استدراك الخيرات

منذ 2023-11-27

جاء في كتب التاريخ أن الشاعر المشهور أبا ذؤيب الهذلي صاحب البيت السائر:

وتجلُّدي للشامتين أُرِيهم   ***    أني لِرَيبِ الدَّهرِ لا أتَضَعْضَعُ

 

وَفَدَ أبو ذؤيب الهذلي هذا إلى المدينة مهاجرًا؛ لكي يصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، ويحظى بشرف الصحبة، كما حظِيَ بها غيره.

 

غير أنه لما دخل المدينة النبوية، وجدها تنتحب من كل أرجائها، ويغشاها الظلام في وسط النهار، لقد وصل في اليوم الذي تُوفِّيَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يحصل على شرف رؤيته إلا وهو مُسجًّى في سريره عليه الصلاة والسلام.

 

لقد فاته ما كان يطمع فيه، وسبقه من سبقه.

 

هل ندب حظه السيئ، واتهم نفسه بسوء الطالع، وسواد النصيب، واستسلم للبؤس والاكتئاب؟

لم يقع شيء من هذا.

 

فهو رجل يريد أن يستدرك ما فاته من أعمال الخير العظيمة، كما فاتته الصحبة الشريفة، فاستشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدله على أي الأعمال خير؛ لعله أن يلحق بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون في الدرجة التي تليهم، فأشار عليه عمر بالجهاد في سبيل الله حتى آخر حياته، فصار لا يسمع هَيعَةً إلا طار لها مجاهدًا، ولا يجد غزوًا في سبيل الله إلا خرج معه، حتى قضى حياته في ساحات الجهاد، مستدركًا ما فاته مع النبي صلى الله عليه وسلم.

  • 1
  • 0
  • 283

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً