى سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
هذه الفرائض، هذه العبادات، هذه الشرائع شرعها وسنها ربنا سبحانه وتعالى لنا، وسيلة تقربنا إليه سبحانه وتعالى، وسيلة تحببنا إليه جل في علاه، فرائض نتكسب منها الحسنات، عبادات نرتقي بسببها في الدرجات، ونعلن بها افتقارنا إلى رحمة ربنا سبحانه وتعالى..
{ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ ٱللَّهُ يَجْتَبِىٓ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىٓ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ}
من المقاصد المهمة من وراء صلاتنا ومن وراء صيامنا ومن وراء صدقاتنا ومن وراء حجنا بيان افتقارنا إلى عفو ربنا، إلى ثوابه، إلى قبوله، إلى جنته سبحانه وبحمده..
{أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا }
قال الإمام البيضاوي عليه رحمة الله: دل الإستقراء على أن الله تعالى إنما شرع أحكامه لمصالح العباد..
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ، إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ، وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰٓ ۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِۦ ۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ}
عبادة الله تعالى وطاعته تنعكس بالخير على نفسية الإنسان المؤمن وطباعه فتهذبها وتحدث لها توازنا ينشده كل عاقل لنفسه..
فترى المؤمن بسبب حسن صلته بالله واثقا في نفسه، عند النعمة لا يطغى، وعند النقمة لا يقنط من رحمة الله سبحانه وتعالى..
{﴿ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلَّا ٱلْمُصَلِّينَ، ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ، وَٱلَّذِينَ فِىٓ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ، لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ، وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ , وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ, إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ, وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ, إِلَّا عَلَىٰٓ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ, فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ, وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ, وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمْ قَآئِمُونَ, وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ, أُو۟لَٰٓئِكَ فِى جَنَّٰتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾ } عبادة الله تعالى وطاعته ( ذكره، شكره،السجود بين يديه..) تنعكس إيجابا على صفات المؤمن وأخلاقه فهو الصدق والأمانة والتواضع والكرم والوفاء يمشي على قدمين، وهو أبعد الناس عن البذاءة والفحش والتفحش..
{﴿ ٱتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ ۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ }
عبادة الله تعالى وطاعته في صلاة نأتي بها في أوقاتها وفي أموال نؤدي زكاتها لتنعكس ببركتها على قلب المؤمن فتطهره من الغش وتنظفه من الحقد والغل والبخل والشح ، وتمحو منه آثار الذنوب والسيئات ﴿ {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تطهرهم وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ﴾
عبادة الله تعالى وطاعته بفعل الخيرات وترك النكرات خشية وتقوى لله رب العالمين لتنعكس على السموات والأرض بكامل الرحمات والبركات ﴿ {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ} ﴾
عبادة الله تعالى وطاعته محبة وطلبا لرضاه سبحانه وتعالى لتنعكس على المواقف الحياتية اليومية التي تمر بالإنسان المؤمن فعبادة الله تعالى تعمل عملها في طمئنة القلب وثبات النفس، عبادة الله تحفظ المؤمن من الفتن وطاعة الله تحرسه من المهلكات وذكره لله سبب نجاته من الملمات ..
قَالَ النبي عليه الصلاة والسلام : " «بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ» :
«انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ» .
«قَالَ أَحَدُهُمُ : اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. فَفَرَجَ اللَّهُ، فَرَأَوُا السَّمَاءَ» .
«وَقَالَ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ مِنْهَا فَأَبَتْ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فَرْجَةً. فَفَرَجَ» .
«وَقَالَ الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ : أَعْطِنِي حَقِّي. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، فَجَاءَنِي فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ. فَقُلْتُ : اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْ. فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَسْتَهْزِئْ بِي. فَقُلْتُ : إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَخُذْ. فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ مَا بَقِيَ، فَفَرَجَ اللَّهُ "» .
قلت ومصداق ذلك في القرآن الكريم قول الله تعالى ﴿ { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ، فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ، فَلَوْلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} ﴾
ثم إن تعرف المؤمن إلى ربه بالعمل الصالح المفروض تارة والمسنون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة أخرى لهو سبب توفيق الله تعالى وتأييده ومعونته في الأمور كلها..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «" إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ "» .
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشرح صدورنا لعبادته، وان يرزقنا تقواه وخشيته إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير..
الخطبة الثانية
أما بعد فلم يبق لنا من وقت حديثنا إلا القليل ومعنا خلال هذا الوقت القليل حديث وتعليق..
أما الحديث فهو ما أخرجه مسلم بن الحجاج منْ حديث أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ :
" «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا. يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ. يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ. يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادِي، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي» .
«يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ» .
«يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ "» . كان هذا هو الحديث..
أما التعليق:
فهو بيان واضح العنوان يقول إن الله تعالى هو الغني، لا يحتاج إلى أحد، لا ينتفع بنافعة أحد، ولا تضره أذية أحد، هو الغني، هو الحميد، هو النافع، هو الصمد..
قال مقاتل : هو : الكامل الذي لا عيب فيه..
وقال الحسين بن الفضل : هو : الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
وقال السدي : هو : المقصود في الرغائب ، والمستعان به في المصائب .
وقال أبو هريرة : هو المستغني عن كل أحد ، والمحتاج إليه كل أحد ..
فاسألوه، واتقوه، واعبدوه خوفا وطمعا إن رحمة الله تعالى قريب من المحسنين..
- التصنيف: