هَمَسات .. في كلمات ... (14)

منذ 2022-11-11

ها قد وصلنا بفضل الله ومنته إلى الحلقة الرابعة عشر من هذه السلسة التي نسأل الله أن يجعل لها القبول، وأن تكون لبنة في سبيل الإصلاح.

الحمد لله العزيز الوهاب، الكبير المتعال، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأزكاهم، وأعبدهم وأتقاهم، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد فها قد وصلنا بفضل الله ومنته إلى الحلقة الرابعة عشر من هذه السلسة التي نسأل الله أن يجعل لها القبول، وأن تكون لبنة في سبيل الإصلاح.

من أعظم الآثام الكذب على الله ورسله، (وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى كُفْر من تعمد الكذب عليه صلى الله عليه وسلم) ومن (زعم أن النبي أوجب شيئا لم يوجبه ، أو حرم شيئا لم يحرمه ، فقد كذب على الله) وفي هذا الزمن يمكن نشر أي شيء تقريبًا وبمنتهى السهولة واليسر، فعلينا التحري قبل النشر، فأعداء الإسلام من المنافقين والكافرين وسائر أهل الأهواء والبدع يجتهدون في نشر باطلهم، فربما التبس على بعض الناس شيئا مما ينشرونه، ومن طرقهم الخبيثة أنهم يفتعلون قصة أو اكتشاف علمي وأنه وُجِد مصداقه في القرآن ثم ينشرونه فيتلقفه بعض الجهلة بحسن نية وينشره معتبرا أن ذلك من دلائل صحة الإسلام،  فالتثبت التثبت، والحمد لله فكما أن النشر سهل فالتحقق من صحة الأحاديث وما ينسب للصحابة سهل أيضا ولكن لنعلم أن (أعظم الناس إثمًا من يكذب على الله تعالى ورسله، فينسب إليهم ما لم يكن منهم) ويكفينا في ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «(إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ ، فمن كذب عليَّ مُتعمِّدًا ، فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النَّارِ)»

---------------

الاختراعات كثيرة جداً بل لا يكاد يمر يوم حتى تسجل براءات اختراع جديدة، ولكن هناك مخترعات غيرت حياة البشرية، منها الطباعة، فبعد أن كان الشخص يحتاج إلى أسابيع لنسخ كتاب واحد، وإن أراد شراءه فبثمن باهض، أصبحت المطابع تقذف بملايين النسخ وبجودة خيالية، وبذلك (أضحى الكتاب أحد أكثر السلع تداولاً بين الناس) وبذلك انتشرت المكتبات العامة والخاصة، واستبدلت وظيفة النُّساخ التي كانت رائجة بمن يجيد الطباعة بسرعة، وتطورت الطباعة وحصلت فيها قفزات وقفزات،  بعد ذلك ظهرت الكتب الإلكترونية، ثم تحويل الصوت إلى نص، وما ندري ماذا يأتي في قادم الأيام، فسبحان الله العظيم، والحمد لله على ما يسر من طلب العلم ونشره، وبذلك يصبح العمل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «(بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً)» ميسور لكل أحد حتى الطفل ما دون الروضة والشيخ الفاني، والجاهل الذي لا يحسن كتابة اسمه.

---------------

معروفة مكانة العلم وطلبه، سواء الشرعي أو الدنيوي، مع أن العلم الدنيوي يمكن أن يرفع المرء درجات عند الله إذا حَسُنتْ نيته، ولكن هناك مشكلة تطل برأسها وتسبب الحرج للمتعلم، هذه المشكلة هي تعدد وسائل التعليم، فسبحان الله من كثرة هذه الوسائل يحتار المتعلم أيها يأخذ، وبأي طريق يسلك، فإذا ما جرب واحدة قال هذه، هذه، ثم تتعرض له أخرى فيجربها ويقول هذه هذه، فالمواقع كثيرة، والتطبيقات متعددة، وقبل ذلك المنصات والأكاديميات والجامعات المفتوحة، فالبرامج العلمية لا حصر لها ولا عد، وبجميع الأنواع: المكتوب والمسموع والمرئي والتفاعلي، وبشهادات وبدونها، والحل في رأيي أنه في حالة طلب العلم الشرعي فلا أفضل من التفرغ عند العلماء والمشائخ، وهذا صعب أو متعذر على الكثير، فيستشير أهل العلم مبينا لهم حالة من عُمُر ووقت فراغ وطبيعة عمله، فهؤلاء يختلف بعضهم عن بعض، أما في حالة الوسائل الأخرى فسؤال أهل الخبرة والتجربة، لأن ما يناسب فلان قد لا يناسبك، وهنا نقطة مهمة وهي تشجيع الشباب على النهل والاغتراف من العلم والمعرفة في أمور دينهم ودنياهم، فالشاب في بداية عمره حر طليق من كثير من المسؤوليات وعنده الفراغ الكثير الذي يعد وللأسف- مشكلة عند بعضهم، فعلى المربي أن يدفع مربيه للعلم النافع فهو ميسور  ، فينظر ما هو شغف وميول ابنه أو ابنته فيوجه إلى منابع العلم التي تروي ظمأه وتشفي غليله، ولو أن أهل الخير والدول من ورائهم جعلوا التعليم بمال فمثلا من اجتاز دورة كذا فله من المال كذا، لكان ذلك خيرا عميمًا، ولننظر مثلا إلى الأموال التي تنفق على الرياضة ماذا لو ذهب عُشرُها في خدمة طلاب العلم النافع بنوعيه الشرعي والدنيوي لكانت النتائج باهرة، واستبدل الشباب التافه والمضر بالنافع لهم ولأمتهم.

---------------

أمرنا الله بالتفكر في آياته، وآيات الله منها ما هو مسطور (القرآن)، والآخر منظور، وهو كل ما خلق الله بما فيه أنت {(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)} ، والتفكر عبادة جليلة قال تعالى: {( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)} ، وأثنى على المتفكِّرين بقوله: {(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)} ونِعَمُ الله تعالى ترافقك في كل مكان، وتحيط بك من كل جهة،  والتفكر في آيات الله يزيد في قلب المؤمن عظمة الله ومحبته وجلالته ويزرع الحياء منه سبحانه، وما أكثر الإشارة في القرآن إلى عددا من آيات الله كالسماوات والأرض والشمس والقمر والليل والنهار، وغيرها كثير من المخلوقات العظيمة التي تدل بدورها على عظمة فاطرها وخالقها سبحانه، والتفكر عبادة وهي ميسورة على من يسرها الله عليه، فهي لا تحتاج إنفاق مال ولا بذل جهد بدني بل لا تحتاج حتى إلى حركة اللسان، فإذا كان القلب حيًّا، فلا يمر به شيء إلا وله فيه عبرة وفكْر.

---------------

الناظر في حال المسلمين يجد كثير منهم مهتم بسماع القرآن، خصوصاً أثناء قيادة السيارة والمواصلات والبيوت خصوصاً النساء، وهذا جميل وثوابه جزيل، لكن قلَّ أن تجد حتى من طلبة العلم من يستمع للسنة، نعم الاستماع للسنة علْم عظيم، والسنة مبيِّنة للقرآن والعمل به، وفيها التطبيق العملي لكتاب الله، كما أن فيها سيرة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بالاقتداء به {(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)} ، فعلينا أن نضيف إلى الاستماع إلى القرآن الاستماع للسنة وللتفسير وهناك تفاسير متوفرة صوتيا ومجانا كتفسير السعدي والمختصر في تفسير القرآن الكريم، وأيضا نستمع لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن الكتب الصوتية الرائعة في ظلال السيرة، بالإضافة إلى الاستماع إلى دواوين السنة بدءً بالأربعين النووية ورياض لصالحين وعمدة الأحكام واللؤلؤ والمرجان في اتفق عليه الشيخان وغيرها كثير، فلماذا نحرم أنفسنا من كلام خرج من أطيب فم، وأفصح لسان، بأعذب بيان، والاستماع للكتب الصوتية انتشر عند الناس، لكن غالب ما يسمعون الروايات، وكتب تنمية الذات المترجمة، حيث من ألفها لا يهمه إلا الدلالة على الدنيا وملذاتها ولا مكان فيها للمستقبل الأبدي بعد الموت، وللحصول على الكثير من الكتب النافعة بصورة مجانية فعليه بـ مشروع الكتاب الناطق على شبكة الألوكة، ففيه الكثير من الكتب في مجالات مختلفة.

وإلى اللقاء في همسات أخريات، بإذن رب الأرض والسماوات

 

  • 2
  • 0
  • 788

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً