أختي المسلمة : تعريف العقيدة وأهميتها -1
نبدأ بإذن الله الحديث عن علم هو أساس العلوم الشرعية، وهو الطريق لمعرفة الله، بل هو أصل كل صلاح في الحياة
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
نبدأ بإذن الله الحديث عن علم هو أساس العلوم الشرعية، وهو الطريق لمعرفة الله، بل هو أصل كل صلاح في الحياة، ظل النبي صلى الله عليه وسلم ١٣ سنة في مكة قبل الهجرة يبني هذا الأصل في قلوب المسلمين، وإذا تأملنا آيات القرآن الكريم لوجدنا أن أغلبها جاءت لتثبيت هذا الأصل، ومع ذلك يغفل كثير من المسلمين عنه مع أن فيه نجاتهم وفلاحهم وصلاح حالهم.
العلم الذي سندرسه نعرف من خلاله أصول ديننا وقواعده الثابتة، ونتعرف من خلاله على إجابة الأسئلة التي تدور في أذهاننا عن علامات الساعة وأحداثها وغيرها من الأمور التي لابد لكل مسلم أن يكون على علم بها، علم ممتع نتعرف من خلاله على أسماء الله عز وجل وصفاته، فهل هناك أعظم وأمتع وأروع من علم نعرف فيه أسماء الله وصفاته ونعيش معها وننهل من معينها؟!
إنه علم العقيدة، وهو علم في غاية الأهمية لكل مسلم؛ فالإسلام عقيدة وعملٌ، ولا يَصِح عملٌ بلا اعتقادٍ، ولا ينفع عمل بلا عقيدة صحيحة، وقد جاءت غالب آيات القرآن الكريم لتقرير عقيدة التوحيد، والدعوة إلى إخلاص العبادة والدين لله وحده لا شريك له، وتثبيت أصول الاعتقاد (الإيمان والإسلام)، والتحذير من عاقبة الشرك والضلال.
هل قرأتم قول الله تعالى في سورة الغاشية {(وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة)} عملت عملا كثيرا وتعبت فيه واجتهدت ومع ذلك (تصلى نارا حامية)؟ لماذا؟ لأن عقيدتها لم تكن سليمة، لأن عملها لم يكن خالصا لله وبالطريقة التي أمر الله بها، كما نرى من أحبار اليهود ورهبان النصارى وعبدة البقر والأصنام بل وحتى المبتدعة الذين يعبدون الله ولكن بغير ما شرع الله.
تخيلوا من يتعب ويجتهد ويسهر الليل ويحرم نفسه من الملذات في النهار وهو يظن أنه بذلك سيصل إلى الجنة ثم يأتي يوم القيامة فيجد أعماله هباء، لا يُقبل منها شيء، كما شبهها القرآن برماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، يقول الله تعالى في سورة الزمر: {(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65))} . لماذا ضاع كل هذا وأُحبط العمل؟ لأنه لم يكون على التوحيد، لأنه كان على الشرك.
ولكن ما معنى العقيدة التي نتحدث عنها وعن أهميتها؟
حتى نعرف معناها نريد أولا أن نجيب على هذا السؤال:
لو قلت لكم أن هذه شوكة 🥄 فهل ستقتنعون بذلك؟
بالطبع لا . إذا أنتم مؤمنون ومصدقون وعلى يقين أنها ملعقة وليست شوكة، ومهما حاولت أن أقنعكم بغير ذلك فلن تغيروا ما تؤمنون به، حتى لو أجبرتكم بأي وسيلة على قول أنها شوكة، فلو نطقت ألسنتكم بذلك فستظل قلوبكم مؤمنة بأنها ملعقة، وهذا بالضبط ما نسميه العقيدة، أي الإيمان بشيء معين.
لقد أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حتى سب النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر آلهتهم بخير، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم معتذرا باكيا نادما، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن قال : " كيف تجد قلبك؟ " قال : مطمئنا بالإيمان . فقال : " إن عادوا فعد " . وفي ذلك أنزل الله : (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان).
فالعقيدة: هي الأمور التي يجب أن يُصَدَّقَ بها القلب ، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك.
والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل.
أي أنها شيء أعتقده بقلبي وأؤمن به وأجزم به، وليست نصوصا تحفظ، ولا أقوالا يجادل بها وإنما هي إيمان ويقين.
وهنا نسأل سؤالا: عندما يتعلق الأمر بالإيمان والقلوب هل اعتدت على سماع كلمة توحيد أم عقيدة؟
علم العقيدة وعلم التوحيد مترادفان عند أهل السنة، أي أنهما بنفس المعنى، ولكن غالبا ما يُستخدم لفظ التوحيد فيما يختص به الرب عز وجل من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
وعندما نتكلم عن بقية أركان الإيمان والغيبيّات نطلق عليها عقيدة؛ فكلّ توحيدٍ عقيدة، وليس كلُّ عقيدةٍ توحيداً.
فالمهم هو أن يكون توحيدك لله أو عقيدتك قوية راسخة، تؤمن بمجموعة من الأمور لا يمكن أبدا أن يكون عندك أي شك فيها.
فما هي تلك الأمور التي على كل مسلم أن يؤمن بها؟
📌العقيدة الإسلامية هي:
الإيمان الجازم بربوبية الله تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، وأصول الدين، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم التام لله تعالى في الأمر، والحكم، والطاعة، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
إذا كل هذا الأمور تدخل في العقيدة.
ولكن من أين أخذنا لفظ العقيدة؟ ولماذا؟ ألا تذكركم كلمة العقيدة بكلمة أخرى؟
العقيدة مأخوذة من العقدة؛ لتدل على الثبات والإحكام فكما لا يستطيع أحد حل العقدة المحكمة لا يمكن لأحد أن يجعلنا نشك في عقيدتنا وما نؤمن به. فسميت عقيدة ؛ لأن الإنسان يعقد عليها قلبه.
ولنا في الصحابة والصالحين على مر العصور أسوة حسنة فلم يفرطوا في عقيدتهم رغم الابتلاءات والإغراءات.
وحتى تكون عقيدتنا قوية وإيماننا قويا لابد أن نعرف عقيدة الإسلام بشكل صحيح.
ولكن لماذا علينا الاهتمام بعلم العقيدة؟ وما هي أهمية هذا العلم؟
أي لماذا ندرس العقيدة؟
عندما نتكلم عن أهمية دراسة علم العقيدة أو علم التوحيد ننظر للأهمية من جهتين:
1- من جهة الموضوع:
هل هناك علم أشرف من علم يتعلق بصفات الله وأفعاله سبحانه وتعالى؟ علم يتعلق بالإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر؟ ودعوة الرسل التي فيها فلاحنا ونجاتنا إن تمسكنا بها تجدها في علم العقيدة كما قال الله عز وجل :( { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} ) فما أرسل الله عز وجل الرسل وأنزل الكتب إلا لأجل إقامة التوحيد.
2- العباد أيضا يحتاجون لعلم التوحيد حاجة ضرورية ولا يستغنون عنه:
فالتوحيد هو نجاتك في الدنيا والآخرة وبه تصلح حياتك كلها.
هل تريد الرزق وكفاية شؤونك كلها؟ إذا عليك أداء حق الله عليكِ؛ لقوله تعالى في سورة الذاريات {(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)} .
ولن تصلي لذلك دون علم التوحيد.
ألا تريد النجاة من النار؟ إذا قُل كلمة التوحيد صادقة مخلصة، ففي الصحيحين من حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله".
الحمد لله العقيدة سليمة فهل سيكون لها تأثير على عمل الجوارح أم لا؟
- التصنيف: