﴿وجعل الليل سكنا﴾
قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}.
الليل والنهار هما الطرف الزماني لهذا الكون وقسيمه المكان، وهما (الزمان والمكان) ظرف الحياة.
وقد تختلف مفاهيم أهل العقل والنظر في حقيقة (الزمان) هل هو: (الوقت قليله وكثيره) كما هو عند اللغويين، أو هو (حركة الفلك الأطلـس) كما هو عند الفلاسفة، أو هو (عبارة عن متجدد معلوم يقدر به متجدد آخر موهوم) كما يقوله المتكلمون.
أو أنه (وسط لا نهائي غير محدود شبيه بالمكان) كما يقوله بعض أصحاب الفلسفة الحديثة.
أقول: قد لا يكون ثمة كبير فائدة من هذا الخلاف فالوجود كله داخل تحت ظرف الزمان بماضيه وحاضره ومستقبله الذي جعله الخالق سبحانه آية من آياته الكونية {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12].
وهو مع ذلك من جملة المسخرات للإنسان {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [إبراهيم: 33].
ومن هنا جاء التسخير الإلهي بتقسيم الزمان إلى ليل ونهار أو ظلمة ونور مما ليس للمخلوق فيه أي تدبير أو تقدير.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص: 71- 72].
وفي هذا من الحكم ما لا يخفى على ذي بصيرة، يقول ابن قيم الجوزية - رحمه الله (... فانظر إلى هاتين الآيتين (آية الليل والنهار) وما تضمنتاه من العبر والدلالات على ربوبية الله وحكمته كيف جعل الليل سكنًا ولباسًا يغشى العالم فتسكن فيه الحركات وتأوي الحيوانات إلى بيوتها والطير إلى أوكارها وتستجم فيه النفوس وتستريح من كد السعي والتعب حتى إذا أخذت منه النفوس راحتها وسباتها وتطلعت إلى معايشها وتصرفها جاء فالق الإصباح سبحانه وتعالى بالنهار يقدم جيشه بشير الصباح فهزم تلك الظلمة ومزقها كل ممزق وكشفها عن العالم فإذا هم مبصرون فانتشر الحيوان وتصرف في معاشه ومصالحه وخرجت الطيور من أوكارها فيا له من معاد ونشأة دال على قدرة الله سبحانه على المعاد الأكبر) [مفتاح دار السعادة 1/203].
ثم إن الخالق المنعم سبحانه حينما جعل الزمان قسمين متقابلين (نهارًا وليلًا، أو نورًا وظلامًا) فإنه قد أتم نعمته على عباده وهيأ لهم أسباب الحياة الطبيعية المتفقة مع طبيعتهم الإنسانية وفطرتهم القائمة على الحركة والسكون، والعمل والقرار، والتعب والراحة، فجعل لكل من الليل والنهار وظيفته المناسبة لطبيعته وطبيعة الإنسان.
قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} [الفرقان: 47]، {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 10- 11].
{فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [الأنعام: 96].
ووفقًا لإرشادات هذه الآية الكريمة، تبرز وظائف كل من الليل والنهار فيما يأتي:
أولًا: وظيفة النهار: أنه نشور، ومعاش:
1- أما النشور: فهو الانتشار وابتغاء الرزق، وانتشار الناس: تصرفهم في الحاجات (ينظر: المفردات في غريب القرآن للأصفهاني في صـ493).
2- وأما المعاش: فهو ظرف زمان أي وقتًا ومتصرفًا لطلب المعاش، وهو كل ما يعاش به من مطعوم ومشروب وملبوس.. إلخ، ويجوز أن يكون المعاش مصدرًا بمعنى العيش. [ينظر تفسير القرطبي 19/172].
ثانيًا: وظيفة الليل: إنه لباس، وسكن:
1- أما أنه لباس، فلأنه يستر المخلوقات بظلمته أي أنه كالغشاء يتغشاكم سواده وتغطيكم ظلمته كما يغطى الثوب لابسه. [ينظر تفسير الطبري سورة النبأ].
2- وأما إنه سكن فلأنه يسكن فيه كل متحرك بالنهار ويهدأ فيه فيستقر في مسكنه ومأواه، كما يقول الطبري، أو لأنه تسكن فيه النفس ويطمئن إليه القلب كما يقول ابن عاشور.
نعم تلك وظائف كل من الليل والنهار، والأصل في المخلوقات الحية أنها تستجيب اختيارًا أو اضطرارًا لتلك الوظائف، فتلحظ في النهار حركة دائبة ونشاطًا مكثفًا لا يفتر، فإذا جاءت الليل هدأت الحركة وسكنت وأوى كل حي إلى مستقره الأصلي.
المجتمعات وتقلبات الحياة:
كانت أنماط الحياة في المجتمع الخليجي قبل ثلاثين سنة تبرز ككثير من المجتمعات بصورة طبيعية وعفوية لا تكلف فيها ولا تعقيد، بل جارية وفق سنن الفطرة، ووفق مقتضى الحياة ومتطلباتها، وساء في وسائل العمل أو أساليبه، أو مواقيته.
ولذلك كانت النفوس هادئة مطمئنة، بل كانت مطبوعة بالبراءة الأصلية، هذا في الأعم الأغلب، وحينما طرأ التحول الحضاري الحاد في حياتنا، أو ما سمي بالطفرة ممثلة بالوفر الاقتصادي، والتقدم العلمي والإعلامي ووسائل الاتصال، قلبت موازين أمم ومجتمعات كثيرة وعلى الأخص مجتمعنا السعودي، الذي تفتحت عيونه فجأة على دنيا جديدة أخاذة، ومدنية هائلة، وحضارة غريبة متموجة.
فدخل المجتمع في هذه الدنيا وهذه الحضارة من أوسع الأبواب، ولكن لم يدخلها في حالة من الوعي التام والإدراك الصحيح لحقيقتها، بل دخل في حالة من الذهول لم تمكنه من التفكير، وذلك عن طريق جحر الضب، فكانت النتيجة كما قال الأول: فصادف قلبًا خاليًا فتمكنا.
الزمن في حسابنا:
إذا كان المجتمع السعودي قد اكتسب من الطفرة مكاسب إيجابية جيدة تستحق شكر رب الأرباب - جل وعز - فإنه جنى في مقابل ذلك آثارًا سلبية أكيدة.
ولعل الزمن من أبرز عناصر الحياة الذي أسيء استعماله من جراء الطفرة، بدءً باسترخاصه والزهد فيه، ثم عدم الاهتمام بضبط حسابه، وأخيرًا عدم الندم على فواته.
ومن مظاهر ذلك تداخل الليل والنهار واندماج الأعمال فيهما، دون اعتبار لخصائص كل منهما الكونية، بل ربما تجد مبادلة شبه كالملة بينهما لدي شرائح من المجتمع غير قليلة، بحيث يكون نهارهم ليلًا، وليلهم نهارًا، ولا سيما في شهر رمضان.
وتبرز معالم هذا النمط السلوكي في الآتي:
1- سهر الليل كله، ونوم أكثر النهار.
2- تحويل الليل إلى ضوضاء، وصخب سواء في المنازل، أو في الشوارع، أو في الأسواق.
3- فتح المحلات التجارية إلى وقت متأخر من الليل.
4- تنظيم الاجتماعيات العائلية، والمناسبات الاجتماعية الأخرى في أوقات الليل، إن في المنازل أو في الاستراحات أو في البر، ناهيك عن التجمعات الشبابية (الشللية) في القهاوي أو الاستراحات أو غيرهما.
أسباب هذه الأنماط:
لا شك أن هذه الأنماط السلوكية بتلك الصورة ليست أمرًا عاديًا، ولكنها سلوك معقد يرجع إلى عوامل كثيرة، من أهمها في نظري:
1- وجود الفراغ أو البطالة لدي الكثير من أولئك وبخاصة الشباب، بحيث لا يهمهم وافقوا حركة الزمن والمجتمعات أم خالفوها، لأنهم خارج دولاب الحياة في ظنهم.
2- رخص الوقت والعمل عند أصحاب هذا السلوك، حتى بما وصل الحال ببعضهم أن يتحول الواجب كالصلاة مثلًا إلى مندوب، أو إلى مباح، وربما يعود إلى قاموس نفسه وعليه بالحذف والتصرف في قائمة الواجبات، فلا يبقى من قائمة الواجبات إلا ما وافق مزاجه وهواه.
3- والحياة كلها رخيصة في نظر أولئك فلا غاية لها ولا هدف، ولا بداية لها ولا نهاية، الأمر الذي يجعل أمثال أولئك يستخفون بها ولا يعيرونها أدنى أهمية.
سلبيات هذه الأنماط:
إن سلوكًا يسير بهذه النمطية الموصوفة لابد أن تكون له سلبياته الكثيرة دون شك، ولا بأس أن نشير إلى بعضها في جوانبها النفسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية.
أولًا: الجوانب النفسية والاجتماعية:
1- القلق النفسي لدي الفرد، بسبب حياته الفوضوية، وضياع وقته دون جدوى، وتفكيره السطحي، وربما ظهرت آثار هذا القلق في صورة أمراض مزمنة، قد تؤدي بصاحبها إلى الهلاك أو إلى الانتحار، والإحصائيات الرسمية في هذه البلاد تشير إلى ارتفاع نسبة الانتحار سنويًا، فقد كانت حالات الانتحار قبل عشرين عامًا نادرة جدًا قد تعد على أصابع اليد الواحدة في السنة الواحدة أما الآن فإنها تبلغ خمسمائة حالة في كل سنة، وهذا مؤشر خطير.
2- اضطراب الحياة الأسرية وتفكك عناصرها ويتمثل ذلك في عدة صور:
أ- اختلال نظام الأسرة في الحركة والسكون، والنوم واليقظة، والأكل والشرب، وتكوين العلاقات، وما إلى ذلك، فبدلًا من اجتماع الأسرة وتآلفها وتناغم أهدافها وتقارب اهتماماتها تتجاذبها عوامل ومصالح متضادة قد تنتهي بها إلى الشتات.
ب- وتبعًا لذلك تنشب بينهم الصراعات والمنازعات لأدنى سبب، نظرًا لاختلاف المشارب والأغراض وتعارضها، فهذا يريد السمر أمام شاشات الفضائيات حتى الفجر، وذاك يريد السمر مع شلته ومصاحبتهم أينما كانوا، وآخر يقضي إجازته في أماكن اللهو والمجون، وشيوخ وأطفال في البيوت رهائن لا حول لهم ولا طول. وهكذا..
ثانيًا: الجوانب الدينية:
هل تلك الأنماط السلوكية تأثير سلبي على الدين؟
إن الجواب واضح، نعم لها تأثير وأي تأثير!
فالفرد أو الأسرة أو المجتمع حينما ينفرط عقد نظام الحياة عنده فإن ذلك ينعكس وبتلقائية على أعمال القلب والجوارح فالقلب يضيق من تحمل المبادئ والمثل والقيم الإسلامية المتمثلة بالإيمان، فيحل محلها مبادئ اللامبالاة واللاأدرية أو الخواء الروحي.
وأما الجوارح فلا تجترح إلا ما تجني منافعه الآنية وإن تفهت أو قلت، دون مراعاة لمستقبل، أو لمصلحة عامة، ولا تستطيع تحمل المتطلبات الشرعية، كالصلوات وصلة الرحم وبر الوالدين وحقوق الزوجة والأولاد... إلخ.
ولعلك تدرك أيها العاقل أن من أبرز المعالم اللادينية وأسوئها عند أمثال أولئك غياب قاموس الحلال والحرام، الأمر الذي يوقعه في الموبقات من حيث يدري أو لا يدري.
ثالثًا: الجوانب الاقتصادية:
لست متخصصًا في الاقتصاد ولكنني أدرك مثل غيري بعض آثار تلك الأنماط السلوكية على اقتصاد الأفراد واقتصاد الأسرة والمجتمع والدولة.
وإن تكاد لتكون أوضح من غيرها، وبحسبك أن تنظر في واقع أسرة من الأسر التي تعيش الفوضى في حياتها، والأنانية بين أفرادها بلا تنسيق بينهم، ولا مفاهمة، ولا تعاون، بل لكل منهم برنامجه الخاص، في الأكل والشرب واللبس والنوم، والدخول والخروج، والعلاقات، وقد يتناوبون هذه الأعمال ويتداولونها بينهم حتى لا تكاد تخلو ساعة من نهار أو ليل من وجود نائم أو مستيقظ، وعامل وعاطل، وحاضر وغائب وهكذا.
وأعتقد أن مظهرًا كهذا كاف في الدلالة على فوضى اقتصاد الأسرة وضحالة مواردها وأنها أسرة عاطلة لا عاملة ومستهلكة لا منتجة، وأن حاجتها فوق مواردها.
تحديد المشكلة:
لعل العرض السابق بما يحمل من اختصار أحيانًا وإسهاب أحيانًا أخرى قد حدد لنا معالم المشكلة التي نعرضها، إنها بعبارة موجزة: (إلغاء خصائص كل من الليل والنهار لدي كثير من شرائح المجتمع وعدم التمييز بين وظائف كل، ومن ثم خلط أعمال كل منهما بالآخر).
وأظن أن ذلك مشكلة وأي مشكلة!! وقد بانت في الأسطر الماضية معالمها فما الموقف تجاهها؟
اقتراحات وحلول:
الذي أراه أنها مشكلة معقدة تحتاج إلى علاج حاسم، وبرغم أن الناس ألفوا فوضى الحياة، لكنني أعتقد أن العلاج غير صعب ولا متعذر، إذا ما توافرت الجدية في العلاج، وقد تتعدد أساليب العلاج أو تختلف من شخص إلى آخر إذا كانت المعالجة للأفراد، أما إذا أردنا علاجًا جماعيًا حاسمًا، وهذا هو الأنجع والأخصر فهذا يمكن اختصاره بأن تتدخل الدولة بإصدار قرارات حازمة تتضمن ما يأتي:
1- التبكير ببدء الدوام الرسمي في الدولة، بحيث يبدأ بطلوع الشمس صيفًا وشتاء، سواء في ذلك المدارس أو الدوائر الحكومية مما يدعو الناس إلى النوم المبكر ثم القيام المبكر، والتبكير ليس ببدع، فالقطاع الخاص بشركاته ومؤسساته يطبقه في هذه البلاد وفي كثير من بلدان العالم، وإذا كانت الطيور وكل الحيوانات السائمة (السائبة) تغدو مبكرة وهي خماص، ثم تروح بطانًا، فإن الإنسان أولى بهذا السلوك من الحيوان.
وديننا الإسلامي يحث على التكبير ويدعو إليه، ففي الحديث عن صخر بن وداعة الغامدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «اللهم بارك لأمتي في بكورها»، وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم من أول النهار، وكان صخر تاجرًا فكان يبعث تجارته أو النهار فأثرى وكثر ماله) (رواه الترمذي وأبو داود وجود إسناده الألباني) .
يقول ملا علي قاري في شرحه للحديث: وهو يشمل طلب العلم والكسب والسفر وغيرها (مرقاة المفاتيح 7/332).
نعم.. إن دواعي التبكير إلى العمل من أول النهار متوافرة متضافرة، ويأتي في مقدمة ذلك الاستعداد النفسي والبدني لدي الإنسان، فإن بركة كل شيء في أوله، أما ذلك الإنسان الذي يقضي أول نهاره بالنوم فإنه يقوم متثاقلًا، ويأتي إلى عمله متجهمًا، ويؤديه بصعوبة.
2- وضع حد أقصى لزمن فتح الأسواق التجارية لا يتجاوز الساعة التاسعة مساء من كل يوم، حتى في أيام العطل والإجازات، إلا ما تدعو الحاجة إليه كالصيدليات لما في ذلك من المصالح العامة، كمثل:
أ- استقرار الناس: وبخاصة النساء، في بيوتهم ليلًا، وعدم الخروج إلا لحاجة، ومن المعروف المشاهد أن كثيرًا من مرتادي الأسواق لا هدف لهم إلا مجرد التجول وحب الاستطلاع.
ب- تعويد الناس على النظام العام الذي يضبط حركة المجتمع ويحافظ عليها من الاضطراب والتفلت.
جـ- الاحتياط في المحافظة على الأخلاق، لأن خروج المرأة في الليل إلى السوق وحدها أو مع صديقاتها أو مع السائق فيه تعريض للخطر بل إن وجود النساء في الأسواق قد يجر ذوي القلوب الضعيفة من الرجال إلى تتبع العورات ومغازلة النساء، وقل مثل ذلك في حق الصبيان المراهقين.
د- الاحتياط في أمن البلاد، فالأمن إنما يتحقق بالتزام النظام، أما الفوضى والتسيب فمدعاة إلى الخلل الأمني دون شك.
وإذا كان من أحد يظن بأن إغلاق الأسواق من بعد صلاة العشاء يخالف عادات الأمم، فإن الحقيقة هي عكس ذلك، فإن معظم دول العالم - حتى دول الغرب - تفرض نظامًا صارمًا لمواعيد الافتتاح والإغلاق، وقلما تجد دولة تطلق العنان للتجار والمتسوقين.
3- وضع حد أقصى لزمن فتح المقاهي التي يرتادها الشباب ويتجمعون فيها، بحيث لا يتجاوز الساعة الحادية عشرة ليلًا.
أما تركها عاملة إلى آخر الليل ففي ذلك مفاسد محققة ولا سيما أن أكثر من يرتادها هم ما بين سن العشرين إلى الثلاثين، من غير المتزوجين أي أنهم في عنفوان الشباب، وتجمعهم في النصف الثاني من الليل يخلق لهم مشكلات لا حصر لها، يعود ضررها عليهم أنفسهم وعلى أسرهم وعلى مجتمعهم ووطنهم.
4- إجراء المباريات الرياضية في أوقات النهار، مثلما كان العمل في السابق.
أما وضعها في الليل بحيث لا تنتهي إلا في حدود الساعة الحادية عشرة، ففي ذلك محاذير كثيرة يدركها رجال الأمن، ورجال المرور وأمثالهم، وواقع الحال يعبر عن نفسه، فما الذي يجري بعد انتهاء المباريات، وبعد تحقيق الفوز لأحد النوادي؟
ألسنا نرى التجمهر الطائش، وإعاقة حركة السير في أكثر الطرق الرئيسية في كل مدينة، وصدور تصرفات غير مسؤولة من بعض المشجعين؟ بل نرى ذلك، وما يخفى قد يكون أدهى، وكنا سمعنا وقرأنا تصريحات المسؤولين في الدولة عن اتخاذ تدابير حازمة لمنع مثل تلك التصرفات وهذا عمل مشكور نتمنى أن تظهر آثاره.
ولكني أرى من أجل إعانة الناس على تنظيم حياتهم أن تكون المباريات نهارًا لتسهل السيطرة عليها أما الليل وظلمته فهو وقت حركة الهوام والسباع ومن يشبهها في الطباع والأطماع من بني آدم.
وبعد... فإنني أزعم بأن اتخاذ قرارات تدعو إلى الالتزام بتلك الأمور وهي:
أ- التبكير في الدوام الرسمي.
ب- إغلاق الأسواق التجارية في الساعة التاسعة مساء.
ج- إغلاق المقاهي قبل منتصف الليل.
د- إجراء المباريات الرياضية نهارًا.
أقول: إن اتخاذ القرارات بهذه الشؤون سيعيد الناس إلى سيرتهم الأولى في نظام حياتهم وسيعود أثر ذلك إيجابًا على المجتمع والدولة في أمنهم واستقرارهم وفي عملهم واقتصادهم، وعندها ندرك حكمة الخبير بقوله: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} [الأنعام: 96].
والله ولي التوفيق،،
___________________________________________________
الكاتب: أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي
- التصنيف: