هل يكره النوم بعد العصر
بعض الناس هداهم الله معتادين بعد رجوعهم من العمل قبيل العصر على النوم مما يفوت عليهم صلاة الجماعة أو وقت الصلاة بالكلية وهذا أمر عظيم قد نهى عنه الشرع في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فاتته العصر حبط عمله».
كره طائفة من السلف النوم بعد العصر وعللوا ذلك بأن المداومة عليه يضر بالصحة ويؤثر على العقل ويورث الحمق والوسواس واختلفت عباراتهم في ذلك وقد روي في هذا الباب أحاديث منكرة لا يصح منها شيء كحديث: (من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه).
وغيره من الأحاديث الواهية التي لم ترو في الأصول الستة. وإنما اعتمدوا في ذلك على كلام بعض الأطباء والحكماء المتقدمين الذين بنوه على التجربة والتأمل.
ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينام بعد العصر فيما أعلم بل كانت عادته أنه إذا صلى العصر طاف على نسائه كما ثبت في الصحيح وكان هديه في النوم أنه كان ينام بعد العشاء وفي القيلولة ولم يكن ينام بعد الصبح ولا بعد العصر.
لكن هذا من الأمور العادية التي الأصل فيها الإباحة فلا كراهة في ذلك لأنه لم يرد نهي صحيح في الشرع عن ذلك بل ورد في الصحيح ما يدل على كراهة النوم قبل المغرب لأن ذلك مظنة فوات صلاة العشاء وهذا النص يدل على عدم كراهة النوم في غير هذا الوقت وكذلك لا يظهر علة صحيحة أو مفسدة تدل على الكراهة وإنما يكره النوم أو يحرم في غير المغرب إذا غلب على الظن ترك الصلاة أو تضييعها بالكلية. وأما كلام الأطباء فهو اجتهاد يحتمله النقاش والرد ولو فرض ثبوته فهو من باب فعل الأولى والحفاظ على صحة البدن والعقل ولا يثبت بمثل ذلك حكم وحرج من قبل الشرع. وقد نقل أن الفقيه المصري الليث بن سعد كان ينام بعد العصر ولا يرى العمل بحديث النهي عن ذلك.
فعلى هذا إذا احتاج الانسان إلى النوم بعد العصر أو كان هذا الوقت هو المناسب لراحته لانشغاله وقت الظهيرة كحال كثير من الناس في هذا الزمن أو جرى العرف والعادة في مجتمع النوم بعد العصر فلا حرج عليه أن ينام بعد العصر ولا كراهة في ذلك.
وينبغي التنبيه على أن بعض الناس هداهم الله معتادين بعد رجوعهم من العمل قبيل العصر على النوم مما يفوت عليهم صلاة الجماعة أو وقت الصلاة بالكلية وهذا أمر عظيم قد نهى عنه الشرع في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فاتته العصر حبط عمله». (متفق عليه). والواجب عليهم أن يتصبروا وينتظروا الصلاة حتى يؤدوا الصلاة ثم يناموا بعدها.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
_____________________________________________
الكاتب: خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
- التصنيف: