ألم تيأسوا بعد من إصلاحات بشار ؟!

منذ 2011-09-19

يصِمُ المعارضون السوريون النظام بأنه لم يعِ الدرس من الثورات السابقة، لكن لا أدري هل وعى المنادون بالإصلاحات منهم الدرس؟


يصِمُ المعارضون السوريون النظام بأنه لم يعِ الدرس من الثورات السابقة، لكن لا أدري هل وعى المنادون بالإصلاحات منهم الدرس؟

الرئيس التونسي خرج على شعبه بلغة ذليلة لم تسمع منه قبل قط، يقول لهم: لقد فهمتكم ! فهل أعطوه فرصة للإصلاحات أم اضطروه للفرار؟

فكيف يعطي الثوار السوريون الفرصة "لبشار" للإصلاح وهو "لم يفهمهم بعد"، بل لا يزال يخاطبهم بعنجهية وسفه واستهتار، ويصر على روايته السمجة بوجود تآمر خارجي ومندسين ومسلحين وعصابات، وأن الشعب لا يزال يحبه ولا يرضى عنه بديلاً، بل يراهم ليسوا أهلا للديمقراطية بعد؟

كيف يقدم الإصلاح من لم يعترف ابتداء أن هناك مشكلة وأزمة؟ كيف؟ أين ذهبت عقولكم يا دعاة الإصلاحات؟

أما الرئيس المصري فقد خرج على شعبه ووعدهم ألا يترشح للرئاسة فترة أخرى، وألا يرشح ابنه، وعين نائبا للرئيس وفوض إليه الصلاحيات، ورجا الشعب أن يصبروا عليه بضعة أشهر إلى أن تنتهي رئاسته، وكان في كل خطاب أكثر تنازلاً من سابقه.

ومع ذلك- ومع ما يقال عن طيبة الشعب المصري وعاطفته - لم يعط رئيسه الفرصة للإصلاحات، فتخلى عن منصبه مذموماً مدحوراً.

فكيف يتوقع من الشعب السوري أن يعطي الفرصة "لبشار" ليبقى في منصبه ثلاث سنوات أخرى، بينما لم تبدر منه أي مبادرة للإصلاح لا بتصحيح الدستور، ولا بإلغاء تسلط حزب البعث، ولا بتحديد نفوذ الجهات الأمنية وعدوانيتها، ولا بأي شيء ذي قيمة، اللهم إلا إذا عددنا الوعود بالإصلاح إصلاحاً !

لقد ولغ "بشار" في دماء السوريين وذبح أبناءهم، وهدم منازلهم، وشردهم في الآفاق، وانتهك حرمة مساجدهم، ما لم يفعله أحد قبله. بل جعل الحديث عن الإصلاحات مدعاة للسخرية، فبينما يستقبل وفود "الإصلاحيين" في قصره، يكون القتل على أشده في الشارع، وما يعلن عن مشروع إصلاحي إلا وأعقبته مجزرة في اليوم الذي يليه مباشرة. فهل هذا فعل من يريد الإصلاح؟

من ازدادت همجيته ووحشيته في شهر رمضان فقتل فيه المئات وشرد الآلاف هل يرجى منه إصلاح؟

من هنأ شعبه بالعيد بالمزيد من دماء الشهداء هل يرجى منه إصلاح؟

إن المآسي التي أصابت الشعب السوري جعلت ثورات الشعوب الأخرى تبدو وكأنها نزهة! ثم يراد من هذا الشعب الأشم الأبي أن يقبل بما لم تقبله الشعوب الأخرى ! عجبي!!

لكل هذا نقول أن من يدعو النظام إلى الإصلاح إنما يعطيه المزيد من الوقت لإزهاق الأرواح وإهلاك الحرث والنسل.

لقد أحرق الأحرار السوريون – في الداخل والخارج – السفن، والرضا بأي شيء الآن دون إسقاط النظام يعني الغرق والانتحار.

لقد أذاق هذا النظام شعبه الويلات على مدى عقود، وهو لم ير منهم ما يسوؤه، فكيف سيفعل الآن وقد استخف به الشعب، وتمرد عليه، ووصفه - بما يستحقه - من الأوصاف الخسيسة ؟

كيف سيأمن الشعب بعد الآن لو استقر الأمر لهذا النظام، مهما رقع من ثوبه البالي بالإصلاحات المزعومة؟

مخطئ من ظن يوما

أن للثعلب دينا

لئن كان الأمر للنظام هو حياة أو موت، فإنه للشعب حرية أو مذلة، و "الموت (للنظام) ولا المذلة (للشعب)".



د. معن عبد القادر وآخرون

(من عادتي أن أرسل مسودة المقال إلى بعض المقربين ممن أثق برأيهم للنقد والتصويب والإثراء، ثم أضمن ما استفدته منهم في المقال، وربما أعدت صياغته. فليس من العدل أن أنسب المقال إلى نفسي، ولولا الغرابة عن المألوف لسردت أسماءهم جميعا ليعلمهم الناس، لكن الله يعلمهم، فجزاهم الله خيرا).



 

المصدر: مجلة البيان
  • 2
  • 1
  • 1,433

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً