الإسلام دين التفاؤل والأمل

منذ 2023-11-16

إن الإسلام هو دين التفاؤل، هو دين الظن الحسن بالله سبحانه وتعالى، دين الطموح، دين الأمل، دين الفرح ، دين الرضا ، دينٌ من أكرمه الله به انتظر الخير وتوقع الخير من رب الخير سبحانه وتعالى


أما بعد فيقول رب العالمين سبحانه وتعالى { ﴿ وَٱلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾  ﴿ يُضَٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِۦ مُهَانًا ﴾ ﴿ إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَٰلِحًا فَأُو۟لَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمْ حَسَنَٰتٍ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾}

 أيها الاخوة الكرام: إن الإسلام هو دين التفاؤل، هو دين الظن الحسن بالله سبحانه وتعالى، دين الطموح، دين الأمل، دين الفرح ، دين الرضا ، دينٌ من أكرمه الله به انتظر الخير وتوقع الخير من رب الخير سبحانه وتعالى ..

مهما تكاثرت البلايا ، مهما تزاحمت النوازل ،مهما تتابعت العقبات ، المؤمن لا يسمح لنوائب الدهر أن تأخذه إلى اليأس ، ليس في القرآن الكريم آية واحدة تشتم منها رائحة اليأس من روح الله ،أو تجد منها رائحة القنوط من رحمة الله ، مهما كانت العراقيل والمعوقات ، لن تجد في القرآن الكريم آية واحدة تفهم منها أنها دعوة إلى الإحباط أو التشاؤم ...

في حين تجد قول يعقوب عليه السلام لبنيه {﴿ يَٰبَنِىَّ ٱذْهَبُوا۟ فَتَحَسَّسُوا۟ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَا۟يْـَٔسُوا۟ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ لَا يَا۟يْـَٔسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْكَٰفِرُونَ ﴾}
وفي نفس السياق يأتيك قول إبراهيم عليه السلام {﴿ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ ﴾}

(ولرُبٌ نازلةٍ يضيق بها الفتــــــى ذرعاً وعند الله منها المخرجُ ) .. (ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرجت وكان يظنها لا تُفــــرجُ)

الإسلام يربي الناس على الأمل في الله سبحانه وتعالى { ﴿ قُلْ يَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُوا۟ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا۟ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾}

التفاؤل : هو ثمرة الإيمان : التفاؤل هو نتيجة الإيمان بأن الله عز وجل بيده مقاليد كل شيء ، وأن كل صغير أو كبير وقع أو سوف يقع في هذه الدنيا إنما أراده الله سبحانه وتعالى ،  وقدّره تقديراً، وسمح به ، وكل شيء أراده الله وسمح به إن لم يكن وقع فسوف يقع ، وإرادة الله تعالى تتعلق بالحكمة البالغة لله رب العالمين ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق ، لا يوجد بالكون شر مطلق أبداً ، هناك شر موظف للخير ، شر يتبعه خير ، وأمل يولد من رحم ألم ، ومنحة تولد من رحم محن .. 
قال تعالى : {﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾}

القرآن الكريم:  دعا في عموم الآيات البينات إلى التفاؤل ، إلى الاستبشار، دعا القرآن الكريم إلى التعلق بالأمل مهما كانت الأحوال سيئة ...

قال الله تعالى { ﴿ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ } وقال { ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ } وقال { ﴿ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ ﴾}

ما بعث الله نبيا إلا وبعثه للناس مبشرا قال الله تعالى   {﴿ كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ ﴾}

وما أرسل الله رسولا إلا أرسله للناس مبشرا قال {﴿ وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ﴾}

وقالت الملائكة لمريم عليه السلام {﴿يَٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ ﴾}  

وقالت الملائكة لزكريا عليه السلام {﴿ إِنَّا نُبَشِّرُكَ﴾  } وقال الله تعالى في شأن إبراهيم عليه السلام {  ﴿ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٍ ﴾} وفي موضع ثان قال {﴿ فَبَشَّرْنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٍ ﴾} وفي موضع آخر قال { ﴿ وَبَشَّرْنَٰهُ بِإِسْحَٰقَ نَبِيًّا مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾}  

الإسلام دين التفاؤل، الإسلام دين الظن الحسن بالله رب العالمين ، الإسلام دين الطموح، دين الأمل ، دين البشر ، دين توقع الخير من الله سبحانه وتعالى ، دين ينادي في آذان العالمين أن الأمور كلها بيد الله وحده ، ولا أحد يبدل ولا أحد يغير إلا الله ، رفعت الأقلام وجفت الصحف على ذلك ..

وكم أمرٍ تُساء به صباحًا، وتأتيك المسرة بالعشيِّ .. إذا ضاقت بك الأحوالُ يومًا فثقْ بالواحدِ الفردٍ العليِّ

قال النبي عليه الصلاة والسلام «( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل )»

أيها الإخوة الكرام : من حياة النبي عليه الصلاة والسلام نضرب المثل في البشر والتفاؤل وحضور الأمل:

النبي صلى الله عليه وسلم مرّ في دعوته بظروف عصيبة قاسية ، ورغما عن ذلك لم يغب التفاؤل عنه صلى الله عليه وسلم طرفة عين  .
 
نظروا فرأوه ساجدا عند الكعبة فقال شقي من ذا الذي يأتي بسلا جزور بني فلان فيجعله على ظهر محمد وهو ساجد ؟ فقال عدو الله عقبة بن أبي معيط أنا آتيكم به فذهب فجاء بسلا الجزور فجعله على ظهر النبي عليه الصلاة والسلام فجاءت فاطمة بنت رسول الله تزيح النجاسة عن ظهر النبي عليه الصلاة والسلام وهى تبكي وهو يبشرها ويقول يا بنية لا تحزني لا تجزعي إن الله مانع أباك إن الله ناصر إن شاء الله ..

وفي حادث الهجرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان ملاحق ، وضعت مائة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، وتبعه سراقة بن مالك ، طمع سراقة بمائة ناقة ، أراد أن يقتل محمدًا صلى الله وسلم على نبينا محمد ، أراد سراقة أن يقتله ليأخذ هذه المكافأة الكبيرة ، تعثرت به الفرس ، فنادى رسول الله ونادى أبابكر وكان بينهما كلام ، في نهاية اللقاء قال ذلك الملاحق المطارد في ذلك الوقت : قال النبي عليه الصلاة والسلام يا سراق كيف بك إن لبست سواري كسرى ؟!

إنسان ملاحق مائة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً ، ورغم ذلك يقول لمن أدركه في الطريق : يا سراقة كيف بك إن لبست سواري كسرى ؟ 
المعنى : أنني على يقين أنني سأصل المدينة سالماً ، وسأنشئ بالمدينة دولة ، وسأعد جيشاً ، وسأحارب أكبر دولتين في العالم ، وسأنتصر عليهما بإذن الله، وسوف تأتيني غنائم كسرى ملك الفرس إلى المدينة ، ولك يا سراقة سوار كسرى ..
وهذا وقع في عهد سيدنا عمر ، جاءت الغنائم من بلاد الفرس، وقف صحابيان جليلان كل صحابي في جهة ورفع كل منهما رمحه أقصى ما يستطيع ، فلم ير الأول رمح الثاني ، خير واسع ، وأموال كثيرة ، وغنائم كبيرة ، فقال عمر رضى الله عنه : إن الذي أدى هذا كله لأمين ، فقال له علي رضى الله عنه : أعجبت من أمانتهم يا أمير المؤمنين ؟!
( لقد عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا) . والمعنى أن الرأس إن استقام استقام كل من تحته ( لقد عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا )

التفاؤل : أن  ترى أن يد الله تعالى هى اليد الوحيدة العاملة في هذا العالم ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له في تدبير شؤون عباده ، الأمر  كله بيد الحكيم سبحانه وتعالى ..

هب أخي : أن وحوشاً كاسرة ، وحوشا جائعة وحوشا مسعورة مفترسة .. لكنها مربوطة ومقيدة بسلاسل وأغلال  والسلاسل والأغلال موضوعة بيد مالك لها حكيم عليم قادر عادل ترى مع من تكون علاقتي مع الوحوش أم مع الحكيم العليم العادل القادر الذي يملكها  ؟
طبعا علاقتي مع من يملكها لذلك سيدنا هود عليه السلام : {﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾}

ليس هناك حركة في هذا العالم إلا بمشيئة الله :
أُخذ يوسف عليه السلام من أبيه ب(الحيلة) ثم جرد من ملابسه وألقى في الجب وتم ( بيعه ) بثمن بخس على أنه عبد ، وغُيب يوسف عن أبيه لعشرات السنين ،ثم تبعه أخوه بنيامين( تم احتجازه  بمصر ) بتهمة أنه سرق ورغم ذلك لم يفقد يعقوب الأمل ولم ييأس من رحمة الله لحظة واحدة ..

{ ﴿ ٱرْجِعُوٓا۟ إِلَىٰٓ أَبِيكُمْ فَقُولُوا۟ يَٰٓأَبَانَآ إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَٰفِظِينَ ﴾ ﴿ وَسْـَٔلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِى كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيرَ ٱلَّتِىٓ أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ ﴾ ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ ﴾ ﴿ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ ٱلْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾﴿ قَالُوا۟ تَٱللَّهِ تَفْتَؤُا۟ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ ٱلْهَٰلِكِينَ ﴾﴿ قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُوا۟ بَثِّى وَحُزْنِىٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ ﴿ يَٰبَنِىَّ ٱذْهَبُوا۟ فَتَحَسَّسُوا۟ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَا۟يْـَٔسُوا۟ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ لَا يَا۟يْـَٔسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْكَٰفِرُونَ ﴾}  
ثم إن الآيات تمضي حتى تأتي إلى وقت بلوغ الأمل .. { ﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّى لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَآ أَن تُفَنِّدُونِ ﴾ ﴿ قَالُوا۟ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِى ضَلَٰلِكَ ٱلْقَدِيمِ ﴾  ﴿ فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَىٰهُ عَلَىٰ وَجْهِهِۦ فَٱرْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّىٓ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾}

الإنسان المتفائل ،الإنسان حسن الظن بالله تعالى ، الإنسان الذي ملأ قلبه أملا في الله سبحانه وتعالى ، وملأ يده عملا ، هو أحد الذين يدخلون الجنة يوم القيامة بلا سابقة حساب ولا عذاب قال النبي عليه الصلاة والسلام عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط والنبي ليس معه أحد حتى رفع لي سواد عظيم قلت ما هذا أمتي هذه قيل بل هذا موسى وقومه قيل انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق ثم قيل لي انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل هذه أمتك ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب ..

قال ابن عباس راوي هذا الحديث :
ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لهم فأفاض القوم في ( أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ) من هم ؟
فقالوا نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله فنحن هم أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج فقال هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون فقال عكاشة بن محصن أمنهم أنا يا رسول الله قال نعم فقام آخر فقال أمنهم أنا قال سبقك بها عكاشة.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يقر أعيننا بنصرة الإسلام والمسلمين وأن يعلى بفضله كلمة الحق والدين إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير ..

الخطبة الثانية 
في ظل الأحداث الجارية ، وما تقاسيه الأمة هذه الأيام من التنكيل بها ومن الاستخفاف بها أصبح مخاضها عسير ووضعها صعب وفي ظل هذا الحال أود أن أقول :
إن خلاص الأمة مما تعانيه يكمن في كلمتين اثنتين من القرآن الكريم !! إله الأكوان ، خالق الأكوان ، منزل القرآن سبحانه وتعالى يقول : { ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾}

 النصر يأتي بالصبر ، لكن لابد مع الصبر من عمل ولابد للعمل أن يكون صالحًا خالصًا لله رب العالمين : الصبر مع المعصية ما بعده إلا القبر ، الصبر مع المخالفة ما جزاؤه إلا الهزيمة ، لكن الصبر مع الطاعة بعده النصر  ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾

نحن الآن كأمة عربية وإسلامية في مصيبة .. لكن علينا أن نفهم ما نحن فيه حتى لا تصبح المصيبة مصيبتين !!

قد يكون للمصائب جانبا إيجابيا ، قد يكون للمصيبة هدفا تربويا ، هو أن ننتبه لأنفسنا ،هو أن نعلم العدو من الصديق ،
نحن أمام عدو غادر ، عدو غاشم ، عدو مغتصب خائن ، هو لا يعاملنا كبشر ، إنما يعاملنا كعرب ، هو لا يرانا أصلا ، هو لا يريد إلا إذلالنا والحط من شأننا {﴿وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا۟ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلْأُمِّيِّۦنَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾}

عدونا جهول لا يعرف شيئا عن المروءة ، ولا يعرف عن الشهامة شيئًا ، ولا يؤمن بالأخلاق ، وهو مع كل ذلك عدو ذكي وقوي وغني ، فلا بد في التعامل معه من قدر كبير من الإيمان ، وبقدر مماثل من الذكاء والغنى والقوة والدهاء حتى نفسد عليه مكره وخداعه وفساد نيته ..

{﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا۟ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلْءَايَٰتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾﴿ هَٰٓأَنتُمْ أُو۟لَآءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَٰبِ كُلِّهِۦ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا۟ عَضُّوا۟ عَلَيْكُمُ ٱلْأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا۟ بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾}

من الأهداف الإيجابية لمصيبة الأمة هذه الأيام أن نعود إلى ديننا ، إلى طاعة ربنا ، فنحن بحاجة لأن نجدد الإيمان في قلوبنا ، نحن بحاجة لأن نطهر قلوبنا، وننقي سرائرنا ، ونلملم شتاتنا ، ونأخذ بجميع أسباب القوة ، ونحسن في الظن والاعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى ، عندها وعندها فقط ننتظر نصرًا قريبًا {﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمْ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْـًٔا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ ﴾ }

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يكتب للمسلمين نصرا قريبا تقر به العيود وتسعد به النفوس ويشف الله به صدور قوم مؤمنين .
 

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.

  • 1
  • 0
  • 985

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً