جمعيات وحلقات التحفيظ بين الواقع والمأمول
فاستجابة لما طلبه مني الأخ الفاضل العزيز: سلمان بن محمد العمري، رئيس تحرير مجلة "أهل القرآن" بخصوص الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بجمعيات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، والتي تتلخص في بيان دور هذه الجمعيات والحلقات في المحافظة على النشء، وهل يتناسب دور هذه الجمعيات والحلقات مع مستجدات العصر، وذكر التوصيات والمقترحات التي تساهم في الارتقاء بواقع تلك الحلقات والجمعيات؛ فاستجابةً لما طُلب مني، وإجابةً على هذه التساؤلات؛ رأيت أن أكتب هذه الأوراق اليسيرة، وهي جهد المُقل، وأسأل الله أن ينفع بها وأن تكون في ميزان حسناتي يوم ألقاه. وقد رأيت أن يكون عنوانها: "جمعيات وحلقات التحفيظ بين الواقع والمأمول"
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، وسيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فاستجابة لما طلبه مني الأخ الفاضل العزيز: سلمان بن محمد العمري.. رئيس تحرير مجلة "أهل القرآن" بخصوص الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بجمعيات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، والتي تتلخص في بيان دور هذه الجمعيات والحلقات في المحافظة على النشء، وهل يتناسب دور هذه الجمعيات والحلقات مع مستجدات العصر، وذكر التوصيات والمقترحات التي تساهم في الارتقاء بواقع تلك الحلقات والجمعيات؛ فاستجابةً لما طُلب مني، وإجابةً على هذه التساؤلات؛ رأيت أن أكتب هذه الأوراق اليسيرة، وهي جهد المُقل، وأسأل الله أن ينفع بها وأن تكون في ميزان حسناتي يوم ألقاه. وقد رأيت أن يكون عنوانها: "جمعيات وحلقات التحفيظ بين الواقع والمأمول"، وأبدأ مُستعينًا بالله تعالى فأقول:
أولًا: التعريف بجمعيات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم:
المقصود بالجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم: هو كل جمعيةٍ خيرية تم إنشاؤها بهدف تعليم القرآن تلاوةً وحفظًا، وتجويدًا وتفسيرًا، وما يتصل بذلك أو يتفرع عنه من مهام وأغراض.
والمراد بحلقات التحفيظ: هي تلك الحلقات التي تنشأُ للغرض ذاته؛ أي لهدف تعليم القرآن الكريم وتحفيظه وتجويده وتفسيره.
وقد منَّ الله على أبناء هذه البلاد المباركة -المملكة العربية السعودية- بالعناية بكتاب الله، فما فتئ قادتها وولاتها يولون العناية بالقرآن تمسكًا به، وتحكيمًا له في كل شؤون الحياة، مع الاهتمام بتعليمه في جميع مراحل التعليم المختلفة، بل وإنشاء مدارس وكليات خاصة بتعليمه وتدريسه، بل وإنشاء مجمع خاص لطباعة المصحف الشريف بكافة الأحجام والأشكال، وترجمته باللغات المختلفة، وطباعة تفسير ميسر له، مع مراعاة جمال الطباعة ودقتها وجودة الخط والورق، وتسجيل القرآن بقراءاته المختلفة بأصوات جماعة من المشايخ المتقنين، وتوزيع ذلك على المسلمين في كل مكان؛ إضافةً إلى إنشاء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن في كل مكانٍ من المملكة، وهي امتداد للكتاتيب التي كانت تعنى بتحفيظ القرآن.
وقد قامت الدولة -وفقها الله- برعاية هذه الجمعيات ماديًا ومعنويًا، فخصصت لها مبالغ سنوية لدعمها، ومنحتها الأراضي التي تقيم عليها المباني التابعة لها، فضلًا عما يقوم به أهل الخير والغنى والثراء من دعم متواصلٍ لتلك الجمعيات للقيام بواجبها على أكمل وجه في نشر كتاب الله تعالى في كل مكان.
ثانيًا: دور جمعيات وحلقات تحفيظ القرآن في الحفاظ على النشء:
لا يخفى على أحدٍ من أهل الإسلام أن القرآن إمام كل خير، وأنه عصمةٌ لمن تمسك به، ونجاةٌ لمن تبعه، وأنه مصدر سعادةٍ وطُمأنينةٍ لكل مؤمنٍ أقبل عليه، ونهل من معينه، واهتدى بهديه، وسار على تعاليمه، وعمل بأحكامه.
قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء:82].
وقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57].
وقال سبحانه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [آل عمرن:164].
وما حصل ما حصل للبشرية من شقاء وتعاسةٍ، وبؤسٍ وضنك، وانحرافٍ وتخبطٍ، إلا بإعراضها عن كتاب الله تعالى، والتماس الهدى في غيره، والتحاكم إلى سواه؛ قال الله جل وعلا: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا. قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ} [طه:124-126].
ولأجل ذلك قامت جمعيات وحلقات تحفيظ القرآن بربط الشباب والناشئة بكتاب الله عز وجل، عن طريق إقامة حلقات تحفيظ القرآن الكريم في كل مكان؛ في المساجد، والمراكز الصباحية، والمدارس القرآنية وغيرها، وقد كان لها من الآثار الطيبة المباركة، والمنافع الحميدة الشيء الكثير، وكثُر قُرَّاء القرآن الكريم وحُفَّاظه في كل مكان، وعمرت المساجد بحلقات تحفيظ القرآن وتعليمه، وأقبل الأطفال والشباب -بل وكبار السن- على تلك الحلقات، فالحمد لله رب العالمين.
ولا شك أن الحضور إلى تلك الحلقات لتلاوة القرآن وتعلّمه وحفظه وتسميعه؛ له بالغ الأثر في استقامة أولئك المتعلمين على النهج القويم، والابتعاد عن الرذائل والموبقات، والتعامل بأخلاق الإسلام، وتأصيل القيم الإنسانية النبيلة في قلوبهم، فيتربى حامل القرآن ومتعلمه من خلال تلك الحلقات على الشمائل الإسلامية الراقية، ويتميز عن غيره بهذه التربية وتلك الأخلاق.
إضافةً إلى أن وجود تلك الجمعيات والحلقات يكافح انتشار الجريمة، ويحارب انتشار الأخلاق السيئة، والعادات الضارة الموجودة في المجتمع.
كما أنها تساعد النشء في قضاء أوقات فراغه فيما يحبه الله ورسوله، وفيما يعود عليه بالسعادة والنفع في دينه ودنياه، بعيدًا عن سبل الانحراف والفساد.
كما أن وجود معظم حلقات التحفيظ في المساجد قد أحيا للأمة جميعًا دور المسجد، وأظهر أهميته وفائدته الكبرى، فهو ليس مكانًا للصلاة فحسب، بل يمكن أن تمارس فيه أعمالٌ أخرى تعود على المسلمين بالخير والنفع، ومن هذه الأعمال: تعليم كتاب الله تعالى، وربط قلوب أولئك المتعلمين ببيوت الله جل وعلا، مما له أعظم الأثر في استقامتهم وانضباطهم.
وكذلك أيضًا: فإن ربط الناشئة بكتاب الله تعالى وتعليمهم إياه تلاوةً وحفظًا، يقوِّم ألسنتهم، ويقوِّي ملكاتهم اللغوية، ويردهم للغتهم الأصيلة لغة القرآن، وبهذا لا تؤثر فيهم تلك الدعوات التي تحارب لغتنا العربية، وتمجد من شأن غيرها من اللغات واللهجات.
إضافةً إلى أن هذه الحلقات والجمعيات تخرج مجموعة من الطلاب المؤهلين لإمامة المساجد، وتدريس القرآن الكريم؛ وفي ذلك ما فيه من خيرٍ وحصانةٍ للطالب والمجتمع على السواء، ويكفينا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (رواه البخاري).
ثالثًا: هل يتناسب دور جمعيات وحلقات التحفيظ مع مستجدات العصر؟
وإجابة على ذلك السؤال أقول: لا شك أن القائمين على جمعيات وحلقات التحفيظ الكريم يقومون بجهد كبير ومشكور في الحفاظ على النشء، وردهم إلى كتاب الله تعالى، وتعليمهم إياه، وتربيتهم على تعاليمه وأحكامه، ولهم في ذلك آثارٌ ملموسةٌ يُقِرُّ بها القاصي والداني ـ وقد سبق الإشارة إلى بعضها ـ؛ إلا أن هذا الجهد يظهر ضعفه وتضاؤله إذا ما قارنَّاه بما يحيط بنا في واقعنا المعاصر من أحداثٍ ومستجدات، فنحن في عصرٍ تكثر فيه الاختلافات، وتتسارع فيه التغيرات، مليءٌ بالفتن والشهوات، والأباطيل والشبهات، والإعلام فيه يُحرِّك الأمم والشعوب إلى كل ما يريده حقًا كان أم باطلًا، وغالب الشعوب تنساق وراء ما تراه وتسمعه، دون وعيٍ أو تحليلٍ أو إدراك لما وراء الصورة والخبر، إلى غير ذلك مما يعج به عصرنا الحاضر من إشكالات ومستجدات.
والواجب -والحالة هذه- على جمعيات وحلقات التحفيظ، بل وعلى كل جهةٍ تسعى لتحصين هذه الأمة ضد الانحراف، وردِّ هذا الجيل إلى كتاب الله وسنة رسوله ودينه ردًا جميلًا؛ الواجب على أولئك جميعاً أن يتعاملوا مع هذا العصر بأسلوب يتناسب مع ما فيه، وأن لا يكون الغرض من الحلقات هو حفظ القرآن فحسب، وإنما فهمه ومعرفة معاني آياته، والعمل بها وتنزيلها على الواقع الذي يحياه الطالب ويعيشه، ومعرفة الشبه التي يثيرها أعداء الإسلام ضد كتاب الله وكيفية ردها ودحرها؛ ليكون هذا الطالب والمتعلم للقرآن على بصيرةٍ من أمره ودينه، ولتزكو نفسه وعقله بهذا الكتاب العظيم؛ كتاب الله تعالى.
وعلى الرغم من الحسنات الكثيرة، والآثار الإيجابية الملموسة لتلك الحلقات والجمعيات، فإن نظرةً متفحصةً لواقع جمعيات وحلقات التحفيظ اليوم، يظهر لك من خلالها بعض القصور والخلل؛ وأهم سلبيتين في نظري تحتاجان إلى معالجة وتصحيح هما:
1- التركيز في حلقات التحفيظ على جانب الحفظ أكثر من جانب الفهم والتدبر، والإهمال شبه التام لجانب العمل والتطبيق، وعدم ربط القرآن بالحياة اليومية وسلوك الأفراد، وهذا يؤدي قطعًا إلى الخلل في العملية التربوية والتعليمية، فلا تؤدي ثمارها المرجوة كاملةً.
2- قصور المدرسين؛ فكثيرٌ من مدرسي جمعيات وحلقات التحفيظ لا يعرفون عن الأساليب التربوية أو التعليمية شيئًا يُذكر!!، وغالبهم يُدَرِّس بأسلوب التلقين القديم، وربما استخدم العنف والعصا؛ ليجبر الطالب على الحفظ!!
ومن القصور أيضًا: عدم استخدام المدرسين للوسائل التعليمية الحديثة في تعليم القرآن؛ كالمعامل الصوتية، وتالي الليزر، وأجهزة الحاسوب المبرمجة ببرامج القرآن الكريم، فينتج عن ذلك أن الطالب المتخرج يصبح معزولًا عن واقعه التقني والعلمي، ولا يعرف عن تلك الوسائل التعليمية الحديثة شيئاً، ولا يحسن التعامل معها أو استخدامها؛ اللهم إلا أن يتعلم الطالب استخدام تلك الوسائل والأجهزة في دورات خارجيةٍ فيما بعد.
رابعًا: مقترحاتٌ وتوصياتٌ للارتقاء بواقع جمعيات ومدارس التحفيظ:
1-على كل من يقوم بتدريس كتاب الله تعالى أن يكون هو نفسه قدوةً حسنةً لطلابه في العمل بكتاب الله، والتزام تعاليمه، والتأدب بآدابه، ثم يحرص على تربية طلابه على الحفظ المقرون بالتدبر والفهم لكتاب الله، ثم العمل والتطبيق لما يقرؤه ويتعلمه، مع إخلاص النية والقصد من الجميع.
2-إقامة دورات تدريبية مكثفة لمعلمي القرآن ومحفظيه، في الأساليب التعليمية والتربوية الفعَّالة، والتي يمكن من خلالها تحصيل أفضل النتائج في عملية الحفظ، وتحبيب الطالب في الحلقة، وتوثيق صلته بالقرآن حفظًا وفهمًا، وعلمًا وتطبيقًا؛ مع وجود جهاتٍ إشرافية ورقابيةٍ للمتابعة والتأكد من أداء المدرسين والتزامهم بتلك الأساليب التربوية والتعليمية.
3-التشجيع المادي والمعنوي للمعلمين والطلاب المتميزين؛ ليكون ذلك دافعًا لهم على الاستمرار في تميزهم، وحافزًا لغيرهم للتميز مثلهم، ومنافستهم في العلم والعمل.
4-استخدام الوسائل التعليمية الحديثة في تعليم القرآن؛ ومن ذلك: المعامل الصوتية، وتالي الليزر، وأجهزة الحاسوب المبرمجة ببرامج القرآن الكريم، وأجهزة التسجيل الصوتي، وسماع أصوات المشايخ والقرَّاء المتقنين لمحاكاتهم في مرحلة التلقي والتعلم.... إلى غير ذلك.
5-توسيع نطاق الحلقات والجمعيات القرآنية ليشمل أماكن أخرى، وليستفيد منه شرائح متعددة من المجتمع؛ فمثلًا:
إقامة حلقات داخل الإصلاحيات والسجون ودور الرعاية الاجتماعية للرجال والنساء على حد سواء؛ لتهذيب وإصلاح الموجودين بداخلها، وإعادة الأمل في نفوسهم للتوبة والعودة للحياة الكريمة مرة أخرى.
وكذلك: إقامة الدورات القرآنية في الكليات، والمدارس، والمعاهد، والمؤسسات والقطاعات المختلفة، بعد التنسيق مع المسئولين لتحديد المدة والوقت المناسب لتلك الدورات، وعدد المستفيدين منها.
ولا يخفى على أحدٍ ما لمثل هذه الدورات من آثار إيجابية في إصلاح المجتمع، ورد الكثيرين من أبنائه إلى الجادة والصواب، وتوثيق صلتهم بكتاب ربهم جل وعلا.
6-إقامة المسابقات المحلية والإقليمية والدولية في حفظ القرآن وتجويده وتفسيره، مع تحديد معايير لاختيار المرشحين لدخولها؛ ليكونوا على الأقل ممن يظهر على سمتهم وهيأتهم أنهم ممن يلتزمون بتعاليم القرآن، ويعملون به، فلا يكون الهدف منها مجرد الحفظ والعلم فقط، بل يوجد ما يُشعر المتسابق أن العمل بالقرآن من الشروط التي لا بد من توفرها لدخول هذه المسابقات.
7-التنسيق والتعاون المستمر بين العاملين في مجالات تعليم القرآن من الجمعيات والحلقات والكليات والمعاهد والهيئات والجامعات، وأن يستفيد كلٌ من الآخر في تفعيل الإيجابيات ونشرها، وتجنب السلبيات والقضاء عليها، وأن يكون هدف الجميع واحدًا، وهو العمل لنشر كتاب الله - تعالى -بأي وسيلة كانت، وليس المقصود أن يكون ذلك باسم هذه المؤسسة أو تلك!! ؛ قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2].
8-الاهتمام بحسن اختيار المعلم والمحفظ، فهو قطب الرحى في العملية التربوية والتعليمية، وينبغي أن يكون المدرس متمكنًا من الحفظ والتلاوة، مجيدًا لأساليب التدريس والتعليم، قويَّ الشخصية، ذا خلقٍ رفيع، وديانةٍ متينةٍ، وأدبٍ جم.
9-العمل على تنمية الموارد المالية للمؤسسات القرآنية؛ وأن لا يقتصر الأمر على انتظار التبرعات من الخيرين والمحسنين، بل لا بد من تفعيل دور الأوقاف، وإقامة بعض المشاريع التي تدرُّ دخلًا ثابتًا من خلال تلك الأوقاف، وينفق من خلال هذا الدخل الثابت على جمعيات وحلقات ومؤسسات وهيئات تحفيظ القرآن.
هذا بالإضافة إلى تشجيع رجال الأعمال وذوي اليسار والغنى على التبرع والوقف لتلك الجمعيات والمؤسسات القرآنية؛ لضمان توسعها وانتشارها بإذن الله تعالى.
وأقترح كذلك أن يكون هناك اشتراكٌ -ولو قليل- يُلزم ولي أمر الطالب بدفعه؛ لأن ذلك يساهم في تنمية موارد المؤسسة القرآنية، إضافةً إلى أن ذلك يُشعر ولي الأمر بأن الانتساب لهذه الحلقة بثمن ومقابل، فينظر ولي الأمر بعين الاهتمام إلى النتيجة والثمرة، ويتابع ابنه باستمرار؛ مما يعود على العملية التربوية والعلمية بالخير والنفع.
10- أن يخصص لكل مشرفٍ عددٌ معينٌ من المراكز أو الحلقات أو المدارس التي يشرف عليها، ولا يتعداها إلى غيرها، وفي ذلك من الفوائد: تحديد المسؤوليات، فيعرف من خلال النتائج السنوية مَن مِن المشرفين يتقن عمله، وما هي المدارس التي أظهرت أعلى النتائج وتحت أيّ إشرافٍ كانت؛ وهذا يدعو إلى الجد والعمل والتنافس بين المشرفين، وكذلك التنافس بين المدارس والمراكز والحلقات؛ للوصول إلى أفضل النتائج، إضافةً إلى أن تحديد عددٍ معينٍ من المراكز أو الحلقات لكل مشرفٍ يجعله محيطاً بسلبيات تلك المراكز والحلقات عن قرب، خبيرًا بعيوب مدرسيها، مما يساهم إيجابيًا في التخلص من تلك العيوب والسلبيات.
11- أن تصرف رواتب ومكافآتٌ مجزيةٌ للمدرس والمشرف والموجه في تلك الجمعيات والحلقات، وذلك حتى يتسنى له التفرغ التام لإتقان عمله والتفاني فيه؛ فإنه لو كان راتبه أو مكافأته قليلة وغير مناسبة، فقد يضطر إلى البحث عن عمل آخر، مما يؤثر سلبًا على العملية التعليمية والتربوية.
هذا ما يسر الله جل وعلا لي كتابته وبيانه فيما يتعلق بجمعيات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم في واقعها الآن، وما نأمله ونرجوه منها فيما بعد، فأسأل الله أن ينفع بها، وأن يجعلني سبحانه وتعالى من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته. آمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
المختار الإسلامي
عبد الله بن علي بصفر
هو الدكتور والشيخ الورع القارئ المعروف للقرآن الكريم وإمام أحد المساجد في مدينة جدة
- التصنيف: