فوائد مختصرة من شرح الكافية الشافية " نونية ابن القيم" للعلامة العثيمين[7]

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذا الجزء السابع من الفوائد المختصرة من شرح الكافية الشافعية في الانتصار للفرقة الناجية, المعروفة بــ "نونية ابن القيم" للعلامة العثيمين رحمه الله, من البيت [4108] إلى نهاية القصيدة, وهي فوائد مختصرة لا تتجاوز الواحدة منها ثلاثة أسطر, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

مما يعين على ذكر الله تعالى بالقلب:

& لا شك أن ذكر الله باللسان يُعينُ على ذكره بالقلب, وكثرة قراءة القرآن, وكثرة العبادة يجرُّ بعضها بعضًا, ومصاحبة الأخيار, وأشياء كثيرة, كل ذلك يعين على ذكره تعالى بالقلب.

قطع المسافة بالقلوب:

& هل يمكن أن تقطع المسافة بالقلوب إلى الله؟ الجواب: نعم, يكون قلبك يحومُ حول العرش دائمًا, ولا يجولُ حول الفرش, والفرش: أي: الأرض, لأن كونك تجول حول الأرض معناه أنك أهبطت نفسك.

& قطع المسافة بالقلوب إلى الرسول فذلك بأن تحوم حول سنته وتنبذ كل ما خالف سنته, تجعله وراءك وتجعل أمامك محمدًا صلى الله عليه وسلم.

مسألة مهمة:

& مسألة مهمة ينبغي للإنسان أن يجعلها على باله في مخاصمة الأعداء وجدالهم أن ما يصيبه من الأذى والتحمل والهم والغم ففي سبيل الله, وما يصيب خصمه ففي سبيل الطاغوت والشيطان, فهو على خير, وهم على شر.

كتاب الفروع, لابن مفلح رحمه الله:

& كتاب " الفروع " كتاب فقه ألفه محمد بن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية...هذا الكتاب حوى ما قاله الفقهاء....وهو كتاب يُعتبرُ جامعًا حتى أن بعضهم يسميه مكنسة المذهب, يعني: يكنسُ كل شيءٍ.

الدقة في فهم النصوص:

& الفهوم تتفاوت تفاوتًا عظيمًا, ومن أدقِّ ما رأيت في فهم النصوص البخاري رحمه الله, فإن تراجمه على الأحاديث قد يعجز الإنسان عن معرفة وجه استشهاده بالحديث, هذا إذا لم يكن في الباب حديث على غير شرطه.

آيات رفع القرآن الآن كثيرة جدًا:

& إعراض الناس عن القرآن من علامات رفعه في آخر الزمان...يرفع من المصاحف ومن الصدور احترامًا وتعظيمًا له, حيث يعرض الناس عنه إعراضًا كليًا وهذا في عهد ابن القيم...فكيف بعهدنا الآن؟ فآيات رفع القرآن الآن كثيرة جدّا.

آيات هدم الكعبة الآن قد تكون ظاهرة:

& آيات هدم الكعبة الآن قد تكون ظاهرة, كلما كثر الفسق والفجور في مكة فهذا من علامات قرب هدمها, نسأل الله السلامة, لأن الله عز وجل يغار لبيته أن يكون عنده من لا يحترمه ولا يعظمه إلا بالظاهر.

الحرص التام على القرآن تلاوةً وتدبرًا وعملًا به:

& أنا أحثكم ونفسي على الحرص التام على القرآن تلاوةً وتدبرًا وعملًا به, وجرب نفسك, ارجع للقرآن في هذه الأمور, وانظر ماذا يحصل لقلبك من الإيمان, وانشراح الصدر, نور القلب, ونور الوجه, هذا شيء مجرب.

الفوقية لله سبحانه وتعالى:

& الله تعالى ثبت له الفوقية بجميع المعاني, فوقية الذات بمعنى أنه فوق كل شيء, وفوقية القدر أنه أشرف من كل شيءٍ, وفوقية القهر بمعنى أنه غالب كل شيءٍ.

الغرباء:

& الغربة ليست غربة الوطن, ولكنها غربة الدين, وهذه أشدُّ من غربة الوطن, إذ أن غريب الوطن ربما تزول غربته بما يحصل له من الفرح والسرور وتجدد الإخوان والأصحاب, لكن غربة الدين هي البلاء, وهي التي تحتاج إلى صبر.

& غربة الدين بأن يكون الإنسان في وسط مجتمع بعيدٍ عن الدين.

& الرسول صلى الله عليه وسلم فسر الغرباء بالذين يحيون سنته بين أهل البدع, أو يقومون بطاعته بين أهل الفسق, والغريب معروف مأخوذ من الغربة وهي ألا يكون للإنسان من يشابهه في مجتمعه.

حياة الكفرة:

& هؤلاء الكفرة من الغربيين وغير الغربيين لا تظنوا أنهم في نعيم, والله إنهم في جحيم, قلوبهم الآن ملأ من الجحيم, مهما زانت لهم الدنيا فهم في جحيم, لكنهم يغروننا بما يدعون أنهم فيه من النعيم, ونظن أن هذا حقيقية.

& لو نظرت إلى قلوبهم لوجدت نيرانًا تتلظى من الهم والغم والتحسر, تجد الواحد منهم يفكر: هل سيبقى ماله له؟ هل سيبقى هذا التمتع له أو سيزول؟ لأنه يرى الناس تحصدهم المنايا عن يمنيه وشماله.

& تجده كلمت ازداد نعيمًا ازدادت حسرته خوفًا من أن يزول هذا النعيم...إذا فاته ما للثاني ازداد همًا وغمًا وحسرةً, والآلام القلبية والبدنية لا تخبو مدى الأزمان.

الرق الذي خُلِق له الإنسان:

& هربوا من الرق الذي خلقوا له      فبلوا برق النفس والشـــــــــيطان

ما هو الرق الذي خلقنا له؟ الجواب: الرق لله عز وجل بأن نكون عبيدًا له, ونسأل الله أن يجعلنا عبيدًا له...هذا البيت لو كُتِبَ بماء الذهب لكن رخيصًا.

ركعتي الفجر:

& إذا صلى الإنسان ركعتي الفجر صار ذلك خيرًا من الدنيا وما فيها, الدنيا منذ خلقت إلى أن تفنى, هاتان الركعتان خير منها, كم تستوعب الركعتان من الزمان؟ خمس دقائق بالوضوء, خمس دقائق تساوي الدنيا كلها من أولها إلى آخرها.

بيتان عظيمان يُسلى بهما الإنسان نفسه:

& طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها     صفوًا من الأقدار والأكـــــــــدار

    ومُكلف الأيام ضد طباعــــــــــها     مُتطلب في الماء جذوة النـــــــــار

يقول صاحب الفروع رحمه الله: وكان شيخنا يتمثل بهذين البيتين كثيرًا.

نساء أهل الجنة:

& قوله تعالى: {﴿ فِيهِنَّ خَيۡرَٰتٌ حِسَان﴾} [الرحمن:70] ﴿خَيۡرَٰتٌ﴾ تعود إلى الأخلاق, {﴿ حِسَان﴾} تعود على الوجوه, فهن خيرات الأخلاق حسان الوجوه, إذن هن كاملات ظاهرًا وباطنًا.

الغناء:

& تجد المفتونين بأهل الغناء لا يكون في قلوبهم إلا أولئك القوم الذين فتنوا بهم, فتكون محبتهم مزاحمة لمحبة الله, ويكونون مشركين مع الله المحبة, نسأل الله العافية.

& إذا سمعوا الألحان أصغوا وإذا سمعوا القرآن فكأنما  يصبُّ في آذانهم الآنك.

سرورهم ورفاهيتهم سرور جسد لا سرور قلب:

& الملوك وأبناء الملوك سرورهم ورفاهيتهم سرور جسد لا سرور قلب, ورفاهية جسد لا رفاهية نفس, وإن كانوا منعمين ويُخدمون وتقدم لهم أطيب الفواكه....لكان نفوسهم ليست مسرورة, بل نقوسهم في حبس وضيق.

أنت في مهلة فاغتنم الوقت:

& أنت في مهلة, اغتنم الوقت, اجعل لنفسك حزبًا من كتاب الله عز وجل, اجعل لنفسك وقتًا للعمل الصالح, قم في آخر الليل ولو نصف ساعة قبل الفجر, ناجِ ربك, ادعه.

حرية الإنسان:

& ذكرت معاهدة الأمم المتحدة...أن الإنسان حُرّ ولا أحد يتعرض له, يكفر, يشرك, يزني, يشرب الخمر, ولا أحد يتعرض له, لأن هذه حرية الإنسان, أي فوضى وأي فساد أشد من هذا والعياذ بالله.

القلوب في غفلة:

& لماذا لا يذكر الإنسان وهو يلبس الثوب الجديد أنه ربما يلبس الكفن في آخر النهار, وإن كان في الليل ربما يلبسه قبل الصباح, لكن القلوب في غفلة, نسأل الله أن يحيي قلوبنا بالعلم والإيمان.

العيشُ عيش الآخرة:

&النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى ما يجبه من الدنيا قال (( «لبيك إن العيش عيشُ الآخرة» )) و(لبيك) أي إجابة لك لأن النفس قد تطمح فيقول ((لبيك)) يعني أجبتك ((إن العيش عيش الآخرة)) أما عيش الدنيا مهما كان فإنه عيش زائل لا خير فيه

محبة الله عز وجل:

& الذي يريد الفلاح والسعادة والهناء والراحة فليجرد حبه لله يستريح ويطمئن, لأنه لا يهمه أحد, ويحبُّ الغير يحبه لله وفي لله, ولا يحبه مع الله, بحيث تزاحم محبته لهذا المخلوق محبة الله, لأن نوع من الشرك.

& إذا أحببت الله سوف تحب من يحبه الله...ضرورة أن تحبَّ من يُحبه الله, لكن محبتك لمن يُحبه الله تابعة لمحبة الله, وحينئذ لا يمكن أن تزاحمها, بل هي فرع عنها, ولهذا تجدك تحب هذا المرء ما دام أهلًا للحب في الله فإذا انحرف...فإنك ستكرهه.

& املأ قلبك بمحبة الله تسترح, حتى تكون أقوالك وأفعالك ومشيك ومجيئك وقعودك ونومك كله نافعًا لك, لأنك تستحضر أنك تفعله لله عز وجل قال بعضهم: "عذبُ الحبِّ عذاب" إلا من الله فإن محبته راحة في القلب وسكون للقلب.

حسرة عند الموت ويوم القيامة:

& ما أعظم حسرة الذين باعوا دينهم بدنياهم لكن متى يعلمون الحسرة؟ الجواب: عند الموت ويوم القيامة كما قال الله عالى: {﴿ كذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ ﴾} [البقرة:167] نسأل الله أن يحمينا وإياكم.

القصيدة النونية:

& هذه القصيدة جديرة بأن يغالي فيها الإنسان ويتفهمها لأنه عذبة المنطق, مملوءة المعاني, وفيها أشياء لا تجد في غيرها.

& الحقيقة أن هذه القصيدة قصيدة رائعة, ولا يعاب عليها إلا أن أفهامنا قاصرة دونها, كما أنه يكون فيها تكرار أحيانًا من أجل تثبيت المعاني, والتكرار من أجل التثبيت ولأهمية الموضوع أمر مألوف حتى في القرآن الكريم.

متفرقات:

& الشبهات منشؤها الجهل, والشهوات منشؤها الهوى مع العلم

& من كان بالله أجهل كان عنه أبعد. إذ كيف يُحب من لا يعرف, هذا شيء مستحيل.

& عظموا الله عز وجل...بالتعظيم يكون ترك المعصية, لأنك إذا علمت عظمة الرب هبته وخفت من معصيته.

& البريد أربعة فراسخ, والفرسخ ثلاثة أميال, والميل اثنا عشر ألف ذراع.

& الوقاحة ضد حسن الخلق, والجراءة ضد التأني والطمأنينة, والجهالة ضد العلم.

&من أقبل على الله بارك له في وفته وفي عمله وكانت ساعاته كلها معمورة بما فيه الخير

& صاحب الدنيا دائمًا في حسرة لما فاته من الربح, أو لما حصل عليه من الخسران

& المجتهدون من أهل الكلام تجدهم متناقضين بل تجد الواحد منهم يناقض نفسه, ففي كتاب يقول هذا واجب وفي آخر يقول هذا ممتنع وما أشبه ذلك.

& تطبيق قواعد التجويد ليس بواجب, إذ إن التجويد غاية ما فيه أنه من باب تحسين اللفظ فقط.

& التوفيق من الله عز وجل أن يفتح الله على الإنسان نور العلم والإيمان حتى يسير خلفه, ومن الخذلان أن يُغلق عليه هذا حتى لا يفهم ولا يعلم.

& كون الإنسان يتأنى ولا يرد الشيء إلا بعد أن يتبين فيه الخطأ, لا شك أن هذا من العقل ومن الشرع.

& يوم الجمعة...أصحُّ الأقوال أن ساعة الإجابة ما بين مجيء الإمام إلى انقضاء الصلاة, هذا أحراها وأقربها, وفيه حديث رواه مسلم.

                 كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ