انتشار ظاهرة الالحاد بين الأطفال والشباب
من المصائب التي تدهش السامع والرائي في هذا الزمان إنتشار الإلحاد بين أطفال وشباب المسلمين. ولوحظ الأمر بجلاء في مستخدمي الآيباد والهواتف الجوالة من أبناء الأمة.
كتبت : د. منال أبو العزائم
من المصائب التي تدهش السامع والرائي في هذا الزمان إنتشار الإلحاد بين أطفال وشباب المسلمين. ولوحظ الأمر بجلاء في مستخدمي الآيباد والهواتف الجوالة من أبناء الأمة. كما لوحظ أيضاً في غيرهم من متابعي الأفلام السينمائية.
وقد حذر الشيخ محمد العريفي المسلمين في أحد دروسه من ترك هذه الأجهزة للأطفال دون رقيب. ووردت كثير من القصص عن هذا الموضوع؛ ومنها رسالة إنتشرت في مواقع التواصل الإجتماعي تتحدث عن شخص يشكو من أن صديقة ابنته قالت لبنته أنها لا تؤمن بالله، رغم أنها من عائلة مسلمة. والمشكلة أن هذا حال كثير من هؤلاء الصغار ممن ينتمون لجيل الآيباد. والرسالة تحكي واقع ملموس في مجتمعنا. ولعل من أكثر ما ساعد في إنتشار الإلحاد بين الصغار والشباب مشاهدة الأفلام، ورسوم الأطفال التي حملت بين طياتها الأفكار والمشاهد الإلحادية. وكذلك الإدمان على ألعاب الحاسوب والجوال المليئة بمظاهر الكفر، ومشاهدة يوتيوب لساعات طويلة بمحتوي بعيد كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف. فنجد أثر سنوات قليلة من فعل ذلك يظهر بشكل إلحاد علني بين الأطفال. والأدهى في الأمر أن الأطفال يصرحون بهذا الإلحاد دون خجل ولا يميزون بأن هناك شيء خطأ في تصريحاتهم. ولا شك أن نشر الإلحاد أمر سهل عن طريق هذه الوسائل إذا غاب التعليم الديني والعقد الصحيح. وانشغال النشء بهذه الأجهزة وانشغال أباءهم عن تعليمهم أصول الدين، يجعل لأفكار الإلحاد مرعي خصب للنماء. وللأسف وجدنا هذا في بيوت دعاة ورجال علم، حيث تركوا هذه الأجهزة تدخل بيوتهم وتعبث بعقول أطفالهم دون رقيب ولا هادي. فنجد في زماننا هذا ابن الشيخ الواعظ لا يحسن قراءة الفاتحة، ولكنه يحفظ أسماء الألعاب ويجيد استخدام الحاسوب والهاتف النقال. كما نجد بنت المنتقبة وحافظة القرآن تتباهي بين صديقاتها بوضع الروج والخروج سافرة. وهذا من انتكاس الحال وضياع الأمانة. أليس هؤلاء الأبناء هم أمانة من الله عند والديهم! وقد كان رسول الله صلى الله عليه، وهو خير الخلق، يسأل الله الثبات على الدين، وذلك في دعائه: «يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك» [1]، وقال: «إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها» [2]. وقال تعالى: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[3]. فما بالنا نحن لا نخشى على أنفسنا وصغارنا من زيغ القلوب ونترك هذه الأفكار الإلحادية تدخل إلى عقول ابناءنا وبناتنا دون رقيب.
نشر الإلحاد من منظور مقاصد القرآن الكريم:
- لا شك أن الإلحاد يتناقض مع مقصد إصلاح الإعتقاد وتعليم العقد الصحيح.
- ينتشر الإلحاد نتيجة الجهل بالدين، فالعكوف على الأجهزة لا يترك وقت ولا مجال لتعلم القرآن وتعاليم الدين؛ وهذا كله يتناقض مع مقصد التعليم.
- الإلحاد ينتج عن عدم الإيمان بالبعث والجزاء وعدم التصديق بالوعد والوعيد، وهذا يتناقض مع مقصد المواعظ، والإنذار، والتحذير، والتبشير.
- الإلحاد يؤدي إلى تفكك الأمة والاختلاف وهذا يتناقض مع مقصد سياسة الأمة ومقصد صلاح الأحوال الفردية والجماعية والعمرانية.
- الإلحاد لا يتأتى مع التصديق بما جاء في قصص القرآن وكيف أن الله تعالى عاقب الأمم لكفرهم، وهذه يتناقض مع مقصد القصص القرآني.
- الإلحاد يؤدي إلى سوء الأخلاق وعدم الاكتراث بتعاليم الدين وغياب الوازع الديني وهذا يتناقض مع مقصد تهذيب الأخلاق.
النصائح المقترحة لمحاربة إنتشار الإلحاد بين الشباب والأطفال:
- يُستحسن وجود الرقيب على أجهزة الأطفال، والأفضل عدم إعطاءهم هواتف نقالة. وإن ترك لهم جهاز آيباد أو غيره فيجب أن يكون مخصص للتعليم واللهو المباح بالألعاب المفيدة والتعليمية ولوقت محدد. ويمكن دخوله عبر حساب أو واجهة مخصصة للأطفال بها ما يتناسب معهم.
- نشر العلم الشرعي وحفظ القرآن ودروس العقيدة والتوحيد بين النشء، ولعل كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب من أفضل الكتب المبسطة والمحبذة للبداية مع النشء لسهولته وأهمية محتواه[4].
- توفير بدائل للأجهزة من اللهو المباح مثل الرياضة وألعاب النوادي وجمعيات الكشافة ونشاطات المدارس ونحوها مما ينجذب إليه الصغار ويستعيضون به عن الهواتف.
[1] أخرجه الترمذي (٢١٤٠)، وأحمد (١٣٦٩٦) باختلاف يسير، وابن ماجه (٣٨٣٤) بنحوه، وابن أبي عاصم في السنة (٢٢٥) واللفظ له، وأخرجه الألباني في تخريج كتاب السنة (٢٢٥) عن أنس بن مالك وصححه.
[2] أخرجه الترمذي (٢١٤٠)، وأحمد (١٣٦٩٦) باختلاف يسير، وابن ماجه (٣٨٣٤) بنحوه، وابن أبي عاصم في السنة (٢٢٥) واللفظ له، وأخرجه الألباني في تخريج كتاب السنة (٢٢٥) عن أنس بن مالك وصححه.
[3]سورة آل عمران، أية ٨.
- التصنيف: