دع الاعتراض فما الأمر لك !

منذ 2023-02-09

الناسُ في غَفَلاتِهِم ...............وَرَحى المَنِيَّةِ تَطحَنُ ما دونَ دائِرَةِ الرَدى ................حِصنٌ لِمَن يَتَحَصَّنُ

قال أبو العتاهية :

الناسُ في غَفَلاتِهِم ...............وَرَحى المَنِيَّةِ تَطحَنُ

ما دونَ دائِرَةِ الرَدى ................حِصنٌ لِمَن يَتَحَصَّنُ

نعم والله : ما من الموت مفر ولا من ورود حياضه ملجأ ، ولا تنفع معه شفاعة ولا تنجي منه الحصون المشيدة {( أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ )}

وإنما نحن جنائز مؤجلة ، يودع هذا ذاك والباقون على الأثر ، ولو عقلنا لعلمنا أنه كفى بالموت واعظا ، وللدنيا ولذاتها منغصا ، وعلى حقارتها وسرعة انقضائها شاهدا .

وليس انقضاء الأجل موقوفا على سبب بعينه ، كما أن الموت ليس علة واحدة لا تتغير ، أو سن معلوم لا يتقدم ولا يتأخر ، وإنما هي أيام معدودة وآجال مضروبة ، وقضاء حق لابد لكل نفس أن تذوقه .

 { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ

( دع الاعتراض فما الأمر لك ! )

حكى ابن كثير وابن رجب الحنبلي عن شيخ اسمه عفيف الدين يوسف بن البقال - وكان صالحا ورعا زاهدا - أنه قال:

كنت بمصر فبلغني ما وقع من القتل الذريع ببغداد في فتنة التتار، فأنكرت في قلبي وقلت: يا رب، كيف هذا وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟

فرأيت في المنام رجلا وفي يده كتاب، فأخذته فقرأته، فإذا فيه هذه الأبيات، فيها الإنكار علي:

دع الاعتراض فما الأمر لك ... ولا الحكم في حركات الفلك

ولا تسأل الله عن فعله ... فمن خاض لجة بحر هلك

إليه تصير أمور العباد ... دع الاعتراض فما أجهلك .

البداية والنهاية 17 / 480 ، وذيل طبقات الحنابلة 4 / 103 .

 

 

أحمد قوشتي عبد الرحيم

دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة

  • 5
  • 2
  • 7,308

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً