حرمة الجناية على نعمة [العقل]
العقل إن استقام وأعمله صاحبه في الخير، وسخره لخدمة الحق كان [العقل] سبب سعادة صاحبه في الدنيا والآخرة
أيها الإخوة الكرام: قبل أيام كنا نتحدث عن: قول الله تعالى { يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } ويقصد بهذه الزينة ستر العورات، والتجمل والنظافة والوضاءة..
واليوم نتحدث عن زينة أخرى زيّن الله بها جميع البشر وهى [العقل] فالعقل زينة، العقل نعمة، العقل إن استقام وأعمله صاحبه في الخير، وسخره لخدمة الحق كان [العقل] سبب سعادة صاحبه في الدنيا والآخرة، أما إن زاغ العقل عن طريق الاستقامة كان فساد عقل الإنسان أكبر أسباب شقاء ذلك الإنسان في الدنيا والآخرة..
العقل هو:[أعقد] ما خلق الله عز وجل في هذا العالم:
يدرك الإنسان بعقله ما لا يدرك بسمعه وبصره وحواسِّه، العقل يربط بين كل شيء وسببه، ويربط بين الشيء وبين الغاية منه، العقل فقط هو الذي يقول: إن الأثر يدل على المسير، والحكمة تدل على الحكيم، والماء يدل على الغدير، والدخان يدل على النار...
كل شيء [مذهل] في هذا العالم، كل شيء [يدهش] الألباب خرج من تحت يد الإنسان هو من إنتاج [العقل البشري ] زرع الإنسان الأرض بوحي من عقله، صنع الإنسان الآلة بوحي من عقله، طار الإنسان في الهواء، غاص في الماء، اختصر الإنسان الزمان، قصّر المسافات، نقل الإنسان الصوت والصورة، واحتفظ بالصوت والصورة لمئات السنين، واستخرج كنوز الأرض، ووصل الإنسان إلى كوكب المريخ، ومشى الإنسان بقدميه على وجه القمر، كل ذلك ببركة العقل الذي ركبه الله تعالى وأودعه رأس الإنسان..
في سورة الإسراء يقول الله تعالى ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ بعض المفسرين فسر (الرسول) في هذه الآية ب[العقل] وهذا قول له وجاهته فالإنسان لا يحاسب وبالتالي لا يجازى ولا يعاقب إلا إذا كان عاقلاً، فإن حُرم العقل رُفع عنه التكليف،ورُفع عنه الحساب، ورفع عنه العذاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رُفِعَ الْقَلَمُ عن ثلاثة: عن النائم حتى يَسْتَيْقِظَ، وعن الصبي حتى يَحْتَلِمَ، وعن المجنون حتى يَعْقِلَ"
وفي سورة الرحمن يقول الله تعالى { ﴿ وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ ﴾ } قال بعض المفسرين يُقصد بالميزان [العقل]
فالق الحب والنوى سبحانه وتعالى ، خالق السموات والأرض، من بيده ملكوت كل شيء، الذات الكاملة، ربنا سبحانه وتعالى لا نستطيع أن نراه،أو نسمعه،أو ندركه بحواسّنا ﴿ لَّا تُدْرِكُهُ ٱلْأَبْصَٰرُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلْأَبْصَٰرَ ۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ ﴾
ولكن الإنسان ب[عقله] يستطيع أن يصل إلى ربه، وأن يعرفه، وأن يعرف دلائل عظمته، وكمال قدرته، ففي كل شيء في هذا الوجود [آية] تدل على عظمة وحكمة وقدرة الخالق سبحانه وتعالى..
العقل هو: أداة الوصول إلى معرفة الله عز وجل:
نعرف ربنا سبحانه وتعالى بعقولنا، وقديماً سُئل أعرابي عن دليل وجود الله تعالى ، فقال : البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك على اللطيف الخبير !!
نعرف ربنا سبحانه وتعالى بعقولنا، ونعبد ربنا سبحانه وتعالى بالوحي الشريف يأتينا عن ربنا وبالتأسي بسنة نبينا صلى الله عليه وسلّم، فالعقل لا يستغني عن الوحي، والوحي لا يخاطب إلا العقلاء:
وفي التنزيل الحكيم: { ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِى مَدَّ ٱلْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِىَ وَأَنْهَٰرًا ۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ ۖ يُغْشِى ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ﴿ وَفِى ٱلْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَٰوِرَٰتٌ وَجَنَّٰتٌ مِّنْ أَعْنَٰبٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَٰحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾}
في وجود الوحي الشريف، العقل يؤدي دوره بأعلى كفاءة، العقل لا يعرف الماضي السحيق لكن الوحي يحدثه عن هذا الماضي السحيق، العقل لا يعرف المستقبل البعيد الوحي يحدثه عن هذا المستقبل البعيد، أما في غياب الوحي فالعقل يشطح، العقل يسقط، العقل يعيش حالة من الضلال، ويبرر العقل الضلال لنفسه، في غياب الوحي العقل يزين للإنسان أن يعبد بقرة، أو أن يتمسح بحجر..
قال شاب لعمر رضى الله عنه يا أمير المؤمنين كيف كنتم تعبدون الأصنام؟ ألم يكن لكم عقول؟! قال يا بُنيّ كانت لنا عقولٌ ولم تكن لنا هداية..
الوحي هو سبيل الهداية، الوحي بالنسبة للعقل كالنور بالنسبة للعين:
لو ذهبت يوماً من الأيام تعمل مقياس نظر.. تجلس بين يدي الطبيب وبينك وبينه مقياس النظر عليه حرف C و E يضع الطبيب عصاته على الحرف فيقول أين جهة فتحته ( يمين، يسار، فوق، تحت) السطر قبل الأخير في مقياس النظر إذا عرفت منه جهة فتحات الحروف تكون درجة الرؤية....... في السطر الأخير الحروف صغيرة جداً والفتحات لا تكاد تُرى لو أن الإنسان رآها كانت درجة الرؤية عنده....
هذا النظر الحاد، وهذه العين الدقيقة لو انقطع عنها نور المصباح تصبح بلا قيمة.. ففي[ الظلام الدامس ] يستوي الأعمى والبصير..
الوحي بالنسبة للعقل، كالنور بالنسبة للعين..
أيها الإخوة الكرام: العقل سلاح ذو حدين:
إن استخدم العقل ملكاته بشكل صحيح فاهتدى إلى الإيمان، وعمل الخيرات، وترك المنكرات، كان سبب سعادة صاحبه في الدنيا والآخرة، أما إن استخدم العقل ملكاته بشيء سيء كان العقل سبب شقاء صاحبه في الدنيا والآخرة..
الوليد بن المغيرة:
أحد رجالات قريش، المشهود لهم بالزعامة والوجاهة والسعة في المال والولد، كان يقال للوليد ريحانة قريش ..
لكن للأسف: أعمل الوليد بن المغيرة عقله واستعمله استعمالاً سيئاً، هو استعمل عقله لكنه استعمله في تبرير الكفر، استعمله في الشر، وفي الكبر، وفي إنكار الحق فكان تفكيره واستعمال عقله الذي يبرر للكفر والعناد والشر وصمة عار في حياته وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها...
قال الله تعالى في شأن الوليد بن المغيرة: { ﴿ إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾ ﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ ﴿ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾}
أنزل الله على رسوله سورة (غافر) وفي صدرها هذه الآيات {﴿ حمٓ ﴾﴿ تَنزِيلُ ٱلْكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴾ ﴿ غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِى ٱلطَّوْلِ ۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾}
فسمع الوليد بن المغيرة هذه الآيات يتلوها رسول الله صلى الله عليه وسلّم.. ولك أخي أن تتخيل حلاوة القرآن وهو يرتل ترتيلاً بصوت النبي عليه الصلاة والسلام فرجع الوليد إلى قريش يقول : والله لقد سمعت من محمد كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر ..
فلما قال الوليد ما قال: قالت قريش : صبأ الوليد لتصبون قريش كلها .
فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه . فمضى إليه حزينا ؟ فقال له : ما لي أراك حزينا . فقال له : وما لي لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زيّنتَ كلام محمدٍ ، وتدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما .
فغضب الوليد وتكبر ، وقال : أنا أحتاج إلى كِسَرِ محمد وصاحبه ، فأنتم تعرفون قدر مالي ، واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك ، وإنما أنتم تزعمون أنه شاعر ، فهل رأيتموه نطق بشعر قط ؟ قالوا : لا والله، قال وتزعمون أن محمداً كاهن فهل رأيتموه تكهن قط قالوا : لا والله، قال وتزعمون أن محمدا مجنون ، فهل رأيتموه قط يخنق ؟ قالوا : لا والله، قال وتزعمون أن محمدا كذاب فهل جربتم عليه كذبا قط ؟ قالوا : لا والله ..
قال لكني أرى فيه ما لا ترون، فقالت قريش للوليد : فما هو ؟ ففكر الوليد في نفسه ، وجعل يصول ويجول بعقله، ثم نظر ، ثم عبس وبسر ، فقال ما هو إلا ساحر ! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ؟
فلما قال ما قال: واستعمل فكره وعقله في الكفر، والكبر، والشر، انتصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، وانتصر للقرآن الكريم، وتوعد الوليد بالخزي والعذاب في الدنيا والآخرة، وأنزل فيه قرآنا يتلى في المحاريب وعلى المنابر والمنائر إلى يوم القيامة..
{﴿ ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ﴾ ﴿ وَجَعَلْتُ لَهُۥ مَالًا مَّمْدُودًا ﴾ ﴿ وَبَنِينَ شُهُودًا ﴾ ﴿ وَمَهَّدتُّ لَهُۥ تَمْهِيدًا ﴾ ﴿ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ﴾ ﴿ كَلَّآ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِءَايَٰتِنَا عَنِيدًا ﴾ ﴿ سَأُرْهِقُهُۥ صَعُودًا ﴾ ﴿ إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾ ﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ ﴿ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ﴾ ﴿ ثُمَّ نَظَرَ ﴾ ﴿ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴾ ﴿ ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ ﴾ ﴿ فَقَالَ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ﴾ ﴿ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا قَوْلُ ٱلْبَشَرِ ﴾ ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ ﴿ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا سَقَرُ ﴾﴿ لَا تُبْقِى وَلَا تَذَرُ ﴾ ﴿ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ ﴾﴿ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ﴾}
هذه عاقبة من عواقب استعمال العقل استعمالاً سيئاً، في الشر، في المكر، في تبرير الجرم، {﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ ۚ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا۟ بِهِۦ فَسَيَقُولُونَ هَٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾}
{﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُۥٓ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ﴾}
هذه الآيات وغيرها كثير تؤكد أن إعمال العقل في غير ما خلق له، وفي تبرير الجرم، وفي معاداة الحق لهو أكبر أسباب الشقاء في الدنيا والآخرة..
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يصلح أحوالنا، وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها.. اللهم آمين.
الخطبة الثانية
بقى لنا في ختام الحديث عن نعمة العقل أن نقول: إن من أبواب الفقه بابا يعرف بباب [الجناية على العقل]
أنا أتصور أن إنسانا يجني علي عقل إنسان آخر ( يضربه فيذهب عقله) هذا نتصوره وإن كنا لا نقره ولا نقبله، ولا نرضى به ..
أما أن يجني الإنسان على عقل نفسه بنفسه فهذا ما لا نتصوره يصدر من عاقل من العقلاء..
كم من المجالس، وكم من السهرات، وكم من اللقاءات، لا تنعقد إلا من أجل أن يجنى الإنسان على عقل نفسه بنفسه، نفقات، ومخدرات، ومسكرات، يمشي بعدها أحدهم يهذي، لا يعي شيئاً، لا يعرف يمينه من شماله، لا يعرف ابنته من زوجته، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا، يقتل أحدهم أولاده،ويطلق أحدهم زوجته، ويضرب الآخر أمه، وكم من المصائب في البيوت،بين المدمن وبين والديه، وبين المدمن وبين إخوته وأخواته، من وراء جناية الإنسان على عقل نفسه بنفسه..
وكم من إنسان سقط بالطريق يتخبط لا تحمله قدماه ، وكم من إنسان فيهم بال على نفسه، أو خرجت روحه، بسبب هذه السموم التي يتعاطاها
قد يكون سبب الوقوع في هذا الشر غياب الأب، وربما كان تشاغل الأم، وربما كان الإهمال من الوالدين معاً، وربما كان سبب سقوط الولد في هذا الشر بسبب الاقتداء بالسيء بوالده، لأن الوالد هو نفسه يتعاطى.. !! فهو قدوة سيئة والإنسان إنما يتعلم بعينيه، وربما كان السبب أصدقاء السوء وجلساء الشر، فالصاحب ساحب، والمرء على دين خليله كما قال النبي عليه الصلاة والسلام..
وأيا ما كان السبب فكل إنسان مسؤل عن نفسه، وعن ماله، وزوجه، وولده، والوحي والعقل هو حجة الله تعالى على الناس، فلا الوحي يقبل أن يضيع الإنسان الأمانة التي ائتمنه الله تعالى عليها، ولا العقل الصحيح يرضى أن يجنى الإنسان على عقل نفسه، ولا على عقل غيره، مهما كانت الأسباب ومهما كانت الدوافع.. أنت أقوى من كل سبب، أنت أقوى من كل دافع، تحلى بالشجاعة واحفظ كرامتك، وكف نفسك عن تلك المجالس وفارق صحبة السوء واستعن بمولاك يعنك مولاك... قال الله تعالى { ﴿ وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُوا۟ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾.}
نسأل الله العظيم أن يصلح أحوالنا وأن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير .
- التصنيف: