هَمَسات .. في كلمات ... (26)

منذ 2023-12-25

يخيل للبعض أن تطبيق الشريعة غاية في الصعوبة، ولنضرب مثالًا يوضح هذه المعضلة المزعومة، هناك شخص يحمل حقيبة وزارية ما، عنده مستشارين قانونيين........

 

(هَمَسات .. في كلمات) في إصدارها الـ (26) بفضل الله وتوفيقه:

يخيل للبعض أن تطبيق الشريعة غاية في الصعوبة، ولنضرب مثالًا يوضح هذه المعضلة المزعومة، هناك شخص يحمل حقيبة وزارية ما، عنده مستشارين قانونيين تُصرَف لهم رواتب مجزية واختيروا بعناية، ويداومون في الوزارة كل يوم ، لكن ما هي مهمتهم وما فائدتهم، وفائدة هذا المجموعة من المستشارين؟ الفائدة هي أن يتأكد معالي الوزير قبل أن يضع خطوة أو يحك رأسه أو يصدر أي قرار يتأكد أنه غير مخالف للقوانين المنبثقة من الدستور الوضعي الذي صادق عليه الشعب، إذن فكل هذه المجهودات المعقدة حتى لا يخالف سعادته آراء مخلوقين، وهذه الدوائر القانونية موجودة في كل مفصل في البلد، وتطبيق الشريعة ببساطة هو أن تتأكد أن كل عمل تعمله لا يخالف أمر الخالق كما أنهم يحاولون الالتزام بآراء مخلوقين، هذا هو تطبيق الشريعة، مع العلم أن ما ذكر من مثال في أول الفقرة يتحدث عن قانون وضعي بشري ممزوج بالأهواء والشهوات بينما الشريعة موجودة في { (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) } فهل هناك دستور وضعي له واحدة من هذه الصفات؟

-------------------------------

جاء في الصحيح «(واللهِ ما الدنيا في الآخرةِ إلا مثلُ ما يجعلُ أحدُكم إصبعَه في اليمِّ ، فلينظر بِمَ يرجعُ)» من هذا الحديث يتبين لنا أن دنيانا بالنسبة لآخرة لا تكاد تُذكر، ولكن هذه الجزء البسيط جدا يتحدد فيه شقاوة العبد من سعادته، فإما أن يكون {(فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) } أو { (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) } فالمسالة خطيرة جدًا، فالدنيا قصيرة وعمر الإنسان قصير بالنسبة للدنيا، فهذا القليل من القليل فيه يُحَدد المستقبل الأبدي للمرء  و(الجَنَّةُ أقْرَبُ إلى أحَدِكُمْ مِن شِراكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذلكَ) فنسأل الله برد العيش بعد الموت.

-------------------------------

العيش مع القرآن طمأنينة للقلب وراحة للنفس وحياة للروح، وهذا يكون (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) وهناك جزئية تتعلق بتدبر القرآن أكثر الناس عنها لا يعلمون، ألا وهي التفاعل مع الآيات أثناء التلاوة، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان في الصلاة « (إذا مرَّ بآيةِ رحمةٍ سأل، وإذا مرَّ بآيةِ عذابٍ استجارَ، وإذا مرَّ بآية ٍفيها تنزيهٌ لله سبح)» و «(إذا مرَّ بآيةِ عذاب ٍ وقفَ وتعوَّذَ، وإذا مرَّ بآيةِ رحمةٍ وقفَ فدعا) فهذا (يسن للقارئ في الصلاة وخارجها) » كما ذكر الإمام النووي ذلك عن الشافعي في المجموع، فما أجمل تلاوة القرآن يتخللها الوعد والوعيد والتعظيم والتسبيح، مرة في شوق لدخول الجنة ونعيمها وأخرى في خشية من النار وجحيمها، ومن كانت هكذا تلاوته فما أبعد القسوة عن قلبه، وما أسعده بالإنابة إلى ربه والشوق للقائه ، وإذا كان هذا حال المسلم مع القرآن ازداد الإيمان في قلبه وابتعد عن ظلمات الكفر والنفاق والمعاصي {(يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)}

-------------------------------

حذرنا الله سبحانه وتعالى في أعظم سورة في القرآن من سلوك (طريق المغضوب عليهم، الذين عرفوا الحق ولم يتبعوه كاليهود) ومن(طريق الضالين عن الحق، الذين لم يهتدوا إليه لتفريطهم في طلب الحق والاهتداء إليه كالنصارى) هذا إجمالا أما التفصيل عن الصنف الأول فقد ذُكِر في سورة البقرة، والنصف الثاني جاء في سورة آل عمران، فهاتان السورتان فيهما بيان لأحوال اليهود والنصارى وكيفية التعامل معهم وبيان فساد عقيدتهم وأخلاقهم ودعوتهم والرد على شبهاتهم، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأنهما «(اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ... تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ)» فماذا علينا لو علمنا أبناءنا وعامة المسلمين حال اليهود والنصارى من الزهراوين، لو فعلنا ذلك لما ابهر أبناء المسلمين بخرفات اليهود والنصارى في الاعتقاد والأخلاق والسياسة.

-------------------------------

سد الذرائع من الأمور المقررة في شريعة العدل الإلهية، ويظهر ذلك جلي في أمور لعل من أبرزها الشرك والفضيلة، فهناك أمور حرمت لأنها وسيلة الشرك وإن لم يقع في الشرْك كل من مارسها، وكذلك في حفظ الأعراض، حيث حُرِّم النظر واللمس والاختلاط المحرم، وهناك مشكلة ربما لم تعط حقها من التحذير، ألا وهي الاختلاط في البيوت، علمًا أن الثياب في بعض بيوت المسلمين تتجه للتبرج وإبداء الزينة، وهناك تساهل في لباس البنات بحجة صغر السن مع أن أعمارهن قد يكون الثامنة أو التاسعة، فلربما  ارتدين القصير من الثياب، والضيق من البناطيل، والقمصان التي لا أكمام لها، ويكشفن شعورهن بل وأكثر، وفي البيت القنوات والجوال وما يه من وسائل تواصل إنه البارود بجانب النار، فالبيوت التي يوجد بها الاختلاط والتبرج على خطر عظيم وكم من قصص يندى لها الجبين بسبب التساهل في امر الحجاب في البيوت بين أبناء العمومة أو الخؤولة أو زوجات الإخوان،  وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله: (إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت)، وإذا جمعنا إلى ذلك أن الزواج أصبح شبه مستحيل لكثير من شباب المسلمين لا سيما في مقتبل العمر حيث الشهوة في أوجها، فتتحول بذلك كثير من البيوت إلى قنابل موقوتة وألغام مدفونة يمكن أن تدمر البيت وأهله في أي لحظة.

-------------------------------

[email protected]

  • 0
  • 0
  • 338

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً