تدبر - ومما رزقناهم ينفقون..
إذا تأملت في أول سورة البقرة وجدت أن من صفات عباد الله المتقين المهتدين صفة الإنفاق مما رزقهم الله, والآية فيها من عجيب كرم الله وبركاته الكثير
{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} :
إذا تأملت في أول سورة البقرة وجدت أن من صفات عباد الله المتقين المهتدين صفة الإنفاق مما رزقهم الله, والآية فيها من عجيب كرم الله وبركاته الكثير:
أولاً : أن الإنفاق يكون مما رزق الله , فما أكرم الملك سبحانه, يعطي لعباده ويتفضل عليهم ثم يجازيهم إذا هم أنفقوا القليل مما رزقهم إياه وتفضل عليهم به.
ثانياً: أن تفسيير العلماء الأثبات للآية فيها أن الإنفاق على الأهل يدخل في جملة الإنفاق الذي يثاب عليه المرء, وفي هذا مزيد إنعام وتفضل, فالله يعطيك, ثم يأجرك على نفقتك على زوجك وعيالك.
ثالثاً: ان الزكوات المفروضة سواء زكاة الفطر أو زكاة المال هي قدر يسير جداً من الرزق في مقابل الكثير من الأجر.
قال الإمام السعدي رحمه الله :
{ {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} } يدخل فيه النفقات الواجبة كالزكاة, والنفقة على الزوجات والأقارب, والمماليك ونحو ذلك. والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير. ولم يذكر المنفق عليهم, لكثرة أسبابه وتنوع أهله, ولأن النفقة من حيث هي, قربة إلى الله، وأتى بـ " من " الدالة على التبعيض, لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم, غير ضار لهم ولا مثقل, بل ينتفعون هم بإنفاقه, وينتفع به إخوانهم. وفي قوله: { { رَزَقْنَاهُمْ } } إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم, ليست حاصلة بقوتكم وملككم, وإنما هي رزق الله الذي خولكم, وأنعم به عليكم، فكما أنعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده, فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم, وواسوا إخوانكم المعدمين. وكثيرا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه, فلا إخلاص ولا إحسان.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: